أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / لماذا تراهن المانيا على توقيع الاتفاقية الامنية مع مصر؟

لماذا تراهن المانيا على توقيع الاتفاقية الامنية مع مصر؟

بقلم ـ جاسم محمد:

 باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات

 

اقر البرلمان الالماني (البوندستاغ) يوم 28 ابريل، الاتفاقية الامنية مع مصر، وسبق ان وقع وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار الاتفاق مع نظيره الألماني توماس دي ميزيير في يوليو 2016، قبل خطوة تصديق البرلمان الالماني عليه.

 

الاتفاقية الامنية

 

تهدف الاتفاقية إلى تدعيم وتوثيق علاقات التعاون الأمني بين البلدين بغرض منع الجرائم وتطوير سبل التعاون المشترك بينهما فى مختلف المجالات من خلال وضع أليات مشتركة وتوحيد أساليب مواجهة الظواهر الإجرامية على الصعيدين الإقليمي والدولى. كما تتناول الاتفاقية أوجه التعاون بين البلدين فى مجال الحماية المدنية وأمن وثائق السفر وطلب المعلومات وحماية البيانات الشخصية بما يتفق مع حقوق الانسان .

وتتضمن الاتفاقية الموقعة، عددًا من المجالات، بينها مواجهة جرائم الإرهاب وتمويله، وتبادل الخبرات والمعلومات بشأن المطلوبين فى البلدين، ومجالات تأمين المنافذ والمطارات، ومكافحة الهجرة غير الشرعية. وسبق ان زار وزير داخلية ألمانيا توماس دى ميزيير، القاهرة نهاية شهر مارس 2016 ، وقابل خلالها عدد من المسؤولين، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار التباحث حول عدد من القضايا الأمنية والعلاقات الثنائية بين البلدين.  وتبقى جرائم الإرهاب والهجرة غير الشرعية، تمثل أحد أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة ودول أوروبا. وتوسع الحكومة الألمانية تعاونها الشرطي مع القاهرة، وبالإضافة إلى إجراءات الدعم في مجال أمن الطيران والمطارات، بالاضافة الى قضية محاربة الإرهاب وتوسيع التعاون في سياسة الهجرة.

 

ويقول “فولكر كاودر” زعيم الأغلبية البرلمانية فى الإتحاد المسيحى الديموقراطى فى ألمانيا، ان بلاده لها  مصلحة أساسية فى استقرار مصر وشمال افريقيا.

 

وكشف سفير مصر في برلين بدر عبد العاطي أن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين مصر وألمانيا ووافق عليها “البوندستاج”، تم بموجبها التركيز على القضايا الهامة التي تهم الطرفين ومنها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ومحاربة الفساد والحد من الجريمة وضبط الحدود وحماية حقوق الإنسان أيضاً. وأكد اللواء محمد زكي الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق، أن التعاون الأمني بين القاهرة وبرلين يأتي في إطار التبادل المعلوماتي بين دول العالم من أجل مكافحة الإرهاب الذي بات يهدد كل دول العالم وليس مصر وحدها، مشيرا إلى أن مثل هذه الاتفاقيات جاءت نتيجة لعدد من المؤتمرات الدولية التي تم عقدها برعاية الأمم المتحدة خلال الفترات الماضية.
 محاربة الارهاب والتطرف

 

استهلت المستشارة الألمانية ميركل زيارتها لدول شمال افريقيا بزيارة مصر مطلع شهر مارس 2017 والتي طغى عليها موضوعات الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا والتعاون مع مصر ودول شمال افريقيا لمكافحة الارهاب، بالإضافة إلى ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا التي تحولت إلى محطة الانطلاق الأولى للمهاجرين نحو أوروبا.

وامتدحت المستشارة الألمانية، ميركل، السياسية المصرية في تعاطيها مع الملف الديني بأنها مثال يحتذى به. وقالت ميركل خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع السيسي بالقاهرة إنه تم الاتفاق مع مصر على نقاط ملموسة بشأن الحدود، لافتة إلى أن طول الحدود بين مصر وليبيا يشكل فرصة للإرهابيين، مركزة على أنه سيتم التركيز على مسألة مراقبة الحدود(..). اكدت المستشارة الألمانية ميركل خلال زيارتها للقاهرة مطلع شهر مارس 2017، أنها تتطلع إلى التعاون مع الأزهر في مجال التصدي الفكري والعلمي للإرهاب، وإظهار صورة الإسلام الحقيقية، وتدريب الأئمة الألمان وتأهيلهم من أجل مواجهة الفكر المتطرف.

 

وتعتبر ليبيا نقطة الانطلاق الأولى للمهاجرين نحو أوروبا عبر البحر، وتقول الحكومة الإيطالية إنه تم إحصاء 13400 وافد في يناير وفبراير 2017 إلى أوروبا، أي بزيادة من 50 الى 70% بالمقارنة بالشهرين الأولين من عامي 2015 و2016.

 

وخلال زيارة “جوهان سنج ماير”، نائب رئيس البرلمان الألماني عن حزب الاتحاد المسيحي الى القاهرة مطلع شهر فبراير 2017، التقى شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، وابدى إلى استعداد الأزهر لتدريب الأئمة الألمان على مواجهة الفكر المتطرف والتعامل مع عدد من القضايا المهمة كالمواطنة والتعايش المشترك.  ويعتقد الباحث، ينز كوتشر، إلى أنه “ومع ظهور حركة (بيغيدا) أصبح هناك تعاطف أكبر من قبل الإعلام والسياسيين الألمان مع المسلمين، وساد الخطاب العقلاني الذي يدعو إلى التمييز بين المسلمين والمتطرفين وعدم التعميم بالنظرة السلبية تجاههم والتأكيد على أن الإسلام دين تسامح وسلام ولا يمتّ الى الإرهاب بصلة، مع ضرورة التمييز بين المتطرفين والمسلمين”. وهذا مايدفع المانيا لطلب التعاون مع مؤسسة الازهر الشريف، لمحاربة التطرف والارهاب.

 

ماتسعى له الداخلية الألمانية الى منع المهاجرين من الوصول إلى ساحل أوروبا المطل على البحر المتوسط من خلال اعتراضهم فى البحر وإعادتهم إلى دول أفريقية من بينها تونس ومصر. وهذا يعتبر تحولا كبيرا في سياسة اللجوء في المانيا لبلد طبق واحدة من أكثر السياسات سخاء فى مجال اللاجئين.

وتنظر المانيا الى مصر، بانها واحدة من افضل الدول للتعاون معها في موضوع محاربة خطاب التطرف، بسبب وجود مؤسسة الازهر الشريف, فألمانيا تتطلع للحصول على خبرات مصر في مجال تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية الصحيحة في ألمانيا، وتقديم عدد من المنح لأبناء المسلمين هناك للدراسة بجامعة الأزهر.

 

الاتفاقية الامنية مابين مصر والمانيا، من شأنها ان تدعم العلاقات الثنائية مابين البلدين، وتوقيع الاتفاقية مع مصر، في هذا التوقيت، له دلالات كثيرة بالجهود الدولية لمصر في محاربة التطرف والارهاب. رغم ان بعض المنظمات تشبه هذه الاتفاقية بالاتفاق الاوروبي مع تركيا في موضوع وقف تدفق اللاجئين، لكن الاتفاق الالماني المصري مختلفا تماما، ولايقوم على اساس المساومة والضغوطات التي انتهجتها حكومة اردوغان مع المانيا ودول اوروبا.

 

الاتفاقية من شأنها ان ترفع من قدرات وامكانيات اجهزة الامن والشرطة في مصر في موضوع التدريب وكذلك الدعم بالحصول على التقنييات والتجهيزات اضافة الى جانب الخبرات في موضوعات الامن الدولي والمعابر والمطارات وتهريب البشر، وحركة اموال وقيادات الجماعات المتطرفة.

توقيع الاتفاقية كان متوقعا، في اعقاب زيارات ثنائية، تبقى المانيا تتطلع الى مصر، مؤسسة الازهر بانها المؤسسة التي يمكن الرهان عليها في اعادة تأهيل ائئمة المساجد هنا في المانيا واعتماد الخطاب الديني غير المتطرف.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *