أخبار عاجلة
الرئيسية / عاجل / ما حقيقة ما يجري في جنوب لبنان ؟ … صلاح المختار 

ما حقيقة ما يجري في جنوب لبنان ؟ … صلاح المختار 

مايجري في جنوب لبنان ليس الا فصل جديد من المصارعة الامريكية الحرة بين الاسرائيليتين الغربية والشرقية وامريكا ، وهو ليس صراع موت او حياة كما كان وما يزال مع العراق ومقاومته وشعبه، فقد قام حزب الله تنفيذا لاوامر سادته في اسرائيل الشرقية باطلاق بضعة صواريخ على الاراضي الفلسطينية المحتلة في اطار دعم الموقف الايراني والضغط على تل ابيب وواشنطن من اجل الحصول على مكاسب اقليمية في المفاوضات القادمة حول مشروعها النووي وصواريخها وتدخلاتها الاستعمارية في دول المنطقة وتحديدا في الاقطار العربية . والمصارعة الحرة هي نوع من التمثيل المتفق على نتائجه مسبقا في عملية تجارية ، والصراع الايراني الامريكي منذ تنصيب خميني امبراطورا ما هو الا جزء جوهري من مخطط غربي وصهيوني تقوم فيه الاداة الايرانية بتنفيذ هدفه النهائي وهو تقسيم الاقطار العربية بعد اشعال فتن طائفية وعنصرية وغيرها فيها ،ثم العمل على محو الهوية العربية وفرض هويات ماتت او انها فرعية وضعيفة .

هذه هي الستراتيجية التي تنفذ منذ بداية القرن العشرين ولم تتبدل وفيها نرى المخطط هو الغرب ومعه الصهيونية والاداة هي اسرائيل الشرقية والتي تحمست بتطرف لتنفيذ خطط الغرب التوسعية في الاقطار العربية اعتقادا منها انها تناور في بدايات تنفيذ المخطط وانها في نهايته ستفرض مطاليبها الاقليمية على الغرب والصهيونية بحكم انها سيطرت بواسطة ميليشياتها وحرسها على اقطار عربية وشلتها وزرعت بذور تقسيمها .

ما نراه الان في العراق وسوريا واليمن ولبنان هو نتاج هذه المخطط مثلما ان الفتن في بقية الاقطار العربية هي جزء منه ، وفي كل صراع منضبط كالصراع بين الغرب بقيادة امريكا والصهيونية وكيانها واسرائيل الشرقية فان هناك مساحات تتسع او تضيق للمناورات وللعب داخل اللعبة من اجل زيادة المكاسب، ويصل ذلك لاطلاق رصاص حقيقي لكنه لايضرب الجسد مباشرة وانما يهدد ويضغط فقط، فمنذ تنصيب خميني ورغم كل طبول الحرب العالية الصوت فان حربا ساخنة بينهما لم تقع وبقيت اصوات الطبول هي الطاغية ومن ذلك مثلا ان طهران لم تتعرض للقصف كما تعرضت بغداد، كما ان السفارة الامريكية التي قصفت بأكثر من 200 صاروخ حتى الان لم يقتل فيها جندي واحد بينما مدافع وطائرات امريكا كانت تقتل العراقيين بالالاف وتدمر مدن العراق وبنيته التحتية وتحرم شعب العراق حتى من الدواء والغذاء!

واذا استخدم الرصاص الحقيقي فهو لايصيب الجسد الايراني، بينما في العراق وسوريا واليمن ولبنان  وليبيا فكل مارايناه هو التدمير الشامل للبشر والحجر. وبناء عليه فان الصراع بين الاطراف الثلاثة ما هو الا صراع متفق على نتائجه العامة حتى وان وقعت احداث خارج السياق العام مثل تصفية قاسم سليماني ، وفي صراع مسيطر عليه مثل الذي نراه تبدو اسرائيل الشرقية ذخيرة ستراتيجية للغرب ولاسرائيل الغربية لسبب لم يعد غامضا وهو انها الاداة الوحيدة التي نجحت في الحاق خراب شامل في الاقطار العربية من خلال تجنيد عرب تابعين لها تحت غطاء طائفي مزيف، خصوصا وان تقسيم الاقطار العربية هدف الغرب والصهيونية المركزي منذ اكتشف النفط في الوطن العربي وبتأثير اكتشافه ظهرت الحركة الصهيونية في عام 1879.وكل الاحداث تقع في هذا الاطار الحديدي المحكم ولا تخرج عنه، ولذلك نسمع حسن نصرالله يؤكد هذه الايام وبعد ان اطلق بضعة صواريخ على فلسطين المحتلة وتعمد كالعادة ان لاتقتل احدا، بانه اطلق صواريخه لكنه (متقيد بقواعد الاشتباك) اي انه لن يطلق صاروخا الا اذا اطلقت تل ابيب صاروخا على كل ما يخص اسرائيل الشرقية ، واضح انه يتعامل مع حالة لعبة عض اصابع وليس حربا عدائية شاملة، فهو تخلى منذ اكثر من عامين عن ادعاءه بانه يريد تحرير القدس وتلخص هدفه الرسمي في انه لايرد الا ردا على عدوان اسرائيلي،اي انه يعترف بما يسمى بالامر الواقع وهو وجود اسرائيل الغربية والاعتراف بمصالحها الستراتيجية.

وهذا النوع من الصراع يسمى الصراع المنضبط او المسيطر عليه والذي يدور بين طرفين او اكثر لايريد كل منها توسيع الصراع كي تحافظ كل الاطراف على مكاسبها منه من جهة وكي تبقى الضحية وهي الاقطار العربية تحت رحمة التحالف الثلاثي هذا من جهة ثانية.

من هذا المنظور ومنه فقط يمكن فهم ماجرى مؤخرا في جنوب لبنان حيث اطلق حزب الله صواريخه ولكن ما ان عادت السيارات المحملة بالصواريخ حتى تصدى لها ابناء جنوب لبنان وامسكوا بها وسلموها للجيش لانهم وبعد ان كانوا طوال عقود يقاتلون من الجنوب اسرائيل الغربية واحيانا تحت قيادة حزب الله تراجعوا عن القتال حينما اعلن حسن نصرالله رسميا انه يقاتل دفاعا عن ايران وانه يطيع على خامنئي وانه جندي عنده وانه يعتبره (حسين العصر) ! فانكشفت طبيعة الحرب وتبين انها مصارعة حرة بين امريكا واسرائيل الغربية من جهة واسرائيل الشرقية من جهة ثانية ، هدفها المباشر هو تدمير الاقطار العربية بصورة جذرية بحيث لن تستطيع حتى الوقوف على قدميها لعدة عقود وهو ما يخدم مصالح تلك الاطراف الثلاثة التي تتقاسم الاقطار العربية وثرواتها وموقعها وتهجر ملايين العرب من وطنهم وتغير هويته بتوطين ملايين اخرين يجلبون من الفرس والافغان والباكستانيين وغيرهم ومنحهم الجنسيات العراقية والسورية في هذه المرحلة .

نحن اذا بازاء شراكة ستراتيجية بين هذه الاطراف الثلاثة يتم بموجبها تقسيم ثم تقاسم الاقطار العربية والغاء الهوية العربية ، اما الصراع بينها فهو صراع مكاسب وتوسيعها فكل طرف يضغط الان لزيادة حصته بالرصاص الخلبي او الرصاص الحقيقي ولكنه يطلق قرب الساقين وليس عليهما ! من هنا فان اطلاق النار من جنوب لبنان لا يخدم لبنان ولا قضية فلسطين بل هو مسخر لخدمة اهداف الثلاثي المذكور حصرا بينما اضراره الفادحة تصيب الاقطار العربية، ولبنان في هذه الحالة ضحية تنفيذ خطط الاطراف الثلاثة خصوصا  الايرانية. فهل من مصلحة لبنان ادانة ما قامت جماهير جنوب لبنان كما فعل حزب الله واتهمها بخدمة الصهيونية؟ ان ما حصل هو الخدمة الاكثر خطورة للكيان الصهيوني وامريكا على اعتبار انه يعطي المبرر لهما للرد بضرب لبنان وتدمير المزيد منه اضافة للخراب الشامل الحالي فيه، ومن جهة ثانية فانه يشكل ضغطا على  تل ابيب وواشنطن كي توافقا على تقديم تنازلات لحكام طهران وعلى  حساب العرب اي ان توافقا على  تكريس الاحتلال الايراني للعراق وسوريا واليمن ولبنان مقابل احتمال التنازل عن مشروعها النووي !

وهنا لابد من التذكير بالستراتيجية القومية التي تبناها حزبنا العظيم ،حزب البعث العربي الاشتراكي، خصوصا بعد غزو العراق وهي اعتبار ان الاعداء ترتب درجة خطورتهم كالاتي: العدو الاول والاخطر هو اسرائيل الشرقية والعدو الثاني هو اسرائيل الغربية اما امريكا فتأتي في الدرجة الثالثة من الخطورة على الامة العربية ، وكل الرفاق والكوادر في الحزب يعرفون كيف ان الرفيق عزة ابراهيم رحمه الله في كل رسائله كرر تثبيت هذا الموقف الستراتيجي الواضح والسهل الفهم ، لذلك فاننا نقف بصلابة ضد استخدام لبنان واراضيه لخدمة المصالح الاستعمارية الايرانية مثلما نرفض تسخيره لخدمة المصالح الغربية والصهيونية. ولتقريب هذا الامر نتساءل : هل يمكن لاي طرف وطني عراقي ان يدعم عمليات اطلاق صواريخ الميليشيات الايرانية في العراق على السفارة الامريكية وقنصلياتها ويعتبرها دعما لتحرير العراق ام انه ينظر اليها على انها محاولة ايرانية لتحقيق مكاسب ارضية ومادية في العراق لصالح طهران وتنتزع من حصة امريكا؟

يقينا كل اليقين فان كل وطني عربي يرفض ان تتحول ارض قطره لساحة مصارعة حرة امريكية تدمر بسببها كل مظاهر حياتنا ويقتل بسببها الاف من شعبنا العربي كل شهر دون ان يموت ايراني واحد ، فهل يمكن قبول ذلك تحت اي تسمية مضللة كمناهضة الصهيونية وامريكا؟ ثم لنتذكر ان الشريك الاخطر لامريكا وبريطانيا في احتلال العراق كانت اسرائيل الشرقية ،مثلما علينا ان نتذكر بان احتلال العراق وسوريا واليمن ولبنان من قبل اسرائيل الشرقية تم تحت سمع وبصر امريكا واسرائيل الغربية ومارستا صمت التأييد للغزو الايراني وقدمتا كل ما يساعد على اكتماله ثم قيامه بتدمير الاقطار العربية ونحن في العراق كما في سوريا واليمن ولبنان نعرف بان امريكا كانت تدعم كل ما قامت به اسرائيل الشرقية، اما الان فالصراع هدفه  اعادة طهران الى ما بين السكتين والسيطرة على المشروع النووي الايراني وعلى الصواريخ الايرانية ومتى ما تم ذلك فان علاقات الهدوء والتعاون الاقليمي الرسمي ستكون مجسدة في نظام اقليمي تقوده امريكا ويضم اسرائيل الشرقية .فلنصحو ونقف ضد خباثات نغول الفرس العرب والعابهم المكشوفة والتي لم تعد تنطلي الا على الخدج والسذج والتي تغطي دعم التوسع الايراني في الاقطار العربية تحت غطاء محاربة اسرائيل الغربية.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *