هذه مقولة عربية قديمة جداً، ولكن ما زال البعض يستخدمها وكأنها قانون لا ينبغي أن يخالف ولا أجتهاد فيه. ومن المرجح أن يوم قيلت هذه المقولة لم يكن سكان مكة ليزيد عن بضعة مئات في أفضل الحالات. فإذا كان جميع سكان شبه الجزيرة يزيد عن 150 ألف نسمة (حسب تقديران أبن خلدون)، فهذا يعني أن مكة لمن يكن فيها أكثر من بضعة أزقة لا غير. ولكن مكة فيها جبال ووديان، وشعاب عديدة، ولكن المكائن والحادلات والشفلات الحديثة عملت فيها نسفا وتفجيرا وتعديلاً وتحويراً (وقد شاهدت ذلك بنفسي) بحيث أن أهل مكة لم يعودوا أفضل من يعرفها. وبطيه صورة من الأقمار الفضائية لمكة وشعابها، وباللغتين العربية والانكليزية، هي أفضل (أو أدق) مما يعرفها رئيس بلدية مكة نفسه.
المثال يستخدم، وهذا المثل وسائر الأمثلة إذا كانت تدفع للحكمة والتفكير العميق، أما المعرفة والدراية، فهذه تتجدد كل يوم .. بل وعلى مدار الساعة، وهذا المثل، وربما غيره يثير النعاس والكسل، أو يستخدم لمآرب أخرى ..!
حين هبط رائد الفضاء أرمسترونغ من القمر، سأله الصحفيون كيف رأيت القمر ..؟ فأجابهم إجابة تاريخية ” أسألوا الدكتور فاروق الباز فقد وصفها لي وكأنه من سكانها ..! ” ود. الباز عالم عربي مصري كان يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا.
أهل مكة أدرى بشعابها تعني في السياسة أسكت أحتراما للأغبياء والنائمين، والحالمين … أسكت ولا تتحدث فنحن وحدنا يحق لنا الحديث .. لأننا ندري بشعابها، وكأن الشعاب بقيت أسراراً لا يعرفها سوى أصحاب البيت، وهو يعلم أن البيت امتلأ بالجواسيس والمخبرين، والسماء بألاف الأقمار الفضائية، والأخ ما يزال يريد أن يسكتنا بخصوصية شعاب مكة …
قبل أقل من نصف قرن كان الرفاق المناضلون الشجعان، يوزعون بياناً للحزب، وتلك كانت مآثر بطولية، ولكن هذه القضية اليوم يحلها لابتوب صغير أو حتى هاتف محمول (سمارت فون) يكتبها ويطبعها ويوزعها على 10 ألاف عنوان، بلحظة واحدة وبلمسة زر .. والأخ يحكي لي بلغة خشبية : أهل مكة أدرى بشعابها … لا يا أخي أنا أدرى من أهل مكة (القصد رمزي بالطبع)، أو أن أهل مكة يغلقون عيونهم وآذانهم وأفواههم حين تحتاجهم، ويثرثرون بالامثال كما يشاؤون بأستخدامات ظالمة ..
ولأن مكة مدينة مقدسة (وما زلت أعتبر مكة رمزاً لموضوعة) فكل من يهمه أمرها يعرفها، ويعرف شعابها شوارعها الفسيحة، وأزقتها .. وهناك من المحتالين من يريد أن يعملها مصلحة .. ولكن هيهات ..الاقمار الفضائية موجودة، ونعرف ماذا توجد في مصارينهم وأمعاءهم ..!
