الرئيسية / منوعات / تخوضها الدولة.. معركة «ضرب» الفساد

تخوضها الدولة.. معركة «ضرب» الفساد

الفساد آفة مجتمعية خطيرة تفوق خطر الإرهاب ، بل إنه يخلق بيئة خصبة لنمو الإرهاب ، ويعوق خطط التنمية الاقتصادية ، ولا يشجع المستثمرين على ضخ أموالهم فى البلد ، ويصيب المواطن بالإحباط ..

وللفساد أشكال عديدة مثل الرشوة واستغلال النفوذ والتهاون فى تطبيق القانون وتعظيم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة والاضرار بها ، وأسبابه عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية ، فغياب الشفافية والفقر وضعف الوازع الدينى وانهيار منظومة القيم ساعد على انتشاره وتوغله فى مفاصل الدولة على مدى العقود الأخيرة .فهل تستطيع الأجهزة الرقابية مواجهة الفساد والقضاء عليه ؟ وما هو دور المواطن فى هذه المواجهة ؟

بحسب بيانات الأمانة الفنية للجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد قفزت مصر 36 مركزا فى مؤشر مكافحة الفساد حيث تحركت من المرتبة 101 الى 65 عالميا .

ويجب عدم إغفال الدور الحيوى للرقابة الإدارية خلال الأشهر الأخيرة وضرباتها الناجحة فى الكشف عن بؤر الفساد فى قطاعات حساسة بالدولة ، وقد خصصت خطا ساخنا هو 16100 لتلقى اى بلاغات عن الفساد ، وينبغى ان ندرك ان المعركة ليست فقط مسئولية الاجهزة الرقابية ، بل المجتمع كله .

من جانبه يقول الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن الفساد أخطر آفة يمكن أن تصيب المجتمع، وهو أخطر من الجهل والمرض والفقر ، لانه سبب هذه العلل جميعا ، ويصيب المواطن العادى بالإحباط ويتحول الى شخص غير منتج، والمواجهة الجادة هى بداية القضاء عليه بشرط أن تكون شاملة ومعلنة وبمعايير واضحة مثلما واجهنا الإرهاب .

التشريعات والثغرات

ويلتقط الدكتور شوقى السيد (الفقيه القانوني والدستوري) خيط الحديث مؤكدا ان المسألة لاعلاقة لها بالتشريعات بل بوجود ثغرات داخل مؤسسات الدولة , وهذا يتطلب تكاتف جهود الأجهزة الرقابية المعنية من أجل تدقيق الرقابة داخل المؤسسات لمنع انتشار الفساد والتصدى له حماية للبلد وللمواطنين وعملا بمبدأ «منع وقوع الجريمة أهم من التصدى لها» ، نحن بحاجة لحصار ورقابة داخلية لمؤسسات الدولة بل وتطهيرها وحماية العاملين بها ، حتى من أنفسهم ، وغلق الأبواب التى يمكن ان يتسرب منها الفساد الذى يسيء لسمعة الوطن ، والتشريعات القائمة كافية والمهم تطبيقها ، وفى رأيى من يتحجج بتغيير القوانين يستخدم شماعة أو حجة للهروب، فالقاضى هو المشرع والمهم هو تطبيق العقوبة ، وعلى الجميع التكاتف للتصدى للفساد خاصة ان مصر من أوائل الدول التى وقعت على اتفاقية مكافحة الفساد بالأمم المتحدة.

جيوب الفاسدين

ويرى الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية ان التنمية الاقتصادية لا يمكن ان تتحقق فى ظل مناخ يعانى الفساد ، لأن العائد سيصب فى جيوب الفاسدين وحدهم ولن يؤتى ثماره للبلد أو الفقراء ، وحتى المستثمر الذى سيأتى لن يكون جادا بل سيكون من الذين يبحثون عن الربح السريع والهروب به للخارج ولا تكون نيته استثمارا حقيقيا منتجا .

وللأسف الفساد يجعل المستثمر الجاد يفكر ألف مرة قبل أن يأتى ، ودائما يختار البلد الذى تكون نسبة الفساد به ضئيلة ليكون آمنا على أمواله واستثماراته ، فهو يريد شفافية ووضوحا وقوانين تطبق وعدالة ، كما أن المستثمر يخشى على استثماراته ان تدخل منظومة الفساد الذى يتغلغل فى كل القطاعات اذا ما ترك دون مقاومة لأنه يحد من الطاقات ويؤدى الى ارتفاع تكلفة اى عملية انتاجية حتى على المنتج المحلى مما يرفع سعر السلعة ويضيف عبئا على المواطن ، وفى ظل وجود فساد لن يزيد الانتاج ولن تنجح المشروعات الصغيرة لانه سيعوقها مما يسهم فى استمرار البطالة ، وانهيار احلامنا فى التنمية .

والحل فى مواجهة شاملة للفساد وارادة شعبية تشعر بهذه الجدية وتقتنع بها ، وهنا يجب ان نشكر الأجهزة الرقابية التى تتصدى للفساد وتقوم بعملها على اكمل وجه ، ومطلوب ان نرسخ مبدأ الخبرة وليس أهل الثقة لأنه باب للفساد ، وليكن من الآن مبدأنا فى اختيار أصحاب المناصب من بين أهل الخبرة والكفاءة والنزاهة، ويطبق ذلك فى كل مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات .

الفاسدون يتساقطون

يقول الدكتور سيد عتيق أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائى بجامعة حلوان إن تعليمات الرئيس السيسى للأجهزة الرقابية بمواجهة الفساد تعطى انطباعا بجدية الارادة السياسية فى محاربة هذه الظاهرة ، وبدأ الفاسدون يتساقطون ، ولدينا قوانين رادعة بعقوبات كافية ، وآية ذلك ان المشرع جرم الرشوة بكل صورها حتى لا تعتبر الوظيفة العامة مغنما.
وأطالب بتعديل قانون الكسب غير المشروع حتى يتلاءم مع ظاهرة الفساد.

هناك أيضا الحماية الجنائية من الممارسات الاحتكارية لو ان هناك رجل أعمال أدين بالممارسة الاحتكارية وتربح من ورائها ملايين الجنيهات نجد الغرامة المقررة ضئيلة للغاية لا تتناسب مع ما حققه من أرباح وما تسبب فى أضرار بمصالح الوطن والمواطنين، مثل هذه العقوبات وهى فى صلب الفساد تحتاج لتعديل، وأخيرا مطلوب ان يكون للمواطن دور فى الابلاغ عن الفاسدين أينما وجدوا، وتخصيص مكافأة لذلك ، لابد ان يكون كل فرد ايجابيا.

تاريخ طويل

تقول سعاد الديب (رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك) : الفساد مستشر منذ سنوات طويلة ولم تكن هناك مواجهة له برغم وجود قوانين رادعة.
الآن الدولة تحارب الفساد الذى يعوق خطط التنمية ويحرم الدولة من مناخ حقيقى للاستثمار الاجنبي.

طرق غير مشروعة

للدكتورة هدى زكريا أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق رؤية تحليلية لظاهرة الفساد تقول : الفساد قضية قديمة بدأت فى السبعينيات حيث ظهرت الفهلوة مسيطرة على المناخ الاقتصادى وطغى المناخ الاستهلاكى على حساب الانتاج ، وبدأنا نسمع عن مهربين وتجار عملة ، وظهرت طبقة جديدة طفت على السطح تملك المال الذى تربحته بطرق غير مشروعة أو بالفهلوة قيم جديدة هى «المادة» وفكر جديد يقوم على الفساد وبدلا من ان نسمع مقولة «من جد وجد « أصبحنا نسمع «امتلك أكثر تصبح أعظم» أو «معك جنيه تساوى جنيه» و»من لايملك لا يساوى» .

و«ضرب الفساد يكون بالشفافية» ، وهى كلمة استخدمها الرئيس فى خطابه ، وهو يعنيها ،لأن الشفافية تجعل كل الممارسات الادارية بالدولة تحت المجهر لكى يشعر الفاسد بأنه مراقب وهناك أعين ترصده . مع مواجهة الفساد حاليا أشعر بأننا على بداية الطريق نحو التطهير .

دور الاعلام

ويرى الدكتور سامى عبد العزيز أستاذ الأعلام بجامعة القاهرة ان الإعلام ينبغى ان يكون هو المبادر بأن يوضح للمواطنين أشكال الفساد ، لأن الصورة الذهنية لديهم ان الفساد مرتبط بالرشوة، لكن الحقيقة ان هناك اشكالا أخرى أخطر مثل المحسوبية والأيدى المرتعشة ، وعدم تطبيق القانون او مخالفته .وللاسف المواطن ساعد بنفسه على نشر الرشوة لدرجة انها اصبحت جزءا من حياتنا اليومية، ولابد ان يتغير هذا السلوك من الآن لدى الموظف والمواطن .

وأنصح المواطن ان يكون هو أول مسئول رقابى وأن يبلغ الأجهزة الرقابية عن اى فاسد ، باختصار ان يكون فى مقدمة الصفوف فى الحرب على الفساد.

 

2017-636194175305485669-548

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *