السعوديون قبل غيرهم يعلمون “جيدًا” حجم جرائم الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم أكثر الشعوب تحصينًا من الأدلجة المسيسة، فدم العربي الذي تقتله إيران وميليشياتها ليس أرخص من دم الفلسطيني، واحتلال سوريا وليبيا واليمن ولبنان وتهجير شعوبها بالملايين
لا يختلف عن تهجير الفلسطينيين، سواء باسم الله أو باسم ألوهيم، كلاهما جريمة. لذلك، أصبح ترميز قضية فلسطين في الوجدان العربي ثغرة من خلالها هان على العرب ما دونها، فاحتلال دول أخرى غير فلسطين أصبح عندهم شأن ثانوي. ملايين القتلى واللاجئين التي خلفتها أيدي الاحتلال التركي والإيراني،
لا يرف لها جفن لكن قتيلين في فلسطين تضج المنطقة ويرتفع الصراخ – وكلاهما جريمة –
عقود من الزمن يردد فيها تلك الفزاعة المكررة “الصهاينة يخططون لاحتلال العالم العربي“ حسنًا هم يخططون، ماذا عمن تجاوزوا التخطيط وبدأوا بـ”الفعل“؟ الحوثيون وإخوان اليمن إلى الجمعة الفائتة وهم في منابرهم
ومؤتمراتهم يدعون لاحتلال السعودية وصواريخهم وطائراتهم المسيرة تصل للأجواء السعودية، حماس التي تدعي مقاومة المحتل، تضرب إسرائيل مناطق سيطرتها فيخرج قادتها تحريضًا وشتمًا للسعودية بدلًا من المقاومة المسلحة تطبيقًا لشعاراتها المبتذلة. حزب الله يخبىء الأسلحة والصواريخ داخل
الأحياء السكنية ويدير إمبراطورية مخدرات هي الأكبر في الشرق الأوسط، وأكبر عملياته في تاريخه، كانت موجهة ضد الشعب السوري وتدريب ميليشيا الحوثي ضد السعودية. لأن قادته وبصريح العبارة رددوا أكثر من مرة ذلك القول أن “تحرير السعودية أولى عندهم من تحرير فلسطين“ وهذا الموقف امتداد للدستور
الإيراني الذي يدعو لاحتلال مكة، هذه المهازل والمزايدات لم تعد مقنعة خاصة ممن يشتم إسرائيل قولًا وهو ينوب عنها فعلًا، أما الموقف الرسمي فيكاد يكون هو الأصلب والأكثر ثباتًا على مر التاريخ تجاه فلسطين، لأنها قضية عادلة بغض النظر عن محاميها والمتسلقين عليها كإيران وتركيا وميليشياتهم
يعجز الإنسان أحيانًا عن التعبير لشرح مثل هذه المواقف لما تحمله من بديهيات راسخة وتناقضات صارخة.
– يردد السعوديين في أدبياتهم المحلية شطرًا شهيرًا من الشعر قد يختصر هذه القراءة بشكل دقيق “من دون صهيون بذّتنا صهاينا“ – بذتنا أي أشغلتنا –