كتب : الشيخ أحمد تركى
اليوم الأربعاء 15 أغسطس 2018 كنت أسير بسيارتى وسط زحام كبير ( وقت الذروة ) على كوبرى 15 مايو ، وإذ بى بهذا الطفل يتجول بين السيارات مستعطفاً بعينيه البريئتين وقلبه المشفق العطوف ووجه البريء الوضيء ركاب السيارات ( من يشترى الورد؟)
أول لمحة لهذا الطفل البطل اغرورقت عيناى بالدموع وتداخلنى مشاعر كثيرة متدفقة وارتعشت يدى وانا افتح هاتفى المحمول لألتقط هذه الصورة !!!
ياله من طفل جميل بريء لا يتجاوز السادسة او السابعة من عمره ، شعر بأنه مسؤل عن أسرة ربما فيها اطفال رضع وهو كبيرهم !! يتكسب ببيع الورد حلالاً ليطعم أمه وإخوته …
يبيع الورد ولا يشمه من عظم المسؤليه الملقاة عليه وحرصه على كسب بعض الجنيهات لإطعام أسرته .
انهمرت دموعي أكثر ?? عندما وجدت تقارباً بينه وبين ابنى نور الدين فى السن ، وقلت فى نفسى .. ماذا لو انقضى أجلك يا أحمد !! واضطر ابنك ان يقف فى هذا الموقف ؟!
كان هذا التصور قاسياً جدا .. قسوتنا جميعا كمصريين على هذا الطفل وامثاله بتركه للعوز والحاجة فلقد تكبد هذه المشقة فى الوقت الذى يتردد أبناؤنا على النوادى وأماكن اللعب واللهو ويعيشون فى رفاهية كبيرة …
ومثل هذا الطفل الملايين من اطفال الشوارع الذين يفترشون الارض ويلتحفون السماء وعرضة لنشاط تجار المخدرات وعصابات التسول … الخ .
ان هذا الطفل يبيع الورد فى نفس المكان وفى نفس الموعد من عام 2013 عندما خرجت جحافل الارهاب بالاسلحة النارية يطلقون النار على المصريين الأبرياء بقصد اثارة الفوضى والانتقام من الشعب المصرى ، فمنهم من تم القبض عليه وقُدم للعدالة ومنهم من هرب خارج البلاد بلا عقاب ، والمصيبة الكبرى ان منهم من تخفى بعد إرهابه ويرفع الان شعار الوطنية واستطاع باحتراف سديد إحراز مكان له وسط الشرفاء وصدق الله تعالى حينما قال عن المنافقين المتلونين من هذا النوع فى سورة البقرة : ” : ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾سورة البقرة – الآية: 14 .
إننا نعانى أشد المعاناة من هذا النمط القذر .. الذى تحول بالارهاب من الجهر به الى الاستتار بقصد ضرب الوطن والمجتمع من ناحية ومن ناحية أخرى تعطيل مشاريع المخلصين الوطنين قدر الاستطاعة ومن ناحية ثالثة احراز اكبر قدر ممكن من المكاسب فى المناصب والتمكين !! تفعيلاً لخطط مدروسة ربما نفرد لها مقالات اخرى ..
وتفكرت أيضاً .. فى ماذا لو لم تحدث ثورة الثلاثين من يونيو ؟
هل كان هذا الطفل سيبيع الورد أم سيبيع السلاح والقنابل ؟!!
ان ثورة الثلاثين من يونيو ثورة إنقاذ واستنقاذ من الفوضى والقتل والدمار ليس لمصر وحدها انما ايضاً للامة العربية .
فواجب علينا جميعاً استنقاذ هؤلاء الأطفال من الشارع وقسوته ومن العمل فى سن مبكرة حتى يتفرغون لدراستهم ويعيشون طفولتهم قم يلحقون بقطار العمل عندما يبلغون سن العمل .
قد يقول قائل : لكن العمل عبادة وهذا الطفل ربما يعطيه العمل قوة تنفعه فى المستقبل ؟!
أقول له : نعم العمل عبادة .. ولو عملت كل السواعد لأُطعمت كل الأفواه ..
لكن هذا الطفل وامثاله يعملون مضطرين ويشعرون بقسوتنا عليهم لأننا تركناهم بلا رعاية لهم أو لأسرهم وهذا ربما يضعف الولاء والانتماء فى قلوبهم نحو بلدهم .. فضلاً عن وجود مخاطر محتملة او مؤكدة عليهم كما لا يخفى على اى أحد .
إننى أناشد السيدة وزيرة التضامن بتكليف بعض المؤسسات الخيرية وعددها 45 الف مؤسسة بتبنى هذه الحالات وأسرهم بكفالة إنسانية كاملة وتوفير احتياجهم المالى والتعليمى والنفسي والتربوى ..
وادعو الله ان يمكننى من تأسيس مؤسسة لتأهيل أطفال الشوارع ونماذج هذا الطفل ( طفل الورد ) تأهيلاً شاملاً كاملاً .. لأنهم قنابل موقوتة فإما ان يكونو عظماء المستقبل أو مجرمى المستقبل ..
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال : ” كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته ”
والله الموفق والمستعان