لسنوات عديدة ظل معبد إيزيس بمحافظة أسوان جنوب مصر مسكنا للطيور والخفافيش قبل أن تتحرك وزارة السياحة والآثار المصرية لوضعه في قائمة أعمال الترميم، وعقب عامين من العمل داخل الصرح الأثري الكبير جرى افتتاحه اليوم ليصبح جاهزا لاستقبال الزوار لأول مرة بعد اكتشافه منذ 150 عاما.
وأشاد وزير السياحة والآثار المصرية، خالد العناني، بالجهد الكبير المبذول في ترميم المعبد وتطوير ورفع الخدمات السياحية به، موجها الشكر لجميع الأثريين والمرممين المصريين على إخلاصهم وتفانيهم في العمل رغم ظروف جائحة فيروس كورونا.
ويقع معبد إيزيس الذي يبلغ طوله 19 متر وسط منطقة سكنية بوسط مدينة أسوان، وتعود أهميته إلى تشييده في عهد الملك بطليموس الثالث لعبادة الإله
إيزيس وثالوث أسوان، والعثور عليه في حالة جيدة عام 1871 خلال مد خط سكة حديد بالمنطقة.
وخلال السنوات الماضية قررت البعثة السويسرية القائمة على أعمال تنقيب في أسوان، استخدام المعبد كمخزن للحفائر، وهو ما لفت الانتباه من جديد إلى أهمية المكان وضرورة التدخل لإعادة إحيائه بعد عقود من الإغلاق، كما تؤكد فتحية الحفني، كبير مفتشي أثار أسوان القديمة لموقع سكاي نيوز عربية.
وفي مطلع يناير 2019 حصلت الحفني على موافقة ببدء عمليات الترميم، وقتها انطلق مجموعة من المرممين رفقة السيدة الأربعينية للوقوف على حالة المعبد.
وعندما دخل الفريق المعبد، واجههم ظلام دامس ورائحة غير جيدة وحركة عشوائية من الطيور حولهم، ليدركوا أن عليهم وضع خطة للتعامل مع تلك الصعوبات.
ومن المعاينة تبين أن معبد إيزيس بُني من الحجر الرملي، بداخله صالة تضم 3 حجرات وفي الجدار الشرقي من الحجرة الوسطى يقع قدس الأقداس ونقوش خاصة بتقديم القاربين، وللمكان باب رئيسي تعلوه حلية وقرص شمس مجنح، وبابا جانبي لدخول وخروج الكعنة، وفي محيطه أبنية من الطوب اللبن استخدمت كثكنات للجنود الرومان.
وتنوه المشرفة على مشروع ترميم معبد إيزيس إلى مزيد من الإجراءات المطلوبة قائلة: “احتاج المعبد إلى عمل شاق لإزالة فضلات الطيور والخفافيش من الجدران، وصيانة السلالم والموائد، وإعادة الأسقف إلى صورتها الأولى وإضافة الخدمات السياحية الخاصة بالزوار”.
وتضيف الحفني: “أثناء زيارتنا الأولى أدركنا قيمة المعبد الأثرية، وأنه سيصبح واجهة لمحافظة أسوان أمام المصريين والسياح الأجانب بعد افتتاحه، لذلك كان علينا التحرك سريعا وإنجاز التجربة بخطوات سليمة وبمهارة عالية”.
بهمة انهمك فريق الترميم المكون من 26 شخصا في المرحلة الأولى من تهيئة المعبد، أغلقوا النوافذ التي يعبر منها الطيور والخفافيش، وأزالوا فضلاتها وبيوتها الصغيرة في الأنحاء، استعانوا بالطرق الميكانيكية لتنظيم قدس الأقداس من دماء الخفافيش، وفقا لحنان عبدالغني مدير إدارة ترميم آثار أسوان والنوبة.
وتتابع عبدالغني: الإزالة الميكانيكية بالفرش والمشارط هي الأكثر أمانا في التعامل مع الآثار، لكننا استكملنا عملنا بمواد كيماوية خاصة بالترميم حتى نتمكن من القضاء على الفضلات والدماء الكثيفة العالقة على الجدران”.
وتسترسل مدير إدارة ترميم آثار أسوان والنوبة: “قمنا بتنظيف الأسقف من السناج (هباب الفحم) والنقوش من البقع والأتربة، وتقوية مدخل المعبد بمواد خاصة بالترميم، واستكمال أجزاء مفقودة في الأعمدة، واستعادة بريق الألوان الموجودة على الرسومات”.
ويرجح أن المعبد عاش فيه مجموعة من القساوسة في القرن السادس الميلادي، ويدل على ذلك وجود صلبان على الأعمدة ومذابح ونقوشات في الغرف المختلفة فضلا عن المناظر الموجود على الجدار الخارجي للمكان.
وبين حين وآخر يُترك العمل في المعبد لفترات قصيرة، يعكف خلالها الفريق على ترميم مشروعات أخرى، مثل معابد فيلة ومقابر الأمراء في غرب أسوان، لكنهم عادوا مرة ثانية لاستكمال الترميمات في “إيزيس” للانتهاء منها سريعا من أجل افتتاحه تزامنا مع العيد القومي لمحافظة أسوان.