بقلم : طلال بركات
عندما قامت اسرائيل في ضرب القنصلية الايرانية في دمشق لم تكن هناك مؤشرات مسبقة للضربة بل كان عنصر المباغتة قد فاجئ الجميع وكانت الخسائر معبرة عن النية الحقيقية للاستهداف دون تطبيل ولا تزمير بالرغم من عدم اعتراف اسرائيل بشكل رسمي بالضربة.
وبالمقابل قررت ايران الرد او لابد من الرد لرد ماء الوجه كما اشار وزير خارجية ايران في الامم المتحدة واستمر موضوع السجال الاعلامي اكثر من اسبوعين بين تطبيل وعنتريات وامريكا كانت في مقدمة من ضخم الموضوع كأن القيامة سوف تحصل بعد الرد الايراني المخيف فضلاً عن توسل بايدن بأن ليس لامريكا دور في الضربة الاسرائيلية على القنصلية في دمشق، وكذلك بريطانيا كأنهم يرتعشون من الرعد الايراني المرعب بالاضافة الى هلع الاعلام العربي والاعلام المأجور والمخدوع الذي يبث افلام الرعب والخوف كأن ايران سوف تزلزل الدنيا.
مما يعني ان الجميع قام بنفخ ايران والخوف من ردها المخيف بعدما اغلقت الاجواء واقفلت المطارات الى ان تمخض الجمل وانجب فأراً نتيجة هزالة الضربة الايرانية التي عكست قدرات ايران التي روج لها على مدى اكثر من عقدين من الزمان بأنها البعبع الذي تخشاه الجبابرة حتى تبين انه نمر من ورق وصواريخها العمياء تتساقط هنا وهناك بعدما انجلى الموقف بأن الامور سارت وفق مفهوم الالتزام بقواعد الاشتباك وظهرت بعض الصواريخ من غير حشوات والبعض الاخر سقط في اماكن غير مأهولة ولم يتم الاعلان عن اضرار لا في الممتلكات ولا في الارواح واصبحت تلك الضربة محط سخرية الشعب الايراني قبل شعوب دول المنطقة والعالم، وبالشكل الذي لا يتناسب مع التهويل الذي سبق الرد الايراني وانما يتناسب مع هزالة قدرات ايران بعد الرد.
والمضحك هنا اذا كانت هذه قدرات ايران الحقيقية فتلك مصيبة واذا كان هناك اتفاق على ضربات محدودة وفق الالتزام بقواعد الاشتباك فالمصيبة اعظم .. بمعني ان العداء الايراني لأمريكا واسرائيل ليس الا عداء مصطنع نابع من اقوال دون افعال، أي صراع فوق الطاولة واتفاقات تحت الطاولة .. اما الموضوع الاهم وهو ان العالم يترقب رد الفعل الاسرائيلي على الزربة الايرانية، حيث نشاهد نفس التهويل ونفس المخاوف والتحذيرات من الضربة الاسرائيلية القادمة التي باتت هذة المرة بعيدة عن المباغتة والمفاجئة كما حصل في المرة الاولى، أي ان اطالة مدة الرد تؤكد بأن هناك اتفاقات تجري كما جرت في العاصمة العمانية مسقط لتحديد حجم الضربة الايرانية على اسرائيل ونوعية الاسلحة ومدى التأثير الذي لا يتجاوز صدى القنابل الصوتية التي تعوي ولا تعض مما يمكن القول ان هذا المسلسل من الرد والرد المقابل محصور في كلمات اغنية رد واني رد ونشوف ياهو اليكذب اكثر، حيث هناك من يضخم الامور بأن الهدف هو المفاعلات النووية وآخرين يدعون الى ضبط النفس وعدم التصعيد واذا بالرد الاسرائيلي ضرطة في اصفهان ليس لها صوت ولا رائحة، مما يعني ان الامر لا يعدو سوى سيناريو في اطار الافلام الهندية معد للطرفين وسط ردود افعال دولية بين الاخذ والرد والتهويل والتضخيم، بينما هناك من يريد التشفي وهناك من يتوسل بعدم التصعيد وكله ضحك على الذقون حتى تبين ان اللعبة باتت مكشوفة بعد هذا السجال الصاروخي الذي ظهر الغرض منه ايهام العالم بان هناك عداء اسرائيلي غربي ضد ايران لكي تطوى جراحات غزة في وادي النسيان.
واخيراً لابد من الاشارة الى ان توقيت الضربة جاء متزامن مع الفيتو الامريكي ضد قبول عضوية دولة فلسطين في الامم المتحدة لكي ينشغل العالم والاعلام بالضربة الاسرائيلية للتغطية على نفاق امريكا وكذبها في تأييد حل الدولتين .