تشكل قصور الثقافة جزءًا مهمًا وحيويًّا فى تكوين الوعى الثقافى لدى المواطن، حيث تعد ممثلًا لوزارة الثقافة فى الأقاليم خاصة فى المناطق الحدودية والنائية ويعول الكثير من المثقفين على دورها فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف وتقديم التوعية اللازمة للشباب والاطفال.
فمنذ إنشائها فى منتصف القرن الماضى وهى تسعى لرفع المستوى الثقافى والفكرى. ورغم انتشار قصورها فى ربوع المحروسة وزيادة أعدادها حتى وصلت إلى 580 موقعا ثقافيا إلا أن دورها بدأ فى التراجع خلال الفترة السابقة .. فما هى أسباب هذا التراجع ؟ والعقبات التى تواجهها ؟ وكذلك خطتها لاحتواء أبنائنا ونشر الفكر المستنير بينهم؟
وفى جولة ميدانية لبعض قصور الثقافة وعلى بعد عدة كيلو مترات من القاهرة يقع قصر ثقافة شبين القناطر والذى يقوم بأعماله من داخل شقة بالدور الأرضي مساحتها 65 مترا مكونة من حجرتين تضم خمسين موظفا لا يجدون مكانا للجلوس، وتشيرمنيرة على حنفى مديرة القصر الى أنهم يقومون بأعمالهم فى مكان متهالك ، وان نشاط القصر شبه متوقف لأنه غير معد لاستقبال الرواد ،رغم أن هناك قصرا يقع على مساحة 1040 مترا تم الانتهاء منه منذ عام 2012 وتم تسليمه إداريا عام 2014 وتم إعداد الفرش وأجهزة التكييف إلا أن العمل متوقف بالمبنى لاستكمال إجراءات الحماية المدنية ، وقد طالبت رئيس الهيئة رسميا بسرعة الانتهاء من أعمال القصر، وقدم المحافظ استجوابات لوزير الثقافة ، حتى نستطيع تقديم الأنشطة لأهالي المنطقة خاصة إننا نتواجد فى منطقة تجمع مدارس فنية وصناعية وتجارية وثانوية ونستطيع استقطاب هؤلاء الشباب وتوجيههم واكتشاف مواهبهم ،ونحن نتوجه إلى وزير الثقافة ورئيس الهيئة لسرعة افتتاح قصر ثقافة شبين .
أرض السوق القديم
وتوقفنا أمام قصر ثقافة روض الفرج بحى شبرا والذى بنى على أرض السوق القديم ذات المساحة الشاسعة ويقع فى منطقة ذات كثافة سكانية عالية, وأوضح لنا محمد شحات مدير القصر أن خطة القصور الجديدة لمواجهة الإرهاب من خلال برنامج « ثقافتى مدرستى» وهو بروتوكول تعاون مع إدارة روض الفرج التعليمية بعمل قوافل للمدارس لإقامة ندوات توعية للطلبة واكتشاف المواهب ،بالإضافة إلى إقامة القصر للعديد من الاحتفالات فى المناسبات والأعياد المختلفة وتقديم الحفلات الفنية للموسيقى العربية والفنون الشعبية والمسرح مثل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والذى تم تأجيلها نظرا لظروف تفجير الكنيسة البطرسية وتم تعديلها إلى الاحتفال بالمولد النبوي وميلاد المسيح عليه السلام معآ في يوم واحد لتوجيه رسالة للإرهاب الذي لا دين له، وتأكيدا على أن أهل مصر في رباط إلي يوم الدين، وأكد أن القصر يتمتع بالإقبال الشديد على أنشطته من كل الفئات ، ولديه صفحة رسمية على الإنترنت لعرض الأنشطة التى يقدمها .
كافة الأنشطة
وأشار حسين صبرة رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية إلى أن هناك 580 موقعا ثقافيا على مستوى الجمهورية ما بين قصور ثقافية فى عواصم المحافظات تقدم كافة الأنشطة الثقافية والفنية كالمسرحيات والإنشاد الدينى وغيرها وبيوت الثقافة فى المراكز التابعة للمحافظات وفيها مكتبات عامة وأخرى للطفل وأندية أدبية وأخرى للمرأة والطفل والمكتبات فى القرى ويمكنها استقبال أية أنشطة من المواقع الأخرى .. وعلى الرغم من أن هذه المواقع تحاول القيام بدورها على أكمل وجه إلا أن دورها ومجهوداتها تظل غير ملموسة رغما عنها وذلك لأسباب ليست خافية على أحد بل أنها تكاد تنحصر فى ضعف الميزانية ..فيكفى أن نشير إلى أن هناك قصور ثقافة لم يكتمل بناؤها حتى الآن رغم البدء فى إنشائها منذ 5 سنوات !! مثلما هو الحال فى طنطا والمنيا وذلك بسبب عجز فى الإمكانيات المادية ناهيك عن البيروقراطية فى الإجراءات الخاصة بالحماية المدنية, فنحن فى مأزق حقيقى لأن نصف ميزانية الهيئة «تبتلعها» أجور الموظفين البالغ عددهم 16 ألف موظف !!
ويطالب حسين صبرة بضرورة إنشاء صندوق خاص للمواقع الثقافية له ميزانية مستقلة تمكنها من أداء دورها الريادى لاستقطاب الشباب .. فمن غير المنطقى أن تظل الميزانية المخصصة للأنشطة الثقافية بالمواقع على مستوى الـ27 محافظة هى 50 مليون جنيه سنويا منذ 5 سنوات دون أية زيادة, خاصة فى ظل الارتفاع الشديد فى أسعار الخامات وبعملية حسابية بسيطة نجد أن نصيب الفرد من هذه الأنشطة يعادل 33 قرشا !! (وذلك بقسمة ميزانية الأنشطة على عدد السكان ) وقد كانت هناك توصية فى مجلس النواب برفع المخصصات المالية للمواقع الثقافية ليبدأ العمل بها اعتبارا من العام المالى 2016 / 2017 ولكن وزارة المالية لم تبت فى الأمر حتى الآن .. وهناك بالفعل حاجة ملحة لذلك خاصة بعد وضع خطة للنهوض بهذه المواقع تتمثل فى بروتوكولات تعاون بينها من جهة وبين مراكز الشباب ووزارة التربية والتعليم ومنظمات المجتمع المدنى من جهة أخرى لتقديم الأنشطة الثقافية من خلالهم .