أخبار عاجلة
الرئيسية / اقتصاد / رجل الصناعة الدكتور نادر رياض : الكتيبة العمالية أحد أعمدة الجمهورية الجديدة
الدكتور نادر رياض

رجل الصناعة الدكتور نادر رياض : الكتيبة العمالية أحد أعمدة الجمهورية الجديدة

كتب الدكتور محمود عطية

أما ونحن نحتفل بعيد العمل وعيد العمال استشرافاً لآفاق نهضتنا الصناعية،لست أدرى تحت أي مسبب استدعت الذاكرة زيارة وزير الاقتصاد والعمل الألماني الدكتور وولفجانج كليمنت للقاهرة في مايو عام 2004 والتي لاقت نجاحاً له صداه بين مؤسسات الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة ورجال الأعمال المصريين والألمان وذلك نتيجة للحوارات الناجحة المتبادلة والتي تمت معه حيث كنت طرفاً فيها .

ولقد لفت نظرنا نحن رجال الصناعة أمر آخر وهو أنه كيف يضم هذا الوزير لأول مرة وزارتين في وزارة واحدة ليستا على شاكلة واحدة ؟!. مما أكسبه لقباً وزارياً تحت مسمى وزير فوق العادة لتبؤه وزارتين سياديتين فى ذات الوقت .

فقد سمعنا من قبل – مما لم يعد الأمر مستغرباً – عن ضم وزارتين ذات علاقة في وزارة واحدة مثل وزارات الصناعة والتجارة ، الصناعة والبيئة ، التجارة الداخلية والتجارة الخارجية ، العمل والصناعات الصغيرة،لكننا لم نسمع من قبل عن ضم وزارتين في وزن الاقتصاد والعمل فى وزارة واحدة خاصة أن الاقتصاد في ألمانيا يعنى في المقام الأول بالصناعة.

والسبب في علامة الاستفهام سالفة الذكر التي لا تخلو من تعجب أن الصناعة والعمل يشكلان فريقين لا يضمهما نفس الفريق . ففريق الصناعة يعمل على خفض التكلفة الصناعية دعماً للقدرة التنافسية بما فى ذلك عدم زيادة الأجور،بينما فريق العمل ممثلاً في الاتحادات والنقابات العمالية تسعى لزيادة الأجور وخفض ساعات العمل دون الالتفات كثيراً لتداعيات ذلك من آثار سلبية على الصناعة والاقتصاد .

إذن يبقى السؤال..كيف تجمع وزارة واحدة بين هذين النقيضين في التوجه ؟!وما الحكمة المستترة وراء ذلك ؟!.

لقد كان الهدف من ضم الوزارتين في وزارة واحدة إنما تغيير المفاهيم القديمة إذ أن وزارة العمل وما يتبعها من اتحادات عمالية ونقابات مهنية وحركة عمالية ذات قوانين توظف لصالحها،أصبحت الآن على بينه ووضوح رؤية من أن هدفها الاستراتيجي الأول لم يعد على ما كان عليه من قبل من مناصرة للعامل ضد صاحب العمل في استخلاص حقوقه المحتجزة ، إذ أن حركة التطور ونضج العلاقة بين صاحب العمل والعامل ، بالإضافة لسلاسة تطبيق القوانين لم يعد يدع مجالاً لتوظيف أي نشاط نقابي له آثاره السلبية في هذا المجال،إذ أصبح المحك لاهتمام النقابات والاتحادات العمالية ينحصر فى مكافحة التعطل عن العمل،وتحفيز إنشاء الطلب على فرص عمل جديدة مهما كان موقعها،وبذلك تحول النشاط العمالي ووزارة العمل تحديداً إلى مجال التدريب المستمر والتأهيل،ثم إعادة التأهيل طوال دورة حياة العامل المهنية وهى عملية – فى دولة مثل ألمانيا الاتحادية – تتسم بارتفاع الكلفة من ناحية ، ووجوب التحقق من فائدتها على الاقتصاد من ناحية أخرى،أي ربط علاقة تكلفة التدريب المستمر بالعائد الاقتصادي من وراء ذلك كطرفين لهذه المعادلة.

إذن فالحقيقة تكمن فى ترسيخ معنى أن القوى العاملة هي صانعة الاقتصاد وفى إعادة تأهيل القوى العاملة ودعمها بالتدريب المستمر حفاظاً عليها وتنميتها كقوى إستراتيجية على المستوى القومي دون الإخلال من ربط العلاقة بين التكلفة والعائد منها أي البحث عن فرص العمل فى إطار اقتصاديات مثلى للتدريب لا تسقط منها حسابات التكلفة والعائد. ومن هنا جاءت القوة المركزية “الجاذبة”التي جمعت بين طرفي المعادلة الصعبة في إنشاء وزارة الاقتصاد والعمل.

وعلى المستوى الشخصي فقد كان لنا محكاً فى تجربة مع هذه الوزارة السيادية من خلال نشاط مصنعنا القائم فى ألمانيا ، إذ أن الضرورة اقتضت أن نفصل أحد المهندسين بعد الرجوع للجنة النقابية وذلك بسبب إدمانه للخمور وتكرار ارتفاع نسبة الخمور في دمه أثناء العمل ، حيث وافقت اللجنة العمالية على إنهاء خدمته ، واعتمدت القرار وتم تسوية علاقاته المالية .

فوجئت بطلب تحديد موعد يزورني في مكتبي بألمانيا عضو نقابي بارز ذو منصب فى وزارة الاقتصاد والعمل ، حيث استقبلته بمكتبي ، وسألني بدبلوماسية عما إذا كان عندي استعداد لإعادة توظيف ذلك المهندس السابق حال تولت النقابة مصاريف علاجه وتأهيله للشفاء من الإدمان الكحولي مع الحق فى إنهاء خدمته بصورة فورية خلال عامين قادمين إذا ثبت تعاطيه الكحول أو وجود آثار منه خلال العمل حيث تجاوبت مع هذه المبادرة بالقبول من باب الشهامة المصرية ، حيث بدت على ضيفي السعادة البالغة الناجمة عن نجاحه فى مهمته الصعبة ( رغم المفاهيم الألمانية المتشددة ) .

وقد أعيد المهندس المذكور لعمله بعد ستة شهور مشفوعاً بتقارير طبية وفنية تؤكد صلاحيته للعمل . وقد استقام وضع المهندس لفترة ثمانية سنوات كاملة لحين بلوغه سن المعاش وتمتعه بمعاش عن كامل فترة خدمته الوظيفية وهو أمر كان من شأنه أن ينتقص 40% من معاشة حال خروجه من سوق العمل منتقصاً ثمانية سنوات خدمة ومؤشر عليه سبب الخروج من الخدمة بالإدمان الكحولي.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن دور النقابات والاتحادات في مصر لم يعد قاصراً على ما جرى العرف عليه من قبل من التصدي فقط بالدفاع عن حقوق العمال حبذا بعد أن استقرت حقوق العمال فى مستواها الحالي من اعتراف لأصحاب الأعمال في مجملهم بتلك الحقوق والتعامل في إطارها بسلاسة لم تكن متوفرة فى عهود سابقة . مما استلزم التطوير فى سياسة النقابات والاتحادات وأيضاً وزارة القوى العاملة ليصبح التدريب المستمر أحد أولى أولوياتها سواء ما أختص بأول منظومة العمل من تدريب وتأهيل المبتدئين من شباب العمال امتداداً لآخر المنظومة من إعادة تأهيل العمال المستغنى عنهم وتوفير فرص عمل جديدة لهم بمؤهلات أفضل ومستوى أجور أعلى دون إغفال آليات تمويل اقتصادية لمن يرغب منهم فى إقامة مشروعات أو ورش أو أنشطة حرفية خاصة بهم – وهو ما أتفق على تسميته بالتأهيل الأفقي والتأهيل الرأسي .  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *