أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / أطفال الدواعش و المصير المجهول

أطفال الدواعش و المصير المجهول

بقلم هنادى السعيد

بعد الهزيمة الكبيرة الذي تلقاها مقاتلو التنظيمات الإرهابية وحصارهم و انهيار و هم الخلافة المزعومة  واستسلامهم للسلطات المحلية في العراق وسوريا، و أنزوائهم في مخيمات الإيواء في الموصل والرقة، تعاني زوجات الدواعش مع أطفالهن في انتظار المصير المجهول، رغم المعاملة الحسنة من قبل السلطات، إلا أنهم يعاملون  بقسوة واشمئزاز من قبل سكان المخيمات و النظر اليهم كمنبوذين

مأساة إنسانية تعادل الدمار والخراب اللذين خلفهما الدواعش في بلاد العراق وسوريا، هؤلاء المقاتلون كانوا يتزوجون من نساء المناطق التي يستولون عليها بعقود زواج غالبا لا يعرف ما هو  الاسم الحقيقي للزوج، مكتفية باسم الشهرة المستعار، فلا يعلم له نسب ولا هوية وهؤلاء المتشددون إما قتلوا أو هاجروا، وقد تركوا خلفهم أطفالا مجهولي الهوية و النسب ليواجهون مع أمهاتهم مصيرا مجهولا. والمصير المجهول  نفسه تواجهه النساء اللاتي أجبرن على الزواج من مقاتلي “داعش” ومعظمهم أجانب ممن تزوجوا ثلاث وأربع نساء، ومع انهيار خلافتهم المزعومة  فروا هاربين وتركوا أطفالاً بلا هوية ولا نسب سوى أسماء وهمية في سجلات التنظيم لينطبق عليهم ما قاله أبو العلماء المعري  (هذا جناه أبي عليَّ… وما جنيت على أحد). فلا ذنب لهم سوى أنهم أبناء متشددين أجانب انضموا كمقاتلين في تنظيم “داعش” الإرهابي، ليصبح هؤلاء الأطفال شوكة في حلق الجميع، جاعلين دولهم في موقف صعب، ما بين دمجهم وإعادة تأهيلهم، وبين التشكك فيهم ومراقبتهم خوفا من نشر فيروس التطرف في مجتمعات تحارب الإرهاب بمشقة و على كل الأصعدة .

كما و تنظر معظم الدولي من  الناحية الإنسانية  لحل مشكلة هؤلاء الأطفال خشية تركهم في بلاد يسودها الحرب و الدمار و من خشية تحويلهم  إلى  متشددين أيضا في نهاية المطاف، و بهذا توجهت  فرنسا وألمانيا إلى استعادة الأطفال ممن يحملون جنسية بلادهم لتدع محاكمة امهاتهم للسلطات  المحلية، ليشكل  هذا الحل معضلة إنسانية أخرى، فعودة الأطفال دون ذويهم يشكل عبئا نفسيا قاسيا عليهم وعلى أمهاتهم.

فان كانت الحكومات الغربية على استعداد لاستقبال مواطنيها الدواعش وتقديمهم للمحاكمات بسبب انتمائهم إلى منظمات إرهابية، إلا أن برلماناتها سنت قوانين رادعة تمنع دخول المتطرفين الإسلاميين لدولهم، وقررت جميعها سحب الجنسية من أي متجنس حديثا ويحمل جنسية أخرى، وقامت بريطانيا بالفعل بسحب الجنسية من حوالي 100 من المقاتلين المتطرفين داخل الأراضي السورية ممن يحملون جنسية مزدوجة.وفي عودة النظر للحلول الإنسانية التي تسعى اليها الدول لإعادة  القُصَّر إلى أوطانهم، سعت روسيا لاستعادة 27 طفلا من العراق، وبلجيكا 22 طفلا، واستعادت تونس 44 طفلا تونسيا من ليبيا، كذلك استعادت مصر عن طريق الصليب الأحمر 12 طفلا مصريا فقدوا آباءهم الدواعش المصريين في ليبيا، وتم استعادتهم بدون ذويهم من مدينة مصراتة إلى القاهرة.

كماو  تتفاقم معاناة أطفال السجون فمعظم العائلات استسلمت مع أزواجها أثناء معارك الموصل، وقد احتجزت السلطات العراقية نحو 833 طفلا، مع ما يزيد عن 500 امرأة من 14 جنسية أجنبية في سجونها، في انتظار محاكمتهم بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي للتفاقم أزمة هؤلاء الأطفال  ، من حيث الوضع السيئ  الذي يجردهم من حقوقهم الإنسانية، ويعرضهم لعواقب جسدية ونفسية قاسية.فكم من الوقت سيحتاجون لإعادة  التاهيل النفسي لهم و إدماجهم في مجتمعاتهم بعد ان ترعرعوا في بيئة القتل و النحر و هل سيبقوا في نظر مجتمعاتهم باطفال ينتمون  إلى اباء إرهابين ووصمة العار  التي تلاحقهم عندما تستحضر ذكرى القتل والدمار الذي حل بالبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *