الرئيسية / عالمي / نتانياهو حائر بين صفقة التبادل والمنصب

نتانياهو حائر بين صفقة التبادل والمنصب

يعتبر بعض منتقدي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، أن هناك “شخصيتين منه”، الأولى تتصرف بشكل عملي في حكومة الحرب المصغرة التي شكلها مع بعض منافسيه الوسطيين، والثانية “رهينة” لدى أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم، وبات أمامه الآن الاختيار بين إحدى النسختين، حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز  الأميركية.

وأشار التقرير إلى أن “النسخة الأولى البراغماتية شكلت حكومة الحرب لكسب شرعية أمام العامة”، والنسخة الثانية “تواجه مشكلة من اليمين المتطرف الذي يضمن بقاء نتانياهو السياسي ويعارض أي تنازل أمام حماس”.

وأضافت الصحيفة أن نتانياهو، طالما تمكن من التوفيق بين “التنافس القائم بين المصالح الشخصية والأخرى السياسية والوطنية”، لكن الآن عليه الاختيار بين “بقاء حكومته المتشددة أو إعادة الرهائن المختطفين في غزة إلى وطنهم”.

والجمعة، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، عن “مقترح إسرائيلي” من 3 مراحل لإنهاء الحرب في غزة، داعيا جميع الأطراف إلى عدم تفويت فرصة التوصل لصفقة تنهي النزاع المستمر منذ أكثر من 8 أشهر.

وقال في خطاب أدلى به في البيت الأبيض بشأن الوضع في الشرق الأوسط، إن إسرائيل “قدمت مقترحا لوقف مستدام لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن من 3 مراحل”، وقد تم إرساله إلى حماس عبر قطر.

وتعهد الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، الأحد، بدعم نتانياهو، لإتمام صفقة للإفراج عن الرهائن، في إطار المقترح الذي أعلنه بايدن، وذلك بعد ساعات من الإنذار الذي وجهه وزيرا الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، والمالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى نتانياهو، مهددين فيه بإسقاط الحكومة الائتلافية إذا دخل رئيس الوزراء في اتفاق بشأن غزة يتضمن إنهاء الحرب “دون القضاء على حماس”.

وقال بن غفير، زعيم حزب القوة اليهودية المتطرف، إن مثل هذا الاتفاق سيكون “تهورا وسيشكل انتصارا للإرهاب وتهديدا للأمن القومي الإسرائيلي”.

فيما ذكر سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، أنه “لن يبقى في الحكومة إذا لم يتواصل الهجوم على غزة حتى يتم تدمير حركة حماس وإنقاذ جميع الرهائن”.

“نهاية الغموض؟”

قال محللون لـ”نيويورك تايمز” إن نتانياهو “أصبح أمامه القليل من الوقت لاتخاذ قرار”، وذلك بعد المقترح الأخير.

وكتب المحلل الإسرائيلي بن كاسبت، الأحد، في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن بايدن “أخرج نتانياهو من خزانة الغموض وعرض بنفسه مقترح نتانياهو”، ثم سأل الكاتب: “هل يدعم بيبي (اسم الشهرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي) مقترح نتانياهو؟ نعم أم لا”.

وقالت الصحيفة إن الإسرائيليين “كان عليهم تحليل بيانين” من مكتب نتانياهو بعد خطاب بايدن، حيث لم تؤيد التصريحات المقترح بقوة ولم تنكر في الوقت نفسه أن إسرائيل هي من قدمته. واعتبرت نيويورك تايمز أن هدف صياغة البيانين بتلك الطريقة هو “ترك الخيارات مفتوحة” أمام نتانياهو.

وتواصل موقع “الحرة” مع مكتب المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير غندلمان، السبت، لاستيضاح ما إذا كان المقترح الذي علّق عليه نتانياهو هو نفسه الذي أعلنه بايدن، وما إذا كان مقدما من طرف الحكومة، وإذا كان بيان نتانياهو يمثل رفضا أم قبولا للمقترح.

وردا على أسئلة الحرة، أرسل غندلمان بيانا جاء فيه: “الحكومة الإسرائيلية موحدة في رغبتها باسترجاع مخطوفينا قريبا، وتعمل على تحقيق هذا الغرض، لذا خوّل رئيس الوزراء الفريق التفاوضي بتقديم مخطط لتحقيق ذلك، مع الإصرار على أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق كامل أهدافها، بما فيها استرجاع جميع المخطوفين والقضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية”.

وتابع: “المخطط الدقيق الذي عُرض من قبل إسرائيل، بما في ذلك الانتقال المشروط من مرحلة إلى أخرى، يمكّن إسرائيل من الحفاظ على هذه المبادئ”.

ولفتت “نيويورك تايمز” أن الغائب في البيانين الإسرائيليين هو “هدف نتانياهو” الذي أعلن عنه في كثير من الأحيان، المتمثل في “النصر الكامل” على حماس في غزة، وهو الشعار الذي رفضه بايدن في خطابه باعتباره “هدفا غامضا قد يعني استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى”.

اليمين المتطرف أولا؟

وبناء على تجارب سابقة، شكك محللون إسرائيليون في استعداد نتانياهو للتخلي عن شركائه في الائتلاف اليميني المتشدد، حيث قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، رؤوفين حزان، إن هذه الخطوة تتطلب “نتانياهو جديدا”.

وتابع: “كلما كان عليه الاختيار بين ما هو جيد للبلاد أو متعصبيه المتطرفين أو حتى حزبه، كان يفضّل دائما المتعصبين المتطرفين”، مضيفا لنيويورك تايمز، أن نتانياهو “يعرف جيدا كيف يقول عبارة (نعم، ولكن..) للأميركيين، ثم ينتظر أن تقول حماس لا، ويبدأ في المماطلة إلى أبعد وقت ممكن”.

وأشار حزان إلى أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر، وجدولها المزدحم، يحتاج نتانياهو فقط إلى اعتماد “سياسات البقاء”، قبل أن تبدأ الإدارة الحالية التركيز على الانتخابات.

وسأل: “هل نتانياهو مستعد للتحول 180 درجة والقيام بما هو جيد للبلاد؟”، وأضاف: “خطاب الرئيس بايدن لا يعني أن لدينا نتانياهو جديدا”.

ويتضمن المقترح “الإسرائيلي” الذي طرحه بايدن 3 مراحل، ويختلف عن المقترحات السابقة إذ ينص على استمرار وقف إطلاق النار مع تقدم الأطراف في كل المراحل الثلاث، وفق رويترز.

خلال الفترة الأولى التي تشمل هدنة تستمر 6 أسابيع، تنسحب القوات الإسرائيلية من المراكز السكانية بغزة ويجري تبادل الرهائن بمن فيهم كبار السن والنساء بمئات من السجناء الفلسطينيين.

وقال بايدن إن المدنيين الفلسطينيين سيعودون إلى القطاع، بما في ذلك إلى شمالي غزة، وسيتم إدخال 600 شاحنة مساعدات إنسانية إلى القطاع يوميا.

وفي المرحلة الثانية، ستتفاوض حماس وإسرائيل على شروط وقف دائم للأعمال القتالية. وأوضح الرئيس الأميركي أنه “سيستمر وقف إطلاق النار ما دامت المفاوضات مستمرة” وذلك في تطور جديد.

وستتضمن المرحلة الثالثة خطة رئيسية لإعادة إعمار قطاع غزة.

من جانبه، دعا زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، السبت، نتانياهو، إلى “عدم تجاهل كلمة بايدن بخصوص غزة”، وقال إن “هناك اتفاقا على الطاولة يتعين إبرامه”.

وقال لابيد في منشور عبر منصة “إكس”: “المعارضة الإسرائيلية ستدعم نتانياهو في اتفاق رهائن، إذا تعنت شركاؤه من اليمين المتطرف”.

بدوره، وجه زعيم حزب العمل الإسرائيلي المعارض، يائير غولان، رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، مطالبا إياه بالتحرك لمنع أي مسؤول من “إحباط” الصفقة التي عرضها الرئيس الأميركي.

وقال غولان في رسالته إن “الجميع لديه مسؤولية قيادية وأخلاقية وتاريخية بإطلاق سراح الرهائن”، داعيا إلى الخروج للتظاهر الليلة والمطالبة بصفقة فورية.

واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *