أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / فوز اليمين في أوربا  استطلاع الافاق ضرغام الدباغ

فوز اليمين في أوربا  استطلاع الافاق ضرغام الدباغ

اليمين المتطرف فاز في ولاية المانية (تورينغن)، وفار بالمرتبة الثانية بأخرى (سكسونيا)، فما هي مؤشرات هذا الفوز وما هي آفاقه القريبة والبعيدة ..؟

 

توزيع المقاعد / انتخابات ولاية تورينغن/ 2024

12 | يسار

15 | حزب سارة فاغنكنيشت (فصيل يساري)

6 | الاشتراكي الديمقراطي

0 | خضر

23 | المسيحي الديمقراطي

32 | البديل من أجل ألمانيا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

توزيع المقاعد / انتخابات ولاية سكسونيا/ 2024

15 | حزب سارة فاغنكنيشت(فصيل يساري)

10 | الاشتراكي الديمقراطي

7 | خضر

42 | المسيحي الديمقراطي

40 | البديل من أجل ألمانيا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

يتماثل بدرجة كبيرة الأسلوب الذي نجح فيه الحزب النازي من الصعود في الحياة السياسية الألمانية في (ثلاثينات القرن الماضي) مع الاحداث الجارية حالياً(أيلول 2024) من خلال مسربين أساسيين :

 

الأول: تخلخل الموقف في أوربا : أزمات سياسية في بريطانيا وفرنسا، وكساد اقتصادي كبير في الولايات المتحدة.

الثاني :تراجع الوضع السياسي في ألمانيا بسبب نبعات الحرب العالمية الأولى الاقتصادية والأمنية، وثورات وانتفاضات داخلية، وانشقاقات وصراعات بين أطراف العملية السياسية وخصوصاً: الدمقراطي المسيحي، الاشتراكي الديمقراطي، الشيوعي الألماني.

 

والمطلع بدقة على تاريخ أوربا الحديث(أواسط القرن العشرين) يعلم أن فوز الحزب النازي في ألمانيا، مثل المقدمات السياسية للحرب العالمية الثانية،  والحزب النازي الذي تأسس على مراحل منذ عام 1919 واكتنفت عملية التأسيس تجمعات في مدن / ولايات ألمانية متفرقة، ولكن ما لبثت أن إتحدت في تنظيم واحد(  Nationalsozialistische Deutsche Arbeiterpartei / NSDAP) عام 1923 فصاعداً، مقابل تراجع شعبية الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية.، بدأ نجم هتلر بالصعود،

في انتخابات 12 ديسمبر 1929 تقدم الحزب النازي وحقق فوزا مدهشاً، وتسلق البرلمان الألماني وكان عدد اعضاؤه 276 من اصل 387 نائب وبذلك قويت شوكة الحزب وازداد نفوذه في الدولة الألمانية. أما في الانتخابات المبكرة في أيلول من عام/ 1930؛ حيث فقدت الأحزاب الجمهورية تمتعها بالفوز بغالبية الأصوات وكذلك أملها في الدخول مرةً أخرى في حكومة ائتلافية وأثر ذلك، قفز الحزب النازي من مركزه السابق كتاسع أصغر حزب في المجلس الذي ينتمي إليه من مجلسي البرلمان إلى ثاني أكبر الأحزاب فيه.

 

وحين تم تعيين اليميني فرانز فون بابن مستشارا للبلاد، دعا بابن على الفور إلى عقد انتخابات جديدة في يوليو.  وأثناء هذه الانتخابات، تمكن النازيون من تحقيق أعظم إنجازاتهم التي استطاعوا تحقيقها حتى ذلك الوقت عندما فازوا 230 مقعد ليصبحوا بذلك أكبر الأحزاب تمثيلاً في الرايخستاغ. وبعد التصويت على حجب الثقة عن حكومة بابن، تم حل الرايخستاغ بتأييد 84% من نوابه، وتمت الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة في نوفمبر.  ورغم أن النازيين  فقدوا بعضًا من مقاعدهم ولكنهم احتفظوا بوضعهم كأكبر حزب في الرايخستاغ بحصولهم على نسبة 33.1 ٪ من الأصوات. وأخيراً، وافق رئيس الجمهورية على مضض تعيين هتلر مستشارًا يرأس حكومة ائتلافية يشكلها حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني وحزب الشعب الوطني الألماني. وعلى الرغم من ذلك، كان عليه أن يعمل في إطار مجلس الوزراء، أبرز من فيه هو بابن (حليف هتلر) في منصبه الجديد وهو نائب المستشار وفي 30/ يناير/1933، أدى هتلر اليمين كمستشار .

 

وتواصلت مساعي النازيين التي أحسنت استغلال العنف الذي ساد البرلمان وهستيريا معاداة الشيوعية والوسائل التي كانت الحكومة تستخدمها في الدعاية. وفي يوم الانتخابات: 6/مارس، زادت النسبة التي حصل عليها الحزب النازي (NSDAP) إلى 43.9 ٪ من الأصوات ليحتفظ بأكبر نسبة للتمثيل في البرلمان، ولكن اخفاقه في تحقيق أغلبية مطلقة أفسد فرحة الانتصار الذي تمكن من تحقيقه مما فرض عليه أن يحافظ على الائتلاف الذي شكله مع حزب الشعب الوطني الألماني(فون بابن). وحين توفي رئيس الجمهورية باول فون هيندنبورغ في ا2/ آب في عام 1934، فقدت ألمانيا شخصية مؤثرة قادرة على الوقوف بوجه النازيين، وفي عام 1938، تمكن هتلر من انتزاع منصب القائد العام للقوات المسلحة، فتمت له السيطرة التامة على البلاد.

 

اليوم عكست انتخابات أيلول / 2024 الولايات: توينغين، وسكسونيا، حالة التشرذم الدي تمر بها ألمانيا. فداخلياً ينقسم اليسار الألماني : الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب اليسار، حزب سارة فاغنكنشت، الخضر، الحزب الشيوعي الألماني إلى عدة أجنحة. الحزبان اليمينيان: الحزب الديمقراطي المسيحي، الحزب الاجتماعي المسيحي (البافاري) أما الحزب الليبرالي (FDP)  فهو حزب يصعب وضعه على أتجاه محدد. وهناك قضابا عديدة تؤثر على الموقف الداخلي، التي تفترق عندها الآراء وهي: المهاجرين واللاجئين، المستحقات الاجتماعية، أما ابرز الموضوعات الخارجية، فهي السياسة الأوربية، السياسة عبر الأطلسي(الولايات المتحدة / كندا/ استراليا) الموقف من روسيا وحرب أوكرانيا، العلاقة مع الولايات المتحدة. وقضايا فرعية أخرى.

أما الحزب اليميني (البديل من أجل ألمانيا / AFD) يمتلك رؤيته الخاصة، ولا يعبأ كثيراً للموقف داخل الاتحاد الأوربي، ولا لحلف الناتو، ويعتقد بعدم جدوى الحروب وأشباه الحروب التي تجر أمريكا ورائها حلفائها، ويعتقد كثير من الألمان أن حزب البديل  يمتلك رؤى، وحلول حاسمة للوضع الاقتصادي الداخلي، وللمشكلات التي تعاني منها ألمانيا، والنجاح الداخلي والخارجي، سيقود ألمانيا كدولة وسياسة واقتصاد إلى نجاحات مهمة، إذ يعتقد كثير من المواطنين الألمان، أن بلادهم خسرت الكثير من أجل الاتحاد الأوربي، وأنقذت دولاً أوربية عديدة من مهاوي الإفلاس، أكثر من ذلك … أن السياسة الألمانية التي تأسست على يد المستشار الأول بعد الحرب العالمية الثانية كونراد أديناور منذ عام 1949، أصبح بحاجة ماسة إلى تصحيحات وترميمات.

هناك مؤشرات مباشرة وغير مباشرة، عن جرد لملفات الأربعينات والخمسينات الأوربية، وإن أي إشارة ولو تلميحاً لذلك فقد يعني فتح حسابات صعبة، نهضت فيها دول، وخسرت فيها دول, وبالطبع الألمان كانوا في مقدمة الخاسرين، وملفات كهذه يمكن أن يكون البحث فيها صاخباً، والنتائج فيها ثقيلة.

ودون ريب، أن التطورات المماثلة التي تجري في أقطار أوربية أخرى (فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، هولندة، النمسا، جيكيا)، وحتى تلك المحتملة في الولايات المتحدة الأمريكية، قد تحمل آثارا كبيرة وتفرعات صغيره، على الموقف في أوربا وتحديداً البلدان التي يحكم في اليمين، أو تلك المرشح فيها للصعود.

وكل هذه المرتسمات، إلى جانب الصعود التاريخي للصين، واحتمالات الحرب الروسية / الأوكرانية، ستمنح هذه التطورات ابعادا جديدة … هناك في أوربا من يعتقد أن أعوام الرخاء مضت بلا رجعة وهو توقع مثير ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *