الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة تنهش فى جسد الوطن لصالح حفنة من الفاسدين وعناصر الإخوان لنهب ثروات البلاد، وتشابكت أيادى العناصر الإرهابية مع أصابع الفاسدين، وكونوا شراكة من الباطن مع بعض شركات المقاولات بالجهاز المركزى للتعمير.
الشراكة يقودها مسئول كبير بالوزارة ويرأس جهازاً مهماً، ولكنه بارع جداً فى اختيار قيادات إخوانية، وآخرين سبق اتهامهم فى قضايا رشوة، جميعهم ساعدوا فى نشر الفساد وإهدار المال العام والتربح.
«الوفد» حصلت على مجموعة من الصور والرسائل الغرامية التى اعتاد نائب الوزير إرسالها للموظفات العاملات معه بالأفرع المختلفة داخل الوزارة عبر وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، والتى تشير إلى وجود علاقات مشبوهة بينهم، رفضت «الوفد» نشرها، واكتفت بالإشارة إليها.
وكانت أشهر جرائم هذه الشراكة انهيار 8 خزانات لمياه الشرب بالعلمين، وتحميل الدولة 30 مليون جنيه لإعادة بنائها، وكذا تصدع 69 عمارة بحى المساعيد بالعريش، بعد بنائها بعام واحد، والتى تشمل 405 وحدات سكنية تحملت الدولة 3 ملايين جنيه لإعادة ترميم العمارة الوحدة.
بخلاف تعيينات مهندسين مخالفة للتخصص والتقدير لكونهم أقارب قيادات برئاسة الجهاز بالمناطق التابعة، وتعيين مهندسين ومهندسات منتمين فعلياً لتنظيم الإخوان، ولم يخلُ الأمر من بعض العلاقات الأخرى لمهندسات، والتى كانت باب المرور للتعيين والترقى، وبحوزة «الوفد» كافة المستندات والصور والسهرات، والتى كانت جميعها على جثة الوطن.
كانت بداية الفساد وإهدار المال العام، فى عدم تطهير خزانات مياه الشرب بالعلمين والمسئول عن تنفيذ التصميم الاستشارى (إينفيروسيفك)، مع أسامة طنطاوى، لكونه رئيس جهاز الساحل الشمالى الغربى، حيث انهارت 8 خزانات مياه الشرب بعد تفريغها من المياه أثناء عملية التطهير، وتم التغاضى عن محاسبة المسئولين عن الانهيار وسوء الأعمال، وتكليف وزارة الإسكان والجهاز بمبلغ 220 مليون جنيه لإعادة ترميم وإصلاح الخزانات، والتى قامت ببنائها شركة حسن علام، ومختار إبراهيم، مع العلم أن شركة مختار إبراهيم قد أبلغت أسامة طنطاوى، بـ 6 خطابات رسمية أثناء التنفيذ بوجود عيوب وأخطاء تصميمية تشكل خطورة على بدن الخزان، ولم يلتفت إلى شكاواهم أحد وكأنهم يريدون ذلك.
والويل كل الويل لمن يخالف أو يعارض، فيد البطش موجودة، والتى طالت اللواء محمد خاطر، الذى رفض التوقيع على أن خزانات مياه الشرب سليمة، وليس بها أى عيوب، فكان نصيبه نقله من رئاسة جهاز الساحل الشمالى، إلى رئاسة جهاز تنمية وتعمير جنوب الصعيد، ثم عدم الموافقة على طلب المد له برغم موافقة وزير الإسكان على طلبه، لكن رئيس الجهاز، رفض التجديد.
وقام نائب الوزير بتجديد عقود عمل مؤقتة لـ 4 مهندسين آخرين، على رأسهم المهندس سعد محمد أحمد والذى يجاهر بانتمائه الإخوانى رئيساً لجهاز الوادى الجديد، وكذلك جمال سيد توفيق مدير عام الإدارة المركزية للشئون الفنية، إلى مدير عام منطقة بنى سويف كعقاب على رفضه التوقيع على صلاحية خزانات مياه الشرب.
وكشفت المستندات، تصدع عدد 69 عمارة بحى المساعيد بالعريش حديثة الإنشاء بواقع 405 وحدات سكنية، والتى كلفت عمليات الترميم 3 ملايين جنيه للعمارة الواحدة رغم أن تكلفة إنشائها كان 2 مليون و600 ألف جنيه.
ولأن المشروع كان يشرف عليه المهندس مصطفى مؤمن، المقرب من رئيس الجهاز، تغاضى الجميع عن محاسبة الشركة المنفذة والاستشارى والمسئول عن الإشراف، وتحميل الدولة كافة التكاليف، بل بالعكس تم مكافأة المهندس مصطفى مؤمن بتعينه بعد سن المعاش كـ(خبير وطنى للمشاريع الاستثمارية).
واستمراراً لعمليات الفساد الممنهج الذى تقوده القيادات الإخوانية والفاسدة، تحت مرئى ومسمع رئيس الجهاز، جاءت الطامة الكبرى فى أبراج محافظة بورسعيد بحى (النهضة والسلام)، بواقع 74 عمارة منه 22 عمارة نفذتها شركة المدائن.
وهى الشركة المتخصصة بأعمال الأساسات العميقة والخوازيق، و36 عمارة تابعة لشركة كراوية، وعدد 16 عمارة نفذتها شركة بورسعيد للمقاولات.
ورغم عدم تخصص شركة بورسعيد وكراوية فى عمل الخوازيق، قامت شركة المدائن بالشروع فى عمل أثاث وخوازيق 22 عمارة التى نفذتها تأميناً للعمارات، وبتكلفة 2 مليون جنيه على نفقتها الخاصة رغم أن الخطأ كان فى التصميم، فى حين أن الشركتين الأخريين قامتا بتصميم آخر مخالف للشروط، لتحقيق الربح بغض النظر عن التأمين على أرواح السكان وما زال الخطر قائماً.
وطبعاً بسهولة ويسر تم تمرير المخالفات لشركة كراوية، والتى ثبت من المصادر المطلعة المؤكدة أن هناك شروخا وترييحات بالعمارات تهدد أرواح القاطنين، ولكن لكون أن رئيس الجهاز وآخرين شركاء من الباطن بشركة كراوية، فهى لديها الكارت الأخضر للعبور من (باب الجمايل)، بصرف النظر عن إزهاق أرواح بريئة تدفن يوميا تحت الأنقاض.
ومن مشكلات الفساد إلى التربح، رصدت «الوفد» وجود عدد 3 عمارات تابعة لرئيس الجهاز بالمهندسين، تتكون العمارة الواحدة، من عدد 13 طابقاً، كل طابق يحتوى على 4 وحدات سكنية، إحداها موجودة بشارع شهاب والأخرى بشارع المدينة المنورة متفرع من شارع جدة من شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، ومندوب مبيعات الوحدات السكنية بالعمارات يدعى خالد على، وقد بيعت آخر وحدة سكنية بمبلغ مليون ونصف، وبإجمالى نصف مليار جنيه.
واستمراراً لنزيف أعمال الفساد والتجاوزات، اتضح من خلال المستندات، أنه خلال عملية طرح بناء 104 عمارات للإسكان الاجتماعى، بمنطقة بياض العرب بمحافظة بنى سويف، بواقع 24 وحدة سكنية للعمارة الواحدة وبإجمالى 2496 وحدة سكنية، خلال عام 2014، حيث ثبت من خلال عمليات الترسية لشركات، شركة الخليفة 12 عمارة، شركة البنا 16 عمارة، شركة الأقصى 16 عمارة، مكتب حربى نظير 10 عمارات، شركة الشريف 6 عمارات، الشركة المصرية الدولية 16 عمارة، وشركة عروس النيل 28 عمارة.
وعلى الرغم من أن أعمال الممارسة وموقع البناء وظروف العمل والتنفيذ كانت فى يوم واحد، إلا أن شبهة الفساد كانت حاضرة، من خلال إرساء العمارة الواحدة لشركة الأقصى بمبلغ وقدره (2746000) مليون جنيه.
الأهم أن العمارة ذاتها بنفس الموقع والمواصفات، لشركة عروس النيل قدرت بمبلغ (3060000 ) مليون جنيه، بفارق حوالى 600 ألف جنيه فى العمارة الواحدة ولعدد 28 عمارة، بإجمالى تجاوزات ما يقرب من 16 مليون جنيه لصالح شركة أخرى.
وتكرر نفس الأمر فى مجموعة الخليفة ليصل الفرق مبلغا وقدره 300 ألف جنيه لعدد 12 عمارة، وبإجمالى تجاوزات (3٫600) مليون جنيه، وكذلك مكتب حربى نظير، بفارق 400 ألف جنيه فى العمارة الواحدة لعدد 10 عمارات، بإجمالى (4.800) مليون جنيه، ليصل حجم التجاوزات والفروق والعمولات 37 مليون جنيه، تم تحميلها من خزانة الدولة.
ولم يكتف الأمر بذلك، حيث جاءت بعض التعيينات لمهندسات، رصدت مصادر لـ«الوفد» داخل الجهاز بالصور والرسائل المرسلة من رئيس الجهاز لهن عبر مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، ما يفيد وجود علاقة غير شرعية، استحت جريدة «الوفد» نشرها احترامًا لقرائها، واكتفينا بالإشارة إليها، حيث اشتملت الرسائل على تعيين مهندسة لرئاسة أحد الأفرع بالقاهرة، على الرغم من وجود ضابط مهندس أقدم منها فى العمل بـ12 عاماً.
وعن دور مسئول كبير آخر لجهاز تنمية وتعمير شمال المنيا، يقال إنه الذراع الطولية لرئيس الجهاز، ومعروف بانتمائه الصريح للإخوان، ويشرف على محافظات (المنيا – أسيوط – بنى سويف – الفيوم).
والصدق يقال إنه لم يكن أقل ضراوة بسلوكياته وقراراته الإخوانية وسبق أن كرمته نقابة المهندسين الإخوانية، خلال تولى الرئيس المعزول مرسى، معلنة ومفتخرة خلال حفل تكريمها، أنها تكرم أحد كوادر جماعة الإخوان المتميزين فى مجال التعمير والبناء.
وطبقاً لانتمائه الإخوانى قام هذا المسئول بتنحية مدير تنفيذ مشروع 140 عمارة سكنية بمحافظة أسيوط، ويدعى المهندس محمد أنور، لكونه اعترض على أسلوب العمل والتغاضى عن المخالفات الصريحة، والتى شملت قيام (النشار) بفرض إتاوة فعلية على أى شركة مقاولات يتم رسو العطاء لأى مشروع عليها، بعدم تنفيذ أعمال النجارة وأعمال العزل وأعمال الكهرباء، وتنفيذها هو لحسابه الخاص.
وأكدت التقارير أن تلك التشطيبات يقوم رئيس الجهاز باستخدام أردأ أنواع الخشب وكذلك أدوات الكهرباء لتحقيق أرباح غير مشروعة وبطريقة مخالفة.
وتم استبدال «أنور» بمهندسة منتقبة بقسم الإشراف، زوجة متهم هارب خارج البلاد من أحكام قضائية لاستخدام أعمال العنف والعمل على قلب نظام الحكم، عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، ولم تتوان السيدة المنتقبة زوجة الهارب لمصلحة محمد فوزى النشار رئيس الجهاز فى جمع الجباية من شركات المقاولات جهاز تعمير شمال المنيا، الذى قام بتعيين نجل خاله ويدعى (أحمد قطب)، و(عماد محجوب) أحد معارفه وأصدقائه، ثم تعيين (عديله) ويدعى محمد محمود أحمد على، مدير عام شئون مالية، وابن خالته (محمد جادالله) كمسئول خزينة، وابنة عم ابن خالته وتدعى (إسراء أحمد)، فى قسم السكرتارية، والذين يحصلون جميعاً على نصيب الأسد فى الحوافز والمكافآت، نتيجة تغطيتهم لأعمال السلب والنهب والمخالفات والتجاوزات.
ثم تعيين 4 مهندسين من المعاريف والمحاسيب وبالرشاوى، دون النظر والتقيد لدرجة الحصول على المؤهل أو التخصص، وهم أحمد عبدالحكيم، مصطفى فريد، أحمد جمال، أحمد فتحى مصطفى أحمد، وجميعهم حاصل على تقدير مقبول، ثم إيفاد الأخير والحاصل على مؤهل عال بالمنيا، وغير معادل هندسياً بتسفيره للصين لاستيراد سخانات شمسية، وحصل خلالها على بدلات سفر قدرت بـ140 ألف جنيه من الوزارة وشركة الشمس للمقاولات، برغم أنه لم يكن سوى مهندس مؤقت.
قام «النشار» بإصدار تعليمات مباشرة لجميع اللجان ورجاله، بتفضيل العمل مع جمعية أسيوط بأبنوب، وهى شركة مقاولات تخصصت فى ترميم وإعادة بناء وحدات التضامن الاجتماعى، والتى يترأسها ابن عمه ويدعى (خالد النشار)، فالمظاريف وهمية والرقم السرى يكون بحوزة ابن عمه، حتى تتم ترسية العطاء عليه لكافة مشاريع الجهاز، والتى تقوم بتنفيذ كافة المشروعات بعيداً عن الالتزام بالتصميم أو المواصفات الفنية، كما يتم جلب الفرش من محلات أثاث معروفين بصلة قرابتهم لرئيس جهاز شمال المنيا وبفواتير مضاعفة السعر بالمقارنة بالسعر الجارى.
كما قام خالد النشار ابن عم رئيس جهاز المنيا أيضًا بجمع مبلغ وقدره 600 ألف جنيه من شركات المقاولات الأخرى، بحجة رفع كفاءة مقر الجهاز بمحافظة أسيوط، وبعدها يقوم رئيس الجهاز بصرف مليون ونصف على دفعتين لنفس الغرض نظير دهانات وتركيب رخام، وكل تلك الأعمال لم تتعد عمليات التجميل الخارجى والداخلى بـ100 ألف جنيه.
وكان الرئيس السيسى قد أصدر قراراً بخصوص توحيد الأسعار بالتنسيق مع القوات المسلحة، بشأن المشروعات التنموية للطرق الاستراتيجية، وتم الاجتماع فى مقر جهاز التعمير فى 15 أكتوبر 2014، لتنفيذ التعليمات، ولكن شبكة العنكبوت بالجهاز تعرف من أين (تؤكل الكتف)، حيث قام كل من المهندسين، أسامه طنطاوى نائب رئيس الجهاز، ومصطفى عبدالمنعم مؤمن المشرف على الإدارة المركزية للشئون الفنية، ومحمود جمال توفيق، رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، بالتنسيق مع رؤساء أجهزة الوادى الجديد، وجهاز شمال الصعيد، وذلك بتغيير أسعار القائمة الموحدة التى أمر بعدم تغييرها الرئيس السيسى.
وبالفعل تم إلقاء القبض على المهندس عبدالبديع أحمد سليمان، رئيس جهاز تعمير الوادى الجديد، أثناء تقاضيه دفعة من الرشاوى وقيمتها 320 ألف جنيه، وجار التحقيق مع المهندس محمد فوزى النشار، رئيس جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد، لعدم الالتزام بالقائمة الموحدة للأسعار، والذى تم مكافأة الأخير بتكليفه بالعمل رئيساً لجهاز تعمير جنوب الصعيد بجانب وظيفته.
«الوفد» تكشف هذا الملف الفاسد وتطالب وزارة الإسكان والأجهزة الرقابية بسرعة التدخل العاجل.
