تمر علينا اليوم ذكرى قيام ثورة الثامن من شباط عام 1963 الموافق 14 رمضان التي غيرت مجرى تطور العراق جذريا حيث اسقط حزب البعث العربي العربي الاشتراكي نظاما ديكتاتوريا اغرق العراق في بحر من الدماء والصراعات العدائية غير المسبوقة هو نظام عبدالكريم قاسم ، بعد ان قام هذا الضابط بخيانة رفاقه العسكريين والتنكيل البشع بهم وحرف ثورة 14 تموز عام 1958 عن مسارها الحقيقي.لقد كان قاسم هو من اسس عهد الدم في العراق وتلك اخطر انحرافاته التي جرت لمسلسل عنف خطير، وكان يدعو علنا للقتل والسحل لكل من يعارضه ويمد القتلة بالسلاح والحماية، ووصل غدره انه اعدم رفاقه الضباط الاحرار لمجرد الخوف من منافستهم له ولمنعهم من تحقيق الاهداف الحقيقية للثورة وفي مقدمتها الوحدة العربية، التي وقف قاسم ضدها، والتحرر من الاستعمار وبناء مجتمع متحرر من الفقر والامية والتخلف ،فكشف وجهه الشعوبي الحاقد.
وكانت الشعوبية بطلب من قاسم تنظم تظاهرات ضخمة شكلت مسرحا لافظع اشكال التعبير عن نزعات القتل كالهتاف ( ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة ) اي لايمكن ان تحدث مؤامرة لان الحبال موجودة لشنق وسحل من يتأمر ! او ( اعدم …اعدم …جيش وشعب وياك ) اي اعدم والجيش والشعب معك! ومهرجانات الدم التي دشنها قاسم هي التي تعد الدليل الاهم لتقييم مرحلته وليس غيرها لانها فتحت كل ابواب الشر على العراق.
وقاسم هو من اسس الديكتاتورية وحصر كل السلطات في نفسه فهو (الزعيم الاوحد ) الذي لاقرار الا منه وهكذا تكوّن نظام الفرد فيه هو من يحكم ويتحكم والسحل حتى الموت هو مصير من يعارض !وقاسم هو الذي لم ينفذ اهم مطاليب العراق وقواه الوطنية وهو تأميم النفط وطرد الشركات الاحتكارية التي نهبت ثروات العراق وبدلا من تحقيق هذا المطلب حدد للشركات مناطق استثمارها وكان الهدف ابعاد مطلب التأميم الكامل وابقاء الاحتكارات.وهذا النهج القاسمي التدميري لم يبقي في العراق من خيار للانقاذ الا العنف الثوري المضاد وتقدم حزبنا الصفوف لانقاذ العراق وكانت الاضرابات الجماهيرية هي الخطوة الاولى التي نفذها البعث،فقد قام باضراب البانزين ثم اعقبة بالاضراب الطلابي الذي استمر شهورا حتى اسقاط النظام في ثورة 14رمضان المباركة.
وللتاريخ يجب ان نسجل بان الذي نفذه الحزب لم يكن انقلابا عسكريا تقليديا بل انتفاضة مسلحة قامت بها قوة مشتركة عسكرية واخرى مدنية وهي الحرس القومي الذي اعده الحزب قبل الثورة ولعب دورا حاسما في الثورة بسيطرته على بغداد وطرقها ومراكز الشرطة فيها والاستيلاء على اسلحتها والامساك بساحات المناطق التي سيمر بها الجيش للوصول الى وكر الديكتاتور في وزارة الدفاع ، كان الرفاق العسكريون يقصفون وزارة الدفاع من الجو بينما كانت الدبابات تتقدم والحرس القومي ينظف لها شوارع بغداد من الاعداء لتصل الى مركز القتال،سجل البعثيون المدنيون ملاحم بطولية فخاضوا معارك شرسة مع الشعوبيين الداعمين لقاسم الذين حملوا السلاح واخذوا يقتلون الثوار في الشوارع بعد ان دعاهم قاسم لقتلهم وسحلهم فتصدى الحرس القومي لتلك الجماعات وحيدها وقدم كواكب من الشهداء.
وتم القضاء على الديكتاتور بعد قتال ملحمي استمر يومين متتاليين وانتصرت ثورة الشعب وبزغت قوة ثورية صاعدة تتقن القتال كالعسكريين وهي طلائع البعث المدنية التي اسست لنمط جديد من الثورات يمنع قيام ديكتاتورية عسكرية تستغل الجماهير المنتفضة لتقيم حكما عسكريا يبعد الجماهير ولايحقق مطاليبها،كما نرى ذلك الان في السودان حيث استغل العسكر الانتفاضة لاقامة حكم عسكري هو الاخطر في تاريخ السودان وصعد على اكتاف الجماهير لترسيخ النظام السابق بوجوه اخرى من حماة النظام .
في هذه الذكرى التاريخية وبعد عقود من الاحداث الخطيرة توفرت ادلة على ان ما خلقه قاسم من نزعات خطيرة كان جزء من مخطط طويل المدى غربي صهيوني لضرب عروبة العراق وتقسيم الاقطار العربية من هنا يمكن فهم لم اسقط نظام البعث الاول بعد تسعة شهور فقط وقبل ان يتمكن من تحقيق اهدافه ، ثم لم عندما عاد البعث للحكم في ثورة 17 تموز ونجح في بناء عراق متقدم وقوي ومرفه شعبيا تم غزوه .
ان حزبنا وهو يستذكر كل تلك الحقائق التاريخية يؤكد لجماهير امتنا العربية بان الحزب الذي صنع معجزات نهوض العراق الكبير قادر على انهاء كوارثه والعودة لمسيرة البناء للانسان والدولة والمجتمع مكملا مشروعه النهضوي القومي انطلاقا من عراق متحرر يشكل قاعدة الثورة العربية مجددا.
تحية لقيادة قطر العراق التي قامت بثورة 14 رمضان وبالاخص للقائد احمد حسن البكر وكل الرفاق الذين خططوا للثورة ونفذوها .تحية لشهداء ثورتي 14 رمضان و17 تموز وفي المقدمة الشهيدين صدام حسين وعزة ابراهيم.
المجد والخلود لشهداء البعث والامة العربية .
المناظرة الكبرى – قطر العراق
8-2-2023