لقد شاعت نظرة مؤسفة للمرأة فى كثيرٍ من البلاد ، لا يريدون لها أن تحتفظ بشخصيتها وحقوقها وكأنها شيئاً لم يكن . كما كان عليه الناس فى الجاهلية من اضطهاد للمرأة وأكل لحقوقها واحتقارها وكانت سلعة تُباع وتُشترى فى الأسواق ، لا ميراث لها ولا حقوق لها، وما كان يحمله الناس من اعتقادات بأنها تجلب العار لأهل بيتها، إن بُشَّر بها والدها ظل وجهه مسودًا ولم يقتصر الأمرعلى ذلك بل أنَّ الكثير من الرجال فى هذا العصر أَيْضًايعتبرون النساء ضمن ممتلكاتهم الشخصية. هل فات عصر الجاهلية وولى ، أم نعيشه حتى الآن ؟
لقد جاء الإسلام ليرفع من شئنها وقدرها ، كرمَها اللهُ عزوجل، وشرفها فى أعلى مقاماتِ التكريم ، التى لا يتسعُ المقامُ لذكرها . وهناك الكثير من الرجالِ حتى الآن فى مجتمعاتنا تنظر إلى النساء على أنها مجرد جسد للمتعة ، أو أنها سلعة تُشترى بالمال أو أنها تُهان وتغتصب ، وهذا ما نراه فى العالم بأكمله.
فلو علم نساء العالم ما أنزلهن الإسلام من منزلة لأسلمن جميعاً ،والرجل والمرأة شريكان على مر التاريخ والعصور في تكوين الأُسر والمجتمعات والحضارات المختلفة منذ فجر التاريخ.
لذلك أوصى النبى صلى الله عليه وسلم المؤمنين فى حجة الوداع بالنساء خيراً بقوله (استوصوا بالنساء خيراً فإنهنّ عوان عندكم)، وإن الوصية بالنساء لتدل على مكانتهنّ العظيمة فى المجتمع.
فيكفيها فخراً أن تتبوأ هذه المكانة، وهي تخرج للمجتمع جميع فئاته من المهن التي ينتفع بها البشرية.إن الله عزوجل لم يخلق شئ فى هذه الدنيا إلا وله دوره الذى خلق من أجلهِ .يجب أن يكون للمرأة دور فى تنمية المجتمع بكل عناصره ونكون على يقين بأن المرأة هى عماد المجتمع ، فبدون أن تؤدّي المرأة دورها لا يمكن أن تسير عجلة الحياة.
لقد حرم بعض الناس عمل المرأة ، ولا يحرم الله سبحانه وتعالى عليها العمل ولكن بشرط أن ترتبط بأوامر الله ونواهيه.جعلهاالله مكلفةً بالعمل الصالح مثل الرجل، ومحاسبةً عليه،فإن أحسنَتْ أُجِرَت، وإن أساءت وقصرت أثمت،قال تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَاكَانُوا يَعْمَلُونَ ) [النحل: 97].حينما جاء رجلٌ إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال : أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك) فقد أوصى بالأم ثلاثاً لما للأم من فضل على أبنائها. وقد قال أَيْضًا(ما أكرمهن الا كريم وما أهانهُن الا لئيم).
عندما أتذكر أن أول صوت ارتفع بتأييد دعوة النبى صلى الله عليه وسلم هو صوت امرأة وهى السيدة خديجة رضى الله عنها ،أخجل عندما أسمع أن امرأة تُهان.
لقد عشت بعض القصص التى يشيب لها الرأس وفيها أبشع أنواع الظلم ، بل عشت قضية وقعت على فتاة تجرعت الظلم والقهر صباح ومساءًا ، وهذا ما تحدثت عنه من قبل فى رواية خادمة الأرباب .
ورغم كل ما تعانيه بعض النساء فلا تصح الدنيا ولا تهنأ بدون أم حنون ، فكثيرا ما تظهر المرأة حنانها على اولادها وهذه فطرة الأمومة أو الأخت الوفية التى تملاْ البيت فرحاً أو زوجة تتحلى بالروح الجميلة لزوجها فهى سكناً لزوجها ولا غنى للمرأة عن الرجل كما لا غنى للرجل عن المرأة ، فكل واحد منهما يكمل الآخر، وكما قال الشاعر : حافظ إبراهيم: الأمّ مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
إن الله عزوجل أكرمها أُماً كانت أو بِنتاً أو زوجةً أو امرأةً من سائرِ المجتمعات.
( هى لك أمانة لم تُخلق للإهانة )
بقلم أحمد سلام