بعد التطورات المذهلة التي حصلت في المنطقة خصوصاً في لبنان وسوريا .. يتبادر الى الذهن سؤال مهم كيف سيكون المشهد القادم في العراق الذي يعتبر الذراع المتبقي لايران .. تضاربت الاراء وكثرت التوقعات والتخمينات التي تنبئ بأن شيئاً ما سوف يحدث في العراق، ولكي نتعرف الى ما هو اقرب للحقيقة لابد من متابعة التقارير الدولية الصادرة عن مقربين من اصحاب القرار والتي أشار الكثير منها الى ان ما حدث في لبنان سوريا ليس فقط رغبة دولية لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة وانما خارطة جديدة لإنهاء حكم الإسلام السياسي الذي تقوده ايران التي كانت وراء كل الأزمات في العالم الإسلامي وفق مشروع تصدير الثورة، وان سبب تلك الرغبة تعود الى عدم قدرة اتباع ايران على التعايش مع الشعوب المتنوعة الأطياف سواء في داخل بلدانهم او خارجها والاكثر من ذلك فشلهم في استمرار التحالف او التعاون مع الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة التي ساندتهم وساعدتهم في الوصول الى السلطة في اكثر من دولة وبالاخص العراق .. لهذا كثير من المراقبين وجّهوا اللوم الى الولايات المتحدة بسبب قيامها غض الطرف عن كثير من القوى التي كانت تمارس القتل والتهجير من اجل توسيع قاعدة الاسلام السياسي الشيعي سواء في لبنان او اليمن او العراق او سوريا، وقال احد الإعلاميين العرب، الان تيقنت امريكا عن قناعة متأخرة من اكذوبة شيطنة السنة وتوصيفهم بالدواعش مثلما تيقنت بشكل جازم بفشل التحالف مع قوى الإسلام السياسي الشيعي الذي غالباً ما كان يمارس المراوغة والخداع والتقية إلى ان وصل الحال بالضربات المتكررة على القواعد الأمريكية وعلى سفارتها في بغداد تلبية لرغبة نظام ايران لغرض إرباك الوجود الأمريكي على أمل اخراجهم من العراق .. وذكر مايكل نايتس، وهو متخصص في الشؤون العسكرية والامنية في الشرق الأوسط ودول الخليج في معهد واشنطن ان دونالد ترامب سيتخلى عن العلاقة المتكاملة مع العراق وسيركز على إنهاء النفوذ الإيراني بحزم .. وقال احد الناشطين العراقيين في كاليفورنيا، امريكا باتت تعتبر اقطاب العملية السياسية في العراق ناكري جميل بسبب تحشيد حالة العداء ضدها لصالح ايران نتيجة الاصطفاف المذهبي، متناسين تسليمهم الحكم على طبق من ذهب في العراق .. واشار الى ان الدول الكبرى سرعان ما تتخلى عن حلفائها بعد انعدام الثقة وتباعد المصالح المشتركة بالاضافة الى انحسار التأييد الشعبي لهم من قبل شعوبهم، وقال ان أمريكا البرغماتية لا يهمها من يكون البديل مصنف أرهابي او سني او علماني مثلما حاربت طالبان على مدى سنين ثم سلمتهم الحكم في افغانستان، وكذلك اليوم النصرة في سوريا التي استلمت الحكم بعد ان كانت مصنفة منظمة ارهابية .. وذكر ان هذا التغيير في الموقف الأمريكي والغربي ولّد الهزائم التي منيت بها ايران واتباعها في غزة ولبنان بعدما صرفت المليارات من قوت الشعب الإيراني والعراقي وفي النهاية تبدد كل ذلك في أشهر وايام، والمفاجئة الأكبر سوريا التي تعتبر مركز ثقل استراتيجي للنظام الإيراني وان ما حصل فيها يعد ضربة قاصمة لاستراتيجية ايران بسبب قطع شريان الوصل الذي يربط طهران وبيروت وذلك ما يؤكد انهيار مشروع التمدد الإيراني القائم على فرضية تصدير الثورة .. وذكر ان امريكا سأمت من استمرار دعم هؤلاء والانتقال إلى الخطة ب بإزاحتهم من المشهد تدريجياً لحين الانفراد برأس الافعى التي قاربت ان تكون مجردة من ذيولها واصبحت لاعب احتياط في المنطقة بعد سحب الغطاء عنها، والدور على ما تبقى من اتباعها في العراق لانه بات من غير المقبول دولياً اعادة تموضع ايران انطلاقاً من جبهة العراق لان المجتمع الدولي في ظل المتغيرات الجديدة لم يعد يقبل ان يكون العراق حيزاً جغرافياً لإعادة تكوين النظام الإقليمي القائم على سيطرة ايران على دول المنطقة وفق مفهوم تصدير الثورة الذي رفع الغطاء عنه، لذلك على الشعب العراقي ان لا يدفع ثمن الدفاع عن شيئ منتهي الصلاحية لان المتحول الإقليمي فرض واقع جديد جعل ليس بمقدور العراق اعادة النظام السوري المنهار ولا بمقدوره الدفاع عن ايران، واكد لم تجزي نفعاً حكومة بغداد إعلانها عن عدم التدخل في دعم بشار الاسد عسكرياً لان الجميع يعلم انقياد الأحزاب الحاكمة في العراق وراء اجندات حكومة طهران، ومعروف تاريخ تبعية النظام السياسي في العراق الى ايران الذي استمر عقدين من الزمان رغم كل التحذيرات، مما يدل على ان هذا النظام غير قادر على الانسلاخ من عباءة ملالي طهران طالما الحكم يستمد منهجه السياسي من رجال الدين الذي أزهرت في ربوعه الفتنة الطائفية والقتل على الهوية والملاحقة والانتقام والاجتثاث والجريمة المنظمة، ناهيك عن الفساد والسرقات الممنهجة وغسيل الأموال .. واشار ناشط عراقي آخر إلى هيمنة الميليشيات على الجيش والدولة، بالإضافة إلى اذلال الشركاء وعدم الإيفاء بالوعود في اعادة المهجرين وإطلاق سراح المغيبين فضلاً عن فتح الحدود لدخول المخدرات وملايين الغرباء من افغان وباكستانيين وإيرانيين ومنحهم الجنسية العراقية لإحداث تغييرات ديمغرافية في التركيبة السكانية، وشر البلية ما يضحك سرعة تغيير المواقف السياسية والتحول من العنتريات والتهديد بالقتال من اجل إنقاذ نظام الدكتور بشار الاسد إلى مباركة الشعب السوري برحيل الطاغية .. واضاف إلى أن كل ذلك كفيل ان يجعلهم مرفوضين في داخل العراق وخارجه، في الوقت الذي ادرك قطاع كبير من شيعة سوريا ولبنان ان نفوذ ايران خطر عليهم لان الحرب أكدت ان ملالي طهران باعوهم بثمن بخس، فهل يتعض شيعة السلطة في العراق ؟.
وأخيراً يستشف من ما تقدم ان سقوط احجار الدومينو قرار ممنهج حسب ترتيب الأوليات واصبح كل شيئ مرهون بقواعد اللعبة التي بدأت من لبنان ومن ثم سوريا والدور القادم أما على ايران ومن ثم العراق او العكس .. حيث تشير التقارير ستكون البداية ضربات قاصمة على منشآت ايران النووية والنفطية سواء من قبل اسرائيل او امريكا او ضربات مشتركة ربما يكون ترامب هو من اعطي لاسرائيل اشارة البدء بهذا الهجوم من خلال التصريح الذي صدر عنه وهدد فيه بقصف تلك المفاعلات لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، ويمكن ان تكون نتائج تلك الضربة إنهاء النظام الايراني بعد تهييج الشارع ضد حكم الملالي في طهران الذي قد يؤدي إلى تفجير ثورات من الداخل .. وذكرت صحيفة هارتس الاسرائيلية إلى ما قاله قائد سلاح الجو الإسرائيلي بان سلاح الجو يستعد لما سماها بالمهمة الكبرى المقبلة .. وذكر مجموعة من المستشارين الذي عينهم ترامب ومنهم السناتور الجمهوري تيد كروز بقوله أنادي بشكل قاطع من اجل تغيير النظام في ايران واكد سيسقط نظام الملالي وستكون هناك انتخابات حرة وديمقراطية وقال الحرية قادمة ويمكن ان تأتي بسرعة وسوف تدهش الجميع .. ودعى مايكل والتز الذي اختاره الرئيس ترامب مستشاراً للأمن القومي وهو ضابط سابق في الجيش الامريكي بالعودة إلى العقوبات القصوى ضد ايران .. لهذا يرى بعض المحللين الاستراتيجيين في حال سقوط النظام الايراني او الانكفاء داخل حدوده سيكون سقوط نظام بغداد تحصيل حاصل او سهولة العمل على اعادة هيكلة منظومة الحكم في العراق وفق المعطيات الجديدة القائمة على تفكيك سياسة المحاور كما هو الحال تفكيك وحدة الساحات .. وهناك رأي آخر يقول سوف تكون البداية ضربات على ميلشيات وقادة عراقيين بالتزامن مع الحوثيين في اليمن ومن ثم الانفراد بالمحطة الأخيرة ايران بعد اضعافها وتقليم اذرعها بشكل نهائي ..
مما يعني هناك رسالة دولية تؤكد ان الوقت قد نفذ ولم يعد ينفع العناد والمكابرة وسياسة المحاور والتخندق الطائفي لان الخريطة الجديدة قد تم اعدادها ورسمت محدداتها وسوف يتم فرضها بالقوة لمن عصا او أبا.
