أخبار عاجلة
الرئيسية / منوعات / مابين التهديد والردع.. تزايد احتمالات الحرب على غزة

مابين التهديد والردع.. تزايد احتمالات الحرب على غزة

وكأنها نزهة اعتادها الجيش الإسرائيلى فى حصد أرواح الأبرياء فى قطاع غزه المنكوب والمحاصر برا وبحرا وجوا وفى كل جولة موت تفجرها إسرائيل على جبهة غزه هناك المبررات والذرائع التى يصدرها قادة إسرائيل لتبرير جريمة الموت،
ولكن الأسباب الحقيقية والتى تتكشف دائما يظل يبطنها اليمين الإسرائيلى حتى تخرج على صفحات الصحف والمواقع فمرة ازمات إقتصادية يرى نيتانياهو أن الحل الأمثل لها هو شن حرب لجلب تعاطف يهودالعالم وحصد تبرعات ومرة خلافات حزبية تكاد تقصى حكومته فيشن حربا على غزه لإشغال خصومه وكسب تعاطف الشارع الإسرائيلى مع حملته الإنتخابية، ويهدر دم الأطفال والشيوخ والنساء فى القطاع مقابل طموحه السياسى فى إسرائيل.

وأيضا هذه المرة رائحة الحرب تفوح على جبهة غزة لأسباب يمينية بحته، بعد ان خرج تقرير مراقب الدولة وفضح جرائم نيتانياهو فى حرب 2014 واذاع الفشل فى إدارة رحى الحرب ووجه التقرير -المكون من 180 صفحة- انتقادات لقيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية تولت زمام الأمور في فترة الحرب، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو ووزير دفاعه وقتها موشيه يعالون.

وشنت إسرائيل يوم 7 يوليو 2014 عدوانا على غزة أطلقت عليه اسم «الجرف الصامد» استمر 51 يوما وأدى إلى استشهاد 2322 فلسطينيا وإصابة نحو 11 ألفا آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

في إسرائيل الحديث عن قطاع غزة لاينقطع في ظل تصاعد الأوضاع مؤخرا، فنجد أن كبار القيادة العسكرية والسياسية يتحدثون بوضوح تام عن تأزم الأمور، خاصة في ظل الاستطلاع الذي أجرته صحيفة هاآرتس، واظهر أن 43% من الإسرائيليين يفضلون العمل العسكري ضد «حماس»، وعندما اطلع وزير الحرب الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان على استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحافة الإسرائيلية حول أدائه مع قطاع غزة وكيفية التعامل مع القطاع والمقاومة الفلسطينية وان هذه الاستطلاعات كانت سلبية بمجملها تجاه ليبرمان ووصفته بالضعيف فى الأداء والتعامل، هذه الاستطلاعات أخذها ليبرمان بعين الحسبان وستفتح شهيته لأداء أكثر عنفا يتمثل بتشديد الضربات والاستعداد لشن حرب طاحنة على القطاع ليحقق رغبة الجمهور الإسرائيلي الذي أعطاه وفق هذه الاستطلاعات الضوء الأخضر ليشن هذا العدوان الذى بات محتملا ، ويحاول ان يدرأ عن نفسه وصف الضعيف الذى حتما سيحاسب عليه فى صندوق الانتخابات.

والسؤال: هل الحرب مسألة وقت أم أن ما يحدث مجرد ردات فعل من الجانب الإسرائيلى للردع والتخويف؟. المتابع للأوضاع في قطاع غزة ــ سواء على صعيد إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، او على صعيد القصف العنيف الذي تعرضت له مواقع المقاومة، وما رافق ذلك من توجيه رسالة شديدة اللهجة من قبل كتائب القسام للاحتلال، والتصريحات الإسرائيلية النارية ضد غزة بعد تقرير مراقب الدولة ــ يؤكد أن غزة على صفيح ساخن.

وعلى الأرض يرى العديد من المختصين والمحللين السياسيين، أنه سيكون هناك جهد استثنائي لمنع أي تدهور للأمور، حتى لا تتحقق أهداف مطلقي الصواريخ بجر القطاع إلى معركة لا يريدها احد، لان سياسة استغلال المواقف الحادة التى اعتمدها مطلقو الصواريخ بالرهان على حالة التوتر التي يهيئها الجو الملبد بالغضب والاستفزاز لاندلاع حرب، حتما ستدفع بالطرفين الى المواجهة التى يدفع فاتورتها اهل غزة من دماء اطفالهم.

وحسب «جدعون ليفي» الكاتب في صحيفة هاآرتس العبرية فإن إسرائيل تحب الحروب وتعشق القتال على جبهة غزة، لأنها تجد فيها حسما لمشاكلها الداخلية من خلال مواجهة غير متكافئة. وأشار المحلل العسكري في ذات الصحيفة، «عاموس هرئيل»، إلى أن الكثير من خليط التهديدات والمشاحنات والتوتر القابل للانفجار الذي جر إسرائيل وحماس إلى الحرب في أشهر صيف عام 2014، والذي تم استعراضه بالتفصيل في تقرير مراقب الدولة، عاد ليحوم في الأجواء مع اقتراب ربيع 2017.

وعلى الصعيد السياسى الخارجى لايخشى اليمين الحاكم فى إسرائيل أي تداعيات سياسية على الساحة العالمية إذا ما اقبل على مغامرة جديدة بل يتمتع بتأييد مطلق من إدارة ترامب التى لن تغضب إسرائيل. وموقفها من قرار مجلس الأمن 2334 بإدانة الاستيطان جعل عجلة الأستيطان تلتهم المزيد من الأراضى فى تحد واضح للشرعية الدولية، وامام الإدارة الأمريكية يظل الموقف الأوروبى فى منطقة الرفض والشجب والإدانة ولا يرقى الى اى خطوات من الممكن ان تدين إسرائيل اذا ما اقدمت على حماقة رابعة تجاه غزة، وفى تقرير اذاعته القناة العاشرة الإسرائيلية، جاء ان إدارة الرئيس الامريكى دونالد ترامب تعد لمشروع سلام فى الشرق الأوسط يقضى بحل جذرى للقضية الفلسطينية ويتطلب من الطرفين تنازلات مؤلمة. وان إدارة ترامب اطلعت على كافة التفاصيل المتعلقة بأطراف الصراع وكل الحلول التى تم طرحها من قبل وخرجت بحل مختلف عن كل التصورات السابقة سيطرح على المائدة خلال اسابيع.

وبالطبع أثار البيان حفيظة الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى وخصوصا جملة «تنازلات مؤلمة» ويرى مراقبون ان إسرائيل ستحاول استباق التقرير بحرب على غزه تجعل البوصلة تتحول 180 درجة بعيدا عن حل الدولتين وتفرض على البيت الأبيض سياسة الأمر الواقع، لأنه من غير المعقول ان تطرح واشنطن مشروع سلام والجبهة مشتعلة سواء فى غزة او الجنوب الإسرائيلى، وكذا ما صرح به صائب عريقات من ان دولة فلسطين طلبت من المدعية العامة للجنائية الدولية الشروع بإجراء تحقيق قضائى فى كل الملفات التى قدمت لها عن جرائم قادة إسرائيل على الأرض والإنتهاكات الجنائية التى طالت عموم الشعب الفلسطينى، وستجد إسرائيل فى الجولة الرابعة من الحرب على غزة حلا لكل هذه المعضلات.

ليست فقط التركيبة اليمينية الحاكمة فى إسرائيل هى التى ترى ان الحرب على غزه ستجمد كل الملفات بل ايضا الأحزاب السياسية وخصوصا حزب نيتانياهو الحاكم يرى ان استمرار الوضع الراهن هو الأفضل والأنسب لإسرائيل ويرفض حل الدولة الواحدة وحل الدولتين ويسعى لإبقاء المدن الفلسطينية بالضفة الغربية تحت الحكم الذاتى والسلطة الإسرائيلية، ويعمل الليكود على وقف اى حراك حتى لو كان من الولايات المتحدة.

فقد أكد المسئول في الشئون الخارجية لحزب الليكود الحاكم في إسرائيل، أن الغالبية العظمى من أعضاء الليكود يفضلون الإبقاء على الوضع الراهن بكل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقال ايلي حزان إن «أقلية من أعضاء الليكود يريدون إقامة دولة واحدة»، قاصدا بذلك ضم الأراضي الفلسطينية الى إسرائيل. مؤكدا أن غالبية البرلمانيين من حزب الليكود لا يريدون دولة واحدة، أو حل الدولتين، بل يفضلون أن يبقى الأمر كما هو عليه اليوم بعد ان اعلن عضو فى الكنيست أن «حل الدولتين قد مات»، واقترح ضم الضفة الغربية الى إسرائيل، ومنح الفلسطينيين جنسية إسرائيلية دون حق التصويت في الانتخابات، إلا لكل من ينخرط في صفوف الخدمة العسكرية، وتظل غزة خارج الصندوق تواجه بجولات عسكرية عنيفة تحجمها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *