بقلم: ميلاد فايز موسى
من طبيعة الحياة أن تواجهنا التحديات فى كل مراحل عمرنا , و ردود أفعالنا أمام هذه التحديات هو الذى يبرهن على ايماننا و سلامنا الداخلى وقوة شخصياتنا , فقد نواجه احيانا تحديات فردية , و احيانا نواجه تحدي جماعى مثل الذى نواجهه فى هذه الفترة وهو تحدى كورونا , و يختلف تأثيره على كل منا , وكذلك تختلف ردود أفعالنا , لأننا يحكمنا جميعا قانون التركيز , الذى هو من اقوى قوانين العقل الباطن , والذى ينص على ” أى شئ نركز عليه ينمو ويزداد من نفس النوع ” , فما أحوجنا جميعا فى هذه المرحلة أن نوجه عدسة تركيزنا نحو الدروس المستفادة من هذا التحدى , لأننا فى سفينة حياتنا لا نستطيع ان نتحكم فى شدة الرياح , و لكننا نستطيع أن نتحكم فى توجيه الشراع .
عندما ننظر الى كلمة ” كورونا ” نجدها تحتوى على الدروس المستفادة من هذه التجربة :
ك : كن مع الله , المعية مع الله هو أن يراعى كل منا تصرفاته و أفعاله فى ضوء تعاليم الله , ينظر دائما نحو السماء و يلاحظ العين التى ترى ما بداخله قبل ما بخارجه , و يقوم بتقييم كل أمور حياته حسب مبدأ العلاقة الرأسية أهم من العلاقة الأفقية , أى العلاقة مع الله واحساسى براضاه عنى وحفظ وصاياه و تطبيقها فى حياتى أهم بكثير من علاقتى مع البشر .
و : وزع خير , فى كل مكان تذهب اليه و مع أى شخص تتقابل معه يكون شغلك الشاغل أن توزع خير , ممكن بالمال أو بكلمة أو بالتعاطف أو بالاستماع أو بالنصيجة , المهم أنك تعمل خير , يكون تركيزك فيما سوف تمنحه , كيف سيتأثر الكون بسببك , فى نهاية حياتك ستتأكد من أن قيمتك الحقيقة ليست فيما حصلت عليه , بل فيما قدمته .
ر: راقب نفسك , فرصة عظيمة منحها لك الله فى منحة كورونا أن تجلس مع نفسك , ويمكن لأول مرة تراقب ما تفعله فى حياتك , هل أنت معتنى بكل اركان حياتك بترتيبها حسب أهميتها : الركن الروحانى ثم الصحى ثم تطوريك لنفسك ثم الركن العائلى ثم الأجتماعى ثم العملى ثم المادى ؟ أم انك قد قلبت الترتيب و أهتممت بأركان ليست لها أولوية على حساب الاركان التى لها الأولوية ؟ راقب نفسك و أعد ترتيب أولوياتك .
و : وسع من منابع الحب فى حياتك , أهم منبع للحب هو فى علاقتك مع الله , المنبع السمائى للحب الذى لا يعطل ولا ينضب أبدا , مستمر 24 ساعة يوميا بفيضان لا حد له , و ثانى منبع هو الحب القريب منك , حب عائلتك أهتم به وأحرص على ان يعمل بكامل طاقته وسعته , ثم حب الاصدقاء , لابد أن يكون للاصدقاء دورا اساسيا فى حياتك , صديقك هو الذى يدعمك دائما و يثق بك و يسندك فى كل ظروف حياتك , ويغفر لك اخطائك و يعد مصدر حب دائم لك , ثم منبع حب المعارف , وسع من دائرة معارفك و عش بمبدأ ” احرص كل يوم فى حياتى أن أضيف واحدا الى اصدقائى و انقص واحدا من أعدائى ” و الأفضل ان لا يكون لك اعداء حسب المثل الألمانى ” ألف صديق قليل وعدو واحد كثير ” .
ن : نمى نفسك , النمو والنطور فى الحياة هو دليل الحياة , أنت لا تستطيع أن لا تنمو أو أن لا تتغير , المهم هو كيف نتغير والى أين ؟ هل للأفضل أم للاتجاه الأخر ؟ أهتم بنمو نفسك , تعلم عادة القراءة و اجعلها أهم عاداتك , قد تكون جملة واحدة , و أحيانا كلمة واحدة سببا فى تغيير تفكيرك و تغيير حياتك , تعود على عادات غذائية صحية جديدة , تعود على النوم بدرى و الاستيقاظ بدرى , أختر عادات ايجابية تساعدك على النمو و قرر بحسم واصرار أن تدخلها الى عادات حياتك اليومية .
أ : أترا أثرا : الهدف من حياة أى منا أن يبحث عن الهدف والمعنى الذى خلق من اجل تحقيقه , رسالته فى الحياة , و أن يعمل كا ما يستطيع لتحقيق هذا الهدف وهذه الرسالة , كل منا لابد أن يترك أثرا ايجابيا مع كل شخص يقابله , عش بمبدأ ” أترك أى انسان تقابله فى نفسية أفضل مما وجدته فيها ” حب الخير وحب الغير وحب الخير للغير , ما سيستمر بعد نهاية حياتك هو ما تركته من أثرا وليس ما تركته من ارثا , أترك بصمة مع أى انسان تقابله , و ما أجمل أن تترك بصمتك على قلوب الناس ,
المعنى من حروف ” كورونا ” أن أبدأ بأن أكون مع الله و تنتهى بأن أترك أثرا , عن طريق أن أوزع خيرا و أراقب حياتى و أولوياتى , و أوسع من منابع الحب و أعمل على نمو نفسى , عندما نعيش هذه المنحة ” كورونا ” و نقوم بتفعيل حروفها فى حياتنا بهذه المعانى سيكون يومنا حلو وبنعمة ربنا بكرة احلى ,