أخبار عاجلة
الرئيسية / منوعات / الطاقة الشمسية تضىء سماء مصر

الطاقة الشمسية تضىء سماء مصر

خلال لقائه الشباب فى أسوان تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن كثير من الأمور التى تبشر بمستقبل واعد لمصر وشبابها ولم يكتف بذلك بل أعطى الكلمة لوزير الكهرباء داعيا له لتقديم »جرعة من التفاؤل« كما قال الرئيس ، فتحدث الوزير عن بعض المشروعات لمحطات توليد الطاقة وعزز كلماته بالأرقام وبالتوقيتات وعدد العاملين الذين أتيحت لهم فرصة التدريب فى المانيا على نفقة شركة سيمنس ليعودوا بخبرات متخصصة تحتاجها المحطات الجديدة.

هذا التفاؤل المبنى على الواقع وليس الخيال ، على الحقائق وليس الوعود ، شاهدته »بعثة الأهرام« خلال رحلتها الى أسوان قبل انعقاد مؤتمر الشباب لتشهد وترصد هذا الواقع وتقدمه للقراء فى السطور القادمة .

خلال رحلتنا بأسوان ، كانت قافلة السيارات تسلك طريقها فى الظهير الصحراوى لقرية بنبان ، وكان الغبار المتطاير من عجلات السيارات يعوق الرؤية ، لكن »الكثبان الرملية المتعرجة« كانت تفصح شيئا فشيئا عن »كنز« فى الطريق ، حيث تربض فى ساحة مشمسة »على مدد الشوف« أجهزة حديثة ومولدات كهربائية شامخة تظهر شيئا فشيئا عند استواء الطريق الصاعد والهابط .

توقفت السيارات أمام مبنى مرشوش أمامه والناس يتحلقون حول مهندسين وعمال يتحدثون معهم عن »المشروع« قبل وصول محافظ أسوان اللواء مجدى حجازى – حيث تتجه الانظار نحوه – والذى أكد أن المشروع الذى يشهد لمساته الأخيرة لبدء العمل كأكبر مشروع للطاقة الشمسية فى العالم بأرض الظهيرين الصحراويين لبنبان وفارس واللتين أكدت »وكالة ناسا لأبحاث الفضاء والاستشعار عن بعد« أن هاتين البقعتين هما الأكثر سطوعا للشمس فى العالم , وهما على مساحة 8 آلاف و843 فدانا , وهذا المشروع هو أحد أهم شرايين الخير فى أسوان الطيبة الخيرة المعطاءة.

«هبة الله»

ويقول المهندس سامى عبده رئيس منطقة كهرباء مصر العليا: مشروع هبة الله لأسوان كأحدث تقنيات العالم فى الطاقة الجديدة والمتجددة وهى الطاقة الشمسية ، وقد أقرت وكالة ناسا لأبحاث الفضاء بأحدث أجهزتها وأقمارها الصناعية أن منطقتى بنبان وفارس »الظهير الصحراوي« لقريتى بنبان وفارس الأم هما أكثر مناطق العالم سطوعا للشمس.

وأسرعت الدولة باحتضان هذا المشروع »الأكبر من نوعه فى مصر« من حيث إنتاج الكهرباء بما يوازى طاقة السد العالى أي200 ميجاوات دون معاناة المجارى المائية والتوربينات والبترول وبها تكتفى مصر ذاتيا وتتجه إلى تصدير الباقى ، وهى قيمة مضافة إلى الاقتصاد المصرى وهى من المشاريع الكثيفة العمالة وتوجيهات المحافظ بتوفير كل سبل انشاء المشروع .

المشروع فى كلمتين

ويضيف المهندس سامى عبده : الذى يتم فى هذه البقعة من بنبان هو انشاء أكبر محطة محولات عالمية لتحويل خلايا مراكز تجميع أشعة الشمس وتحويلها من طاقة »شمسية« إلى طاقة »كهربائية« يمكن ضخها فى طاقة مصر الكهربائية ، وهى تفريغ للطاقة الشمسية التى يتم توليدها بقدرة اجمالية 2000 ميجاوات ، وهنا يتم تفريغها من خلال الشبكة الموحدة جهد500 كيلو فولت للوحدة الواحدة ، ويوجد4 محطات محولات عملاقة لتخريج محطات الطاقة الشمسية جهد220 كيلو فولت 22/ 22 عن طريق محولات عملاقة ثم نقلها عبر الشبكة القومية الموحدة لمصر.

وتابع : هذا المشروع تقوم بتنفيذه39 شركة أخذت مواقع على مساحة30 كيلو مترا مربعا في39 قطعة أرض لكل شركة قطعة ويمول المشروع البنك الدولى الأوروبى ، وعدة بنوك وبيوت خبرة عالمية وتصل المسافة بين كل محطة من المحطات الأربع حوالى 1.5 كيلو متر تقام عليها الألواح الشمسية والحقول الشمسية حوالي7 كيلو مترات 7 كيلو بتكلفة اجمالية40 مليار جنيه .

التسليم على المفتاح

ويقول المهندس أحمد فتحى رئيس محطة بنبان: يتم حاليا تشغيل جميع أعمال المحطة والانشاء ، وكل العمالة من ابناء بنبان وفارس يشاركون فى التشييد والبناء كما أمر المحافظ.. وفى شهر مارس المقبل سيتم تشغيل المحطات الأربع عن طريق شركات نقل الكهرباء.. ويجرى العمل حاليا على تنفيذ محولات قوى وأعمال معدات كهرباء ضغط عال معزولة بعد تسلم الأرض بموجب التعاقد مع وزارة الكهرباء ويتم تسليمها بعد ذلك بالمحطات بنظام »التسليم على المفتاح« .

وأضاف : تصل مدة تنفيذ المحطات إلى 8 شهور حيث بدأنا العمل10 يناير الماضي, وهى مكونة من جزءين الأول الأعمال المدنية وتستمر حوالي8 شهور, والجزء الثانى الكهربائية وتستمر حوالي4 شهور.

فرص عمل

وأوضح المهندس شريف الحاج المدير الاقليمى لمنظمة الشرق الأوسط لصناعات الطاقة : تم اختيار39 شركة متخصصة فى إنتاج الطاقة – منها10 شركات عالمية وعربية و 29 شركة مصرية – بواسطة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة من اجمالي200 شركة تقدمت لتنفيذ هذا المشروع الضخم والذى تبلغ استثماراته ما بين2 و3 مليارات دولار.

ويكشف عن أن المستهدف من التشغيل20 ألف فرد من العمالة المؤقتة فى الانشاءات وتصل لنحو عام ونصف العام بينما ستمتص الأعمال ألف عامل منهم فى فرص عمل ثابتة خلال فترة حق الانتفاع التى تصل إلى25 عاما بعد البدء فى التشغيل الفعلى وسيتم تثبيت6 آلاف من أساتذة الجامعة والخبراء والفنيين المدربين حتى نصل إلى العمال ، وسيتم نقل الخبرة وتدريب هؤلاء الأفراد بطريقة »التدريب المستمر« وستكون الأولوية الأولى فى التعيين لابناء بنبان وفارس ثم ابناء أسوان بالترتيب.

أما محمد الحسينى مدير الاستثمار بالمحافظة فكشف عن تخصيص مساحة8834 فدانا بقرار جمهورى لمصلحة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة التى قامت بطرح مناقصة رست علي40 مستثمرا بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاما لإنتاج طاقة متجددة من طاقة الشمس.

شريان الخير

بمجرد وصول المحافظ اللواء مجدى حجازى محافظ أسوان تجمع حوله المواطنون والإعلاميون يستطلعون بشائر المشروع أو »شريان الخير« كما سماه , فقال بفخر : أطمئن أهالى بنبان وفارس , وأقول لهم : تنمية المكان ستكون بكم ولكم, وهو طاقة مضافة .

وهنا طالب مجدى الحسينى عمدة بنبان وفارس – وهو شاب لم يتعد الأربعين ربيعا – بأن تكون العمالة والفنيون من بنبان وفارس فاستجاب له المحافظ , وقال: وعدتكم ، والقيادة السياسية راغبة فى ذلك والمدرسة الفنية الصناعية ببنبان حولناها إلى قلعة تدريبية متخصصة فى الطاقة الشمسية كأول مدرسة فنية فى مصر لهذا الغرض لتقتحم العصر الجديد ومنها ستنتقل الخبرات إلى أبنائكم لتكون بنبان وفارس »منارة علمية« ومنها ينطلق العمل فى إنتاج 92% من كهرباء مصر الجديدة .

خلايا النحل

ثم اصطحبنا المحافظ اللواء مجدى حجازى فى جولة تفقدية فى خلايا النحل التى زرعت بأرض بنبان الصحراوية فتحولت إلى آلات وخلايا وبشر لينيروا الصحراء فى تحدى الصعوبات لتذليلها ، فى أكبر قيمة مضافة لإزالة ما أرق مصر فى السنين المظلمة الماضية ، كى تنير مصر وتقضى تماما على أزمات الطاقة ونزيل معاناة المصريين وأولهم بنبان وفارس وباقى قرى أسوان.

صرح علمي

وبسؤال المحافظ عن الطموح الذى غرسه فى المواطنين بانشاء أكبر مدرسة صناعية وأكبر صرح كهربى فى مصر ، الا يستدعى ذلك انشاء كلية أو جامعة للطاقة المتجددة وتحدياتها لمستقبلها ؟

قال: بالفعل بدأنا ذلك فى جامعة أسوان وهى على أعلى مستوى علمى وستمدنا بالخبراء الذين يباشرون العمل وينقلون الخبرة إلى العاملين فى المشروع من أبنائنا ونحن نشاهد تكالب الدول العربية على الطاقة التى زاد الطلب عليها فى ظل تناقص مخزون النفط والطاقة المستنفدة والبترول وتزايد الطلب العالمى على الطاقة النظيفة ، وأدعو مستثمرى مصر والعرب والعالم إلى الاستثمار فى أسوان حيث السواعد السمراء القوية ذات التكلفة الرخيصة.

وادى الأمل

وقال : أبناء أسوان هم من حولوا الصحراء الصفراء إلى جنات وزروع ومصانع ومساكن, تعالوا لتروا الحقيقة فى وادى كركر, وقبلها فى وادى النقرة ووادى الصعايدة, وقريبا ستنضم منطقة واعدة مبشرة وهى «وادى الأمل» على امتداد وادى كركر لترى عزيمة الرجال حيث يصل الرجل بأسرته وزوجته وحيواناته ويحملون مكونات البيت البسيط ، وهو نواة ما تلبث أن تتحول فى أشهر قليلة إلى جنة، ونحن نوفر لهم المساعدة لقهر لون الصحراء الاصفر.

مرحلة فارقة

وبنبرة هادئة قال المحافظ : ونحن نسير بالطريق المعبد الصاعد إلى هذه الجنان الواعدة أشعر بأننى متفائل جدا بالمستقبل ، وسيرى ابناء أسوان وابناء هذه القرى كيف تقف الدولة معهم وتذلل العقبات التى تعترض عملهم ، وأنا مؤمن بالسواعد التى تفوق صلابتها الجرانيت وصخور أسوان الصلدة , فأهل أسوان يؤمنون بأن الزمن تغير, خاصة وأن حالة السياحة متقلبة, وفى هذا الزمن تحتاجهم مصر فى التنمية وقهر الصحراء واكتشاف الطاقة المخزونة فى داخلهم , وما تحقق ويتحقق فى قرى الظهير الصحراوى لهم حق أن يفاخروا به باقى محافظات مصر, وهم عند الوعد وكلهم أمل وتحد, والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , نحن فى مرحلة فارقة نحتاج إلى ثقافة تساير العصر نثقف وندرب بالتعاون مع مختلف الوزارات والإدارات التى تتعامل مع الشباب وعقولهم.. فالتحديات كبيرة ولابد من تدريب وتأهيل يواكب احتياجات المحافظة ويعلى ثقافة العمل.. ويحارب البطالة بـ«التنمية البشرية« والابتكار والتفتيش عن المواهب وتوحيد الصفوف وغرس الانتماء وتطوير التعليم والتدريب, نريد أسوان جديدة متجددة بأهلها وابنائها.. ونتحدى بهم العالم.

الطاقة الجديدة .. خيار أساسى

الطاقة الجديدة هى أحد الخيارات الأساسية فى خلق الطاقة الكهربائية فى المرحلة القادمة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ، هذا ما أكده الدكتور محمد السبكى رئيس هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة ، موضحا أن الطاقة الشمسية نوعان : الطاقة الحرارية والطاقة الشمسية من خلال الخلايا الشمسية.
وأضاف : ويمكن للطاقة المتجددة أن تساهم بما يزيد على 30 % من خليط الطاقة الكهربائية بحلول عام 2035 وما يستتبع هذا من توفير مليارات من العملة الصعبة ، ويمكن فى المستقبل القريب أن نقوم بتصدير هذه الطاقة الى دول الجوار فى المنطقة بل والى اوروبا من خلال خط الربط حول المتوسط وايضا من خلال الربط ما بين مصر وقبرص وجزيرة كريت ومن خلال شمال افريقيا ما بين مصر و تونس و ايطاليا .

ويقول : هناك ميزة للطاقة الشمسية الحرارية ، وخاصة مع التخزين حيث انها لا تختلف عن المحطات التقليدية التى تعمل بالوقود او الغاز او المازوت ، والمصدر الاساسى هو الشمس بدلا من الوقود ، والمحطات الشمسية التى لها تكنولوجيا التخزين الحرارى تتغلب بشكل اساسى على عدم تواجد الشمس على مدار 24 ساعة وهناك تركيز على التصنيع المحلى لهذه التكنولوجيا وخاصة الحقول الشمسية والخزانات الحرارية ويمكن المساهمة بشكل أساسى فى تنميتها بمصر ، وهناك مقدرة هائلة على هذه الصناعة وتتميز بأنها “صديقة للبيئة” وتوفر عددا من العمالة قد تصل الى 7 فرص عمل لكل ميجا وات على مستوى التصنيع ومستوى التطوير للمشروعات .

وكل كيلو وات /ساعة ينتج من الطاقة الشمسية يوفر فى المقابل 220 جرام وقود مكافئ ، وهذا سوف يقلل من احتياجاتنا الاستيرادية للوقود وسيوفر أيضا ويتفادى 600 جرام من ملوثات ثانى اكسيد الكربون .

التقدم فى تكنولوجيا الطاقة.. يقلل التكلفة

فى الماضى كان استخدام ضوء الشمس فى انتاج الكهرباء صعبا، وغير ضرورى.. والآن صارت جدواه الاقتصادية كبيرة.. وفقا لما يقوله يقول محمد على إبراهيم مدير الاكاديمية العربية للنقل البحرى ببورسعيد وعميد معهد النقل الدولى واللوجستيات: الطاقة الشمسية مصدر نظيف للكهرباء، وأصبح التقدم فى تكنولوجيا الطاقة الشمسية مستمر، وسيؤدى إلى إنخفاضات مستمرة فى تكلفة تركيب انظمة الطاقة الشمسية، خاصة فى المناطق النائية بسبب توافر أشعة الشمس، ويمكن الاستغناء نهائيا عن نظام الكهرباء والاعتماد على الطاقة الشمسية، فمصر حباها الله طقسا مشمسا على مدار العام، ويمكن للأفراد الاستعانة بها فى انتاج الطاقة. وإننى أرى أن جميع المبانى التى سوف تبنى حديثا لابد أن يكون شرطا من شروط إعطاءها تراخيص البناء أن يكون هناك اعتماد على استخدام الطاقة الشمسية كأحد المصادر الأساسية للطاقة التى توفر الكثير من الأموال على الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *