إنبرى عزيز لي قائلا ؛ أليس أمامنا خطرا هو الأكبر من تلك التي وصفتها بين السطور واكثر إيلاما ، اليس الخطر غدى جانبا مهما من إدراك بعضنا ،وسلوكا بإنتماء واضح له وصريح ، ففرقنا شيعا ، وسلبنا لحما ورمانا عظما . ألم نغدوا أضعف من الضعف أمامه، وأعجز من دونه في كل شيء ، وذلك من فرط انجرار الكثير منا خلفه ، بل تقديس بعضنا له . قلت له ، وعلى الفور تقصد إيران ، فأردف ومن غيرها .
أيده بما قال وربما زدت عليه ، فأيران هي الخطر القيمي وسبب رئيس في الخلل البنائي المجتمعي ، وهي الرابحة الاولى مما حل بالعراق ، واكيد انها ستحرص علة حصلت عليه لتبعد الخطر عن أرضها وشعبها . واكدت له لابد من تحجيم المد الإيراني بالعراق ، وتحجيم تدخلاتها ، كما هو الحال مع أي طرف خارجي . ولكن أحرجته حين سائلته ؛ وهل الحل باللجوء لعدو لرد عدو ، او بالأحرى اللجوء لخطر لرد خطر ؟؟! .
وإذا إعتمدنا هذه الإستراتيجية فما إختلافنا عمن تسكع في لندن ونيويورك ، مطلع تسعينيات القرن الماضي ، وطبل لقدوم الفردوس “البوشي”، ألم تكن ترحيباتنا لترامب ، هو تكرار الخطأ ذاته . وهل نتوقع ننائج أفضل في ظل واقع يؤكد أن العراقيبن هذه المرة سيتكفلون بكل قطرة من دم المواجهات الأمريكية الإيرانية ، والعراقيون هم سيدفع فاتورة الطلقة التي ستقتل ” السني بيد الشعي ” “والشيعي على يد السني” . ومن المنتصر حينها ؟! .
أكيد أما أمريكا أو إيران ، وما نصيب العراق بالنهاية إلا القتل والتهجير والدمار . وبالحالتين ، لسان حال العراقيين يقول ” وعلى نفسها جنت براقش” . اخوتي ؛ انا لا أتشائم ولا أدعوكم “للأعتكاف”، ولا أنا مستبشرا بالمطلق لما أدعوكم اليه ، ولا أدعي التكهن بتائج مبهرة . فالأمر متروك لآلية التي تديرون بها إثبات البعد الوطني في سلوككم ، وبتحاوركم مع الآخرين . وأعلموا أن تجارب العالم ، وعبر العصور أكدت، ان المصلحة تفرضها الإرادة ، والإرادة تترجم فعلا عند إدراك الذات والآخرين ، وكلما ارتقى الادراك كلما كان الفعل أكثر ناجعة .
لذا أدعوكم لإدراك ذاتكم أولا، فالعراق يملك الكثير رغم أوجاعه ، إذا أحسنتم التعامل . وأعلموا ان الرفض احيانا ، أو التوافق بشروط يعزز الذات والامكانيات ، وهو سبيلا للمساهمة الإيجابية . لا سيما وان الآخرين سواء إيران او أمريكا ، هم الأحوج اليكم ، بل هم لا يقدرون على فعل شيئ إقليمي إلا بالإعتماد على بعضنا ، وهم ادرى كيف يمازجوا مصالحهم بحاجات بعضنا الذي يغلب الأنا السفلى . فاليرتقي بعضنا الى ذاته العليا ويتصرف بعراقيته ومصالح شعبه ، وعليكم بالعمق العربي وبالتحديد الشعب العربي ، وليس بالضرورة الحكومات التي هي اسوء سلوكا على العراق ، وان كان اللقاء بالعمق العربي الرسمي ، أمرا لأبد منه بإعتباره هو الرقم العربي الموجود ، فعليه أن يستحضر القيم العربية والحاجة لإثبات الذات. وليس حاجة أمريكا او حاجة إيران . ليكون بالإتجاه السليم ، فإن وصل لما يتمنى العراق فتلك حسنات كثيرة ، وأن أخفق فله حسنة إذ إجتهد .