قال عليه السلام رحم الله امرا قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله واهل بيته فأن لنا في رسول الله اسوة حسنه فقالوا : نحن كلنا سامعون مطيعون .. فقال عليه السلام : هيهات هيهات ايها الغدره المكره حيل بينكم وبين شهوات انفسكم اتريدون تأتو الي كما اتيتم ابائي من قبل ؟ كلا وربي فان الجرح لم يندمل وقتل ابي بالامس واهل بيته معه ولم ينسني ثكل رسول الله واله وثكل ابي وجده وبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته وتجري في فراش صدري.
هذه الخطبه ذكرها الطبرسي في الاحتجاج ص (2/32 ) وابن طاوس في الملهوف ( ص 92) والامين في لوعاج الاشجان (ص 158) وعباس القمي في منتهى الامال الجزء الاول ( ص 572) و حسين كوراني في رحاب كربلاء (183) وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين (ص 317) ومرتضى عياد في مقتل الحسين ( ص 87 ) ورضى القزويني في تظلم الزهراء ( ص 262) .
وتقول ام كلثوم بنت علي رضي الله عنهما كما جاء في كتاب] اللهوف لابن طاوس ص 91 ]: ( يااهل الكوفه سوأة لكم مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتباً لكم وسحقا لكم اي دواه دهتكم واي وزر على ظهوركم حملتم وأى دماء سفكتموها وأى كريمه اصبتموها واي صبيه سلبتموها وأى اموال انتهبتموها قلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وسلم واله ونزعت الرحمه من قلوبكم ).
وروى الطبري : لما انتهى سليمان بن صرد واصحابه الى قبر الحسين نادوا في صيحة واحدة (( يارب انا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفرلنا مامضى منا وتب علينا انك التواب الرحيم وارحم حسينا واصحابه الشهداء والصدقين انا نشهدك يارب انا على مثل ماقتلوا عليه فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) .
هكذا كانت هي ملحمة الامام الحسين ملحمة والشهادة والفداء فلا بد لنا من استحضار معانيها لنستنبط من عبيقها الدروس والعبر واهم تلك الدروس هي: ـ
اولا : ان استشهاد سيدنا الحسين هو مدعاة فخر لكل العرب والمسلمين. لان الايام التي تحل فيها ذكراة أيام عرس، عرس الفرسان، عرس الشهادة العظيمة التي شرفة الله بها وآثرة على كل العالمين لانة سيد شباب اهل الجنة، هذة المنزلة لا تليق الا بأبي الفرسان، نحن لا نبكيك بل نفتخر بك لانك في عليين كما أخبرنا جدك عليه الصلاة والسلام، لهذا نحن نسميه عرس الحسين. وأحفاد كسرى يريدونة عزاء ونحن نصر على أنه عرس لأنة علّمنا كيف تكون الرجولة ولا احد يزايد علينا جدنا الحسين العربي القريشي سبط الرسول وحفيدة. لقد كان العرب من ابناء جلدتة واهلة وعشيرتة يهزجون عندما يموت الشجعان في ساحات القتال، وليس باللطم والتمثيل والتشابية وضرب القامات في الشوارع فأنها من بدع المجوس والسيخ هم الذين يرقصون على جثث الموتي قبل حرقهم. فأن ما يحدث اليوم من شق الجيوب ولطم الخدود واسالة الدماء ليس من هدى النبي (ص) عندما قال ” ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية ” .
ثانيا : الذي يحب الحسين علية ان يهتدي بهدية علية ان يسير بطريق الحق الذي استشهد من اجلة، علية ان لا يهادن محتل اجنبي غاصب، وعلماء الفتنة يحرضون على العنف والاقتتال ويزرعون بذور الفرقة ويعملون على تمزيق وحدة الامة ويستقبلون قادة الاحتلال بالقبل الغرامية واقامة الولائم السخية واهداء سيف الامام علي الى مجرم الحرب رامسفيلد لانة اجتاح العراق واتاح نشر البدع التي لم يقرها الاسلام واباح لهم اللطم وشق الجيوب وضرب القامات والتمثيل بالاطهار من آل البيت.. فهل تستحق هذة الطقوس المستوردة من كهنة المجوس في بلاد فارس ان تكون مبرر للفرز الطائفي والقتل على الهوية بحجة ثارات الحسين .. فأن ما يحدث اليوم ليس حبا بالحسين وانما لأثارة غيض الاخرين بطريقة غوغائية استفزازية لكي تتخذ من مأساة عاشوراء منبرا لترويج مشروع الفتنة الطائفية. هل كانت عبر ودروس ثورة الحسين استباحة دماء المسلمين وسرقة الاموال وقتل العلماء وانتهاك الاعراض وحرق المساجد وتهجير العوائل والشيوخ والنساء والاطفال وحرق بيوتهم وقتل أبنائهم.
ثالثا : لو كان سيدنا الحسين بين ظهرانينا اليوم ياترى ماذا سيكون موقفة على ما يحدث في العراق؟ هل سيهادن اللصوص والسراق ويتركهم يركبون عربة الانتخابات من اجل الحصول على المناصب لكي يعبثون بالبلاد والعباد الفساد، وأبوة الذي قال ( لا والله لن ألقى الله وقد كنت متخذ المضلين عضدا ).
رابعا : لقد وصلت اغلب دول العالم الى مكانة كبرى من الرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي ونحن بلد الحضارات التي اغنت الانسانية بالعلوم والادب ننحدر الى ادنى مستوى من البدع والخرافات واصبحنا لعب بيد اصحاب اجندات تتخذ من العراق ساحة لتصفية الحسابات والتحريض على قتلنا وقتل ابنائنا واهلنا بثمن رخيص تحت شعار ثارات الحسين بل هناك متبرعين بلا ثمن. بعدما حوّل البعض هذه الذكرى العطرة إلى مناسبة مفرّغة من معاني الحركة الحسينية وجعلو منها موسم للردح الطائفي وقصة عاطفية ومناسبة لجلد ألذات وفرصة للانتقام .
واخيرا ان الذي يحب الرسول محمد (ص) وآل بيتة الاطهار ان يتخذ من هذة المناسبة فرصة لتصحيح المفاهيم الفكرية لنبذ التعصب الطائفي وفرصة للتآخي والتماسك والمحبة وغلق الابواب امام كل من يحاول العبث بمشاعرنا ومقدساتنا لانة لا احد يستطيع ان يزايد علينا حب جدنا الحسين بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات، بل علينا ان نتخذ من ثورة الحسين ومعانيها السامية حركة فكرية ومناسبة دينية ووطنية في مواجهة الظلم واعلاء كلمة الحق التي استشهد من اجلها سيد الشهداء .