المجموعة :
سبعةُ كهّانٍ من أورْ..
سبعةُ حكماء من بابل ..سبعُ أميراتٍ من آشورْ
النيران تحاصرهم في فردوس الوطن المغدورْ
يطردُهمْ وحشُ العَتمةِ.. من حقل النورْ
*
السومريّون أفاقوا من سمادير الرؤى ..
فانفتحت على جحيم العالم السفلي.. ألفُ بابْ
وجاء ربُّ الجُندِ من ممالكِ الحقدِ.. إلى أوروكْ..
مُنتَقِماً..
فأشعلَ النيرانَ في نخيلها.. وأشعلَ النيرانَ في الأعنابْ
أيقظت المليكَ البابليَّ من سباتهِ البعيد..
ضجّة اللصوص في الأسواقْ
وفَزَعَتْ كاهنةُ المعبدِ في آشورْ
أهذه نهاية الكونِ.. وهذي فورةُ التنورْ ؟!
خائفةٌ عشتار.. قانتٌ تموز ..
مَنْ هؤلاء ؟!
انتزعوا الألوان من ثمارِ حقله ..
وجرحوا الألحان .. في ليالي الحانْ
نهبوا ما أبدع الزمان.. من كنوزْ
*
القادمون من أرومة الخَلِّ .. ومن مستعمرات النمل ..
من بقايا مدنٍ منسيّةٍ.. من حُقَبٍ وحشيّةٍ..
من عَفَنِ الروح.. ومن عجينٍ فاسدٍ..
ومن سلالاتِ الخرابِ والخرائب ..
مَنْ هو أنكيدو؟
تقول المرأةُ البغيُ .. لَمْ يكنْ لي صاحباًً
ولمْ يَذُقْ من ثمرات جسدي.. حُلواً ولا مُرّاً
ولم يكنْ خِلاً لكلكامش .. ما رافقهُ يوماً إلى الماءِ..
الذي خبّأَ فيه الجَدُ .. سرَ الموتِ والحياةْ
. . . . . .
. . . . . .
ترتجفُ النصوصُ في أصابع اللصوصْ
تساقَطُ القصائد الأولى.. كما الأسنان في الشيخوخة..
اقتربتُ من كاهنة المعبدِ..
كانت تتخفّى في أزقةِ الكرخ.. وكان دمُها..
يمْتَدُ من جراحها إلى فضاء الموت.. في المُتْحَفِ
كان ناصر بعل يبكي.. بعد أن جرّدهُ الغزاةُ من خوذتهِ
حيثُ رأى الليلةَ.. في مواسم الأسلافْ
النارَ والرمادْ
النارَ والرمادْ
النارَ والرمادْ
ليسَ سوى مرثيّةٍ سوداء صارت البلادْ
*
سمعتُ في غيابة المتحف.. صوتاً يصيحْ
يا أمّنا شبعادْ
مَنْ ذا الذي يطردنا من لغة الملحمة الأولى..
ومَنْ ذا الذي يُحيلنا إلى تُخوم الظلام؟!
يا أمّنا شبعادْ
ليس سوى مرثيّةٍ سوداء .. هذه البلادْ
. . . . . .
. . . . . .
المجموعة :
سبعةُ حكماءٍ من بابلَ.. سبع أميراتٍ من آشورْ
ضاعوا في ظلمات الماء المسجورْ
وافترقوا في اللحظات المجذومة .. مسمولين بأيدي الأعداءْ
لا أحدٌ.. يسأل عن بغدادْ
لا أحدٌ يسأل عن بابل.. عن آور .. وعن آشورْ
*
شاهدتُ عبدَالله في الجوارْ
يُمَسِّحْ الجدرانَ.. يستظلُّ بالخرائب التي كانت بلاداً
ويُقيم مأتماً في سِرِهِ.. يفتحُ في الدمارْ
باباً..
إلى حدائقٍ غَفَتْ على أديمها عشتارْ
وغيَبَت آلاؤها .. ما خَلّفَ التتارْ
أعادَ للأشجارِ أسماءَها..
وأعادَ العِطرَ للأزهار.. والألوان للثمارْ
والخريرَ للسواقي.. والهَديرَ للأنهارْ
حتى إذا أفاق .. كان الماءُ سيّداً
وكانْ..
وحشٌ خرافيٌّ يلّمُ دورة الزمانْ
في لحظةٍ غُيّبَ عنها اللهُ والإنسانْ
وكان عبد الله والنخيلُ والقباب الخُضْر والنَهران..
في مضارب الأقنانْ
أهذه الغيبوبةُ السوداءُ .. بغداد ..
وهذا الموتُ.. بغداد ؟!
لماذا وقفت في حَرَم التاريخ.. حتى جاءها القاتل من مأمنها ..
ماذا سيبقى لكِ.. إنْ لم تصعدي من عثرات العالم السفليِّ..
من نار الأساطير إلى نور المقاصير..
وماذا يُلهِمُ العشّاقَ.. إنْ لم تغسلي بالضحكِ الأمطار ..
ماذا يُلهِمُ العشاق ؟
. . . . . .
. . . . . .
تتساقط الأحلامُ.. مثل تساقط الأوراق
تزدحمُ الشوارعُ بالعناكب.. بالحراب وبالترابِ
حتى كأن الموت.. يَختِلُ وردها والشوكَ..
من ماتَ العَشيَةَ.. دون أن يدري لماذا مات في هذي العَشيَةِ
لا يُثابُ ولا يُعابُ ..
وكأنَ كل يدٍ تُمَدُ إلى بهائك..
أو تَوَدُ ..
يدُ العذابْ
المجموعة :
في هذا الديجورْ
لا قَمَرُ يفتَحُ بواباتكِ بغداد.. ولا الأرضُ تدورْ
هجرَ الشِعرُ الأرضَ .. وغادرَ موطنَهُ الماءْ
الأوتارُ بقيثاركِ عُمْيٌ.. والصمتُ عُواءٌ مقرورْ
في هذا الديجور
*
لا شاهِدٌ فَطِنٌ .. ولا راوٍ يقول يقولُ لنا الحقيقة..
كلُّ شاهدةٍ تخطّفها السُعارْ
وكل ما خطَّ الجدودُ الصيدُ من أحلامنا الأولى..
على طين البلادْ
أضحى سبيّاً..
كل ما رسموا وما نحتوا وما كتبوا.. يُقيمُ مع الرماد
أهذه بغداد ؟!
أسألُ عابرينَ فما أجابوا..
أين الصِحابُ ؟
لا سامِرٌ في الحي.. لا ضحِكٌ .. ولا صوتُ المؤذّن يذكرُ اسمَ الله ..
لا ماءٌ قراحٌ .. لا سرابُ
هذا الخرابُ ..
بستانُ عزرائيل .. يُثمرُ في مواسمه الخرابُ
لمْ يبقَ في أرجائه شجرٌ ولا حجرٌ..
لقدْ عمَّ الخرابُ
عمَ الخرابُ
عمَ الخراب …
*
لا شاهدٌ فَطِنٌ ولا راوٍ يقول لنا الحقيقةَ..
كلُّ شاهدةٍ تَخَطّفها السُعارْ