حرر بيتير ماورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر رسالة مفتوحة ناشد فيها الدول والمجتمعات الرأفة بذوي من قاتلوا في صف “داعش” وطالبها بصون الأعراف الإنسانية في التعامل معهم.
وفي الرسالة، تساءل ماورير بالدرجة الأولى عن مصير أبناء وبنات الدواعش وزوجاتهم، ولاسيما القابعين منهم في السجون في انتظار البت في مصائرهم والتحقق من هوياتهم قبل محاكمتهم أو إعادتهم إلى أوطانهم.
واعتبر أنه لا يتوجب على الدول انتهاج “المسار اللاإنساني المشبوه والحياد به عن المبادئ الإنسانية”، لدى بحث سبل معالجة مشكلة عودة من قاتلوا إلى جانب “داعش” وكيفية التعامل مع نسائهم وأطفالهم العائدين معهم من سوريا والعراق.
وإذا الموؤدة سئلت
وساق صاحب الرسالة في هذا الصدد، مثل طفلة في الـ4 من عمرها قتل والداها وشقيقها وشقيقتها خلال قصف مدفعي في العراق، وهي قابعة الآن في إحدى دور الأيتام العراقية ومحرومة من أي اتصال بمن تبقى من أهلها.
وأضاف أن الحدث المفرح الوحيد في حياة هذه الطفلة منذ فاجعتها، أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر استطاعت العثور على جدتها ونظمت بينهما اتصالا عبر خدمة سكايب، معربا عن أمله في قرب لقائهما ولم شمل الطفلة بأقربائها.
سرّ هذه الطفلة الكبير، هو أنها قد ولدت لأب قاتل إلى جانب “داعش”، ما سيجعلها إذا ما فشي سرها مكروهة ومضطهدة طيلة حياتها.
وبالوقوف على قصة هذه الطفلة، أضاف أن عشرات البلدان حول العالم صارت اليوم مضطرة لحل مشكلة التعامل مع مواطنيها وأسرهم العائدين من سوريا والعراق بعد القتال في صفوف “داعش”.
الرأفة بالعدو تعزيز للسلام
ودعا فيما الدول تبحث سبل معالجة هذه المعضلة، دعا صاحب الرسالة ساسة وقادة هذه الدول إلى “عدم انتهاج المسار اللاإنساني لأنه لا يوصل إلا للتهلكة”، مشيدا في هذه المناسبة بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تعهد بحل هذه القضية ضمن القانون وبمراعاة حقوق الإنسان التي اعتبر أنه لا ينبغي اقتصار تطبيقها على العالم الغربي دون سواه.
ومضى يكتب: عمر اللجنة الدولية للصليب الأحمر 154 عاما، ونحن على علم تام استنادا إلى الخبرة المتراكمة لدينا بكيفية اندلاع النزاعات واحتدامها وانتهائها، وكيف تؤثر نهاية النزاعات على طبيعة السلام الذي يحل بعدها.
ومن الأهمية بمكان على هذا الصعيد، كيفية إلقاء القبض على الخصوم، وظروف احتجازهم، وما إذا كان لهم أن يأملوا في محاكمتهم العادلة، إذ أن حلول السلام، أو انبعاث النزاع بزخم جديد يعتمد كل الاعتماد على الحيثيات ومعايير التعامل التي أشرت إليها.
إحلال السلام الدائم في العراق أو في أي بلد آخر لا يمكن أن يتم إلا عبر التقيد التام بالمبادئ الأساسية والحقوق، ولا يمكن شيطنة ذوي من قاتلوا، أو معاقبتهم على جرائم هم براء منها، كما لا بد من لم شمل الأسر والعائلات وعدم تفريقها.
عاملوهم بناموس جنيف
وتابع: رمضان قديروف زعيم جمهورية الشيشان الروسية، أعلن في الـ25 من أغسطس الماضي عن قرب وصول طائرة إلى غروزني عاصمة الشيشان قادمة من بغداد وتقلّ أطفالا سيقوا من روسيا للقتال في سوريا والعراق.
لا شك في أن هذه الخطوة قد لا تعجب الجميع بعد العنف والإرهاب في أفغانستان والعراق واليمن وسوريا والصومال، والتفجيرات الإرهابية التي ضربت اسطنبول ونيويورك ولندن وموسكو وباريس وطهران.
وذكّر ماورير رغم ذلك بالجرائم الوحشية التي تعرضت لها الإنسانية في السابق، واعتبر أن الطريقة المثلى التي واجهت بها هذه الجرائم، كانت المحاكمات العادلة، وأن القائمين على صياغة اتفاقية جنيف لعام 1949 لم يتجاهلوا جرائم الحرب العالمية الثانية المروعة.
وأضاف أن هذه الأعراف قد خضعت لاختبار الزمن ولا تعوق الدول في حماية أمنها، بل تمثل نبراسا يمكن الاهتداء به خلال معالجة القضايا المعقدة ووقوفها أمام الخيار الصعب.
وتساءل ماورير استنادا إلى طرحه الذي عبر عنه في الرسالة: هل يمكن الحكم بالسجن المؤبد على طفل في الـ12 من عمره أرغم عنوة على حمل السلاح؟
وأجاب عن سؤاله في الختام: “إن كانت إجابتكم الرفض، وتأبون حكم المؤبد على الأطفال، فهذا يعني أن الإنسانية حية ولن تضيع”.