«الإسكان على مدار أعوام كان حجر العثرة والمشكلة الكبرى لدى معظم الشعب المصرى ولاسيما عند الشباب المقبلين على بداية حياتهم الأسرية ناهيك عن كثير من الأسر البسيطة التى يتكدس أفرادها فى غرفة واحدة بالعشوائيات أو المقابر لضيق ذات اليد وعدم توافر البديل من السكن الآدمى الملائم لدخولهم القليلة ، وهو الأمر الذى تصدت له الدولة مؤخرا وقامت على مدار العامين الماضيين بدعم وتنفيذ مشروع قومى للإسكان الاجتماعى لإنشاء ما يزيد على 500 ألف وحدة سكنية يتم تخصيصها لمحدودى الدخل بحيث لا تقل الوحدة عن ثلاث غرف بأقل تكلفة وأعلى جودة فى الإنشاء والتجهيز بهدف توفير مسكن يراعى البعد الاجتماعى للأسر المصرية بمعظم محافظات الجمهورية ، ويتم إنشاء الوحدات على مراحل ليتسنى ترفيقها وتوصيل كافة الخدمات إليها .
ومن داخل اكبر مدن الإسكان الاجتماعى على مستوى الجمهورية رصدت «تحقيقات الأهرام» حركة العمل وطبيعته وحجم الإنشاءات بالمشروع التى تجرى على قدم وساق و تتنوع ما بين بناء وأعمال محارة وبياض ونجارة وسباكة وحدادة وأعمال طرق وذلك للانجاز فى التوقيت الذى حددته وزارة الإسكان .
وفى أثناء جولتنا بالموقع تحدثنا مع كثير من العمال سواء فى البناء أو المحارة والذين جاءوا من أماكن متفرقة من جميع المحافظات بالوجه القبلى والبحرى للعمل بالمشروع ، وممن استوقفناهم بين مجموعات العمال شابا كان يحمل بين يديه وجبة الغذاء «خبز وفول وطعمية « وكان مهرولا نحو العمارة التى يعمل فيها ، اقتربنا منه للتعرف عليه وعلى طبيعة عمله بالموقع ، فذكر لنا ان اسمه مصطفى سيد غانم من محافظة أسيوط وعمره 16 سنة ، بالمرحلة الإعدادية بالتعليم الأزهرى وجاء للعمل كمعاون تركيب سيراميك بالموقع فى فترة الإجازة قبل امتحانات نصف العام ، وبعد أدائه للامتحانات سيعود مع أعمامه للعمل بالموقع ليساعد والدته فى شئون الحياة ولاسيما بعد وفاة والده حيث يتقاضى أجرا يوميا 80 جنيها .
وأمام احدى العمارات كان يعمل «أحمد شهدي» من أسيوط فى تركيب أحجار الرصيف ، وأوضح أنه أتى للعمل بالموقع بعد أن عرض نماذج من عمله على مدير المشروع ولاقت قبولا منه ، قال : بناء عليه أسند لى العمل وأقوم بتنفيذه ومجموعة من العمال معى يصل عددهم 9 عمال من أسيوط وبنى سويف بيومية تتعدى 160 و200 جنيه للعامل وفق حجم إنتاجه ، ويستمر العمال فى عملهم ولا يتركون العمل إلا كل شهر ونصف بإجازة لأيام بقراهم ثم يعاودون للعمل من جديد .
فرق عمل
وتنقلنا بين العديد من المواقع داخل المدينة الكبيرة والتى يجرى إنشاؤها على مساحة تتعدى 800 فدان والتقينا بالمهندس «محمود» المدير التنفيذى لإحدى شركات المقاولات بالمشروع والذى أوضح لنا انه يتابع أعمال الإنشاءات والتشطيبات فى 58 عمارة والمكلفة شركته بالعمل بها بحيث يتولى هو وفريق العمل معه البالغ عددهم 34 مهندسا ومشرفا يقومون جميعا بالإشراف على تنفيذ الأعمال ومتابعة العمال الذين يتعدى عددهم 200 عامل يوميا مابين بناء ومحارة وسباكة ونجارة وأعمال التشييد المختلفة .
وفى موقع يضم أكثر من مائتى عمارة التقينا بالمهندس ماجد الحفنى مدير مشروعات إحدى شركات المقاولات التى تتولى أعمال إنشاء عمارات بمشروع الإسكان الاجتماعى بمدينة 6 أكتوبر حيث أوضح أن شركته تتولى أعمال إنشاء وتجهيز 201 عمارة بالمشروع ويعمل فيها ما يزيد على 1000 عامل بحرف مختلفة يوميا وذلك ليتسنى للشركة الانتهاء من الأعمال قبل حلول 30 يونيو المقبل .
وعن مدى تأثير ارتفاع الأسعار على أعمال التنفيذ بالمشروع بالنسبة لشركات المقاولات أوضح حفنى أنه بالنسبة لتكلفة تنفيذ الوحدة تم تحديد سعرها بـ 135 ألف جنيه ، وهذا السعر ثابت ويطبق على كل شركات المقاولات ، وتم إسناد الأعمال بالأمر المباشر ، مع الأخذ فى الاعتبار دراسة فروق الأسعار نتيجة تغيير سعر الصرف والتغييرات الطارئة على المواد الخام ، ورغم تلك الأجواء فشركتنا لم تتوقف عن العمل لاسيما انه على مدار عملنا مع الهيئة تتكرر عملية فروق الأسعار ويتم تسويتها .
تحد كبير
وأثناء تفقده للعمل بالمشروع التقينا بالمهندس صلاح متولى نائب رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر والذى أوضح أن العمل بموقع منطقة 3000 فدان بدأ فى أول ابريل الماضى ، ويتواصل العمل به ليلا ونهارا فى تحد كبير ليتسنى لنا تسليم المشروع بكامل مرافقه فى الموعد المحدد ، ويتكون من 1783 عمارة بإجمالى 42792 وحدة سكنية ، يجرى تنفيذه من خلال 55 شركة مقاولات تم اختيارها من الشركات المسجلة باتحاد مقاولى التشييد ، بناء على معيار الكفاءة وسرعة الانجاز .
وأضاف أن كل الأعمال تتم بأجود الخامات وبمستوى جيد جدا ، وبحيث يتم تجهيز الوحدات السكنية بالكامل وتقع على الشركة المنفذة مسئولية أى مشكلة فى التشطيبات لمدة عام من استلام المواطن للشقة ، وكل ما عليه هو إبلاغ الجهاز بنوع المشكلة لتلزم الشركة بإصلاحها ، وبالإضافة لذلك واستجابة لتوجيهات الرئيس بتوفير كافة الخدمات ومراعاة البعد الاجتماعى إضافة لكافة المرافق والخدمات يتم التجهيز لإنشاء مسجد كبير ودار للمناسبات ، كما لم نغفل الجانب الأمنى بحيث يتم العمل على تنفيذ وحدة أمنية داخل التجمع السكنى ، وبالنسبة للشباب فكانوا فى أولوية اهتمامنا بحيث يتم إنشاء مركز شباب متكامل يضم ملاعب قانونية وحمامات سباحة على مساحة 20 فدانا وكذلك إنشاء 4 ملاعب ثلاثية وذلك بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة .
مشروعات
وأكد المهندس عصام بدوى رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر أننا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة نعمل فى تنفيذ مشروعات تتعدى تكلفتها 30 مليار جنيه ، فمشروع الإسكان الاجتماعى وحده تصل تكلفته 20 مليار جنيه ، ومشروع دار مصر يضم 10 آلاف وحدة سكنية ، هذا بالإضافة إلى أعمال تطوير محاور الطرق القديمة كمحور وسط دهشور الشمالية ، والواحات ودهشور الجنوبية والطريق الدائرى الأوسطى وتجميل المدينة عن طريق الفيوم ، بالإضافة إلى تنفيذ مجموعة من الكبارى العلوية عند التقاطعات والدوران العلوى بتكلفة تصل 2,7 مليار جنيه ، بجانب العمل فى تطوير الأحياء القديمة من طرق وبندورات وتنسيق مواقع بتكلفة 150 مليون جنيه ، بالإضافة لأعمال تطوير المدن الصناعية بمبلغ 160 مليون جنيه ، كما بدأنا فى تطوير التوسعات الشمالية بمشاريع تفوق تكلفتها المائة مليون جنيه ، هذا إلى جانب عملنا فى تطوير محطة المياه لتصل كفاءتها 800 م3 فى اليوم لتتمكن من تغطية الاحتياجات المستقبلية بعام 2018 بالمدينة وبالتوازى مع ذلك قمنا بطرح الأعمال فى محطة الصرف معالج ثلاثيا بالمرحلة الثانية لتصل قدراتها 50 م3 فى اليوم .
أكبر مدينة
وبالنسبة لمشروع الإسكان الاجتماعى قال بدوى إنها أكبر مدينة إسكان اجتماعى يتم إنشاؤها حاليا بـ 6 أكتوبر وتقع على طريق الواحات بحدائق أكتوبر وموزعة بأكثر من منطقة بإجمالى 97,872 ألف وحدة ويجرى إنشاؤها على ثلاث مراحل خلال عامين ، وهو ما يزيد عما تم إنشاؤه بالمدينة منذ تدشينها من 35 عاما والتى تم خلالها بناء 77 ألف وحدة سكنية فقط ، وقد بدأنا تنفيذ الأعمال بوحدات الإسكان الاجتماعى بالمدينة بالمرحلة الثالثة بإنشاء 297 عمارة 7128 وحدة جارى تنفيذها فى أكثر من 21 موقعا وسيتم التسليم تباعا بداية من ابريل المقبل ، والوزارة حاليا تقوم بعملية التخصيص بعد اكتمال المرافق والخدمات وتنسيق الموقع والشوارع بالكامل ، بحيث لا يتسلم المواطن شقته قبل اكتمال التشطيب وتجهيز كافة المرافق والخدمات من مياه وصرف وطرق وكهرباء وصولا للغاز الطبيعى والذى أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بترفيقه لكافة الوحدات السكنية ، ولذا فإنه يجرى بالتوازى مع إنشاء الوحدات استكمال الخدمات من سوق تجارية ومدارس ووحدات صحية واجتماعية بالإضافة لتوصيل كافة المرافق ، كما نقوم بتركيب عدادات الكهرباء والمياه فى الوحدة السكنية بحيث لا يتطلب من الساكن أى أعمال إضافية بوحدته الجديدة ويتسلمها مجهزة للسكن ولا ينقصها سوى الأثاث المنزلي
وأوضح أن المرحلة الرابعة تضم ما يزيد على 40 ألف وحدة سكنية بـ 1600 عمارة كمدينة متكاملة بخدماتها للإسكان الاجتماعى فى مدينة 6 أكتوبر بالإضافة إلى إنشاء 204 عمارات ، و34 عمارة فى مناطق أخرى بإجمالى 44 ألفا و 112 وحدة ، وهذه الوحدات تم طرحها بالكامل على المواطنين ، وبناء على فحص الطلبات ومدى استيفائها لشروط كراسة المواصفات سيتم تحديد نسبة المستحقين منهم ليتم طرح الوحدات المتبقية – إن وجدت – ومن المحدد للمرحلة الرابعة الانتهاء من تنفيذ الوحدات السكنية وتسليمها فى بداية 30 يونيو المقبل .
أما المرحلة الخامسة فتضم 492 عمارة بعدد 11ألفا و808 وحدات سكنية بمنطقة حدائق أكتوبر ولم يتم طرحها بعد للمستفيدين ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذها بنهاية العام الحالى ، وأوضح أن مشروع الإسكان الاجتماعى لا يقتصر على طرح الوحدات السكنية بل نقوم بطرح نجو 16مشروعا خدميا مكونا من 4 مدارس و4 وحدات صحية 4 أسواق تجارية و4 وحدات اجتماعية.
الأسعارلن تتغير
وتواصلنا مع المهندس صلاح حسن نائب رئيس الجهاز التنفيذى لمشروع الإسكان الاجتماعى لتوضيح مدى تأثر أسعار وحدات الإسكان الاجتماعى بمتغيرات الزيادة فى أسعار السوق والذى أكد أن أسعار الوحدات لن تتغير بالنسبة للمواطن ، بحيث إن الوحدة السكنية طرحت بسعر 154 ألف جنيه ولن يرتفع سعرها عن هذا للمواطن ،فالدولة ملتزمة بالأسعار التى تم إعلانها وعلى أساسها قام المواطنون بالشراء .
وعن أسعار الوحدات بالمراحل التالية قال إن المشروعات التى سيتم طرحها فيما بعد لم يبت فيها حتى الآن وسيتقرر فى حينه ، ولن يتم طرح مشروعات جديدة إلا بعد الانتهاء مما طرح من قبل ويتعدى الـ400 ألف وحدة سكنية .