أخبار عاجلة
الرئيسية / منوعات / جينا ميللر..لا تراجع ولا استسلام

جينا ميللر..لا تراجع ولا استسلام

لا تكل ولا تمل، اختارت ان تكمل معركتها حتى ولو بمفردها ،هدفها ضمان تطبيق الديمقراطية والحفاظ على سيادة البرلمان وأن يكون دائما فى مركز الأحداث فى كل ما يتعلق بمفاوضات الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى.

هى جينا ميللر سيدة الأعمال التى اقامت دعوى قضائية أمام المحكمة العليا البريطانية لإجبار حكومة تيريزا ماى على الحصول على موافقة البرلمان قبل تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة التى تتيح لبريطانيا الخروج من الاتحاد.
وقد اصدرت المحكمة حكما لصالح ميللر رغم استئناف الحكومة وبالفعل صوت البرلمان على تفعيل المادة 50 قبل أيام. وحاليا تلوح ميللر باقامة دعوى قضائية أخرى لضمان أن يكون للبرلمان تصويت كامل على النتائج النهائية للمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وقد بدأت بالفعل حملة لحشد التأييد شعارها «صفقة جيدة لبريطانيا» تطالب فيها باجراء تعديل على خطة الخروج مما يمنح اعضاء البرلمان بغرفتيه حق التصويت الكامل على نتائج المفاوضات مع الاتحاد وليس مجرد التصويت بنعم أو لا على الاتفاق الذى سيتم التوصل إليه.

الدعوى الجديدة التى تهدد ميللر برفعها ليست وحدها ما دفع بها إلى بؤرة الضوء مرة أخرى وجدد الجدل حول شخصيتها ودوافعها ولكن هناك أيضا قضية الإساءة والتهديد عبر الانترنت التى ستنظرها احدى المحاكم البريطانية فى 4 ابريل المقبل والمتهم فيها رودرى كولين فيليس بـ «التواصل الخبيث وبث خطاب كراهية ذى طبيعة عنصرية» ضد ميللر عبر مواقع التواصل الاجتماعى .وقد القى القبض عليه فى شهر يناير الماضى من قبل وحدة جرائم الانترنت كما وجهت اخطارات انذار بعدم التعرض لثمانية آخرين.ويشير الخبراء إلى أن قرار المحكمة فى ابريل القادم قد يشكل سابقة فى تاريخ القانون البريطانى، حيث لم تتم ادانة أى شخص من قبل باستخدام مواقع التواصل الاجتماعى للتحريض على العنف العنصرى أو العنف الجنسى.

وتنحدر جينا ميللر (51 عاما) واسمها الأصلى «جينا ناديرا سينج» من أصول هندية .وقد ولدت فى جيانا بأمريكا الجنوبية فى أسرة مرموقة، حيث كان والدها يتولى منصب النائب العام. وفى سن العاشرة وبسبب الاضطرابات فى جيانا ارسلها والدها للإقامة والدراسة فى بريطانيا.

تنقلت ميللر بين مدرستين داخليتين فى جنوب انجلترا. و فى أثناء دراستها الحقوق فى جامعة ايست لندن اضطرت إلى قطع دراستها للعودة إلى جيانا بناء على رغبة أهلها، ثم عادت إلى بريطانيا مرة أخرى لتدرس التسويق فى جامعة لندن.

ورغم أن ميللر تنحدر من أسرة ميسورة الحال وذات نفوذ، فإنها اضطرت للعمل فى أثناء الدراسة بالجامعة ببريطانيا خادمة غرف بالفنادق وعاملة نظافة فى بعض المطاعم وعارضة أزياء أحيانا لأنه لم يكن مسموحا للوالدين فى ذلك الوقت بارسال الأموال إلى المملكة المتحدة. وربما لعبت تجارب الاقامة فى المدارس الداخلية ومحاولة التوفيق بين العمل والدراسة والقيام بالواجبات المنزلية فى أثناء الجامعة دورا كبيرا فى صقل شخصية ميللر واكتسابها قدرا من الصلابة والمثابرة وعدم الاستسلام بسهولة.

تزوجت ميللر ثلاث مرات ولديها ثلاثة أولاد. وهى حاليا متزوجة من رجل الأعمال آلان ميللر الذى تقدر ثروته بنحو 40 مليون جنيه استرلينى،.ويديران معا شركة استثمارية كبرى فضلا عن عدد من المشروعات الخيرية.

وقبل استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبى اشتهرت ميللر فى لندن بحملاتها من أجل تحقيق الشفافية فى صناديق الاستثمار وصناديق التقاعد.ومنذ أن أعلن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى السابق اجراء الاستفتاء أصبحت ميللر(مؤيدة حزب العمال البريطاني) من النشطاء البارزين فى معسكر البقاء (الذين يرفضون الانسحاب من الاتحاد الأوروبى) حتى اطلقت عليها صحيفة الصن البريطانية لقب « محطمة الخروج الرئيسية ».ولكن بعد تصويت البريطانيين بالموافقة على الخروج من الاتحاد قررت ميللر وآخرون رفع دعوى قضائية لاجبار حكومة المحافظين على أخذ موافقة البرلمان قبل تفعيل المادة 50 بدلا من الاكتفاء بالمرسوم الملكى كما كانت تريد رئيسة الوزراء تيريزا ماى.

وتؤكد ميللر فى هذا الشأن أن معركتها أمام المحكمة لم تكن تهدف لعرقلة الخروج من الاتحاد، كما ادعت بعض وسائل الاعلام ذات التوجهات اليمنية ،فهذا ليس قرارها فقد قالت بريطانيا كلمتها و يجب أن تغادر الاتحاد ولكن يجب أن يتم ذلك بالطريقة الصحيحة والأمثل.

ومنذ ان اختارتها المحكمة العليا فى يوليو الماضى لتكون المدعية الرئيسية فى القضية تحولت ميللر إلى واحدة من أكثر الشخصيات اثارة للجدل فى بريطانيا. يعتبرها مؤيدوها وعدد من رافضى الخروج البريطانى بطلة قومية ومناضلة شرسة من أجل الحفاظ على المبادئ ونموذجا لسيدة الأعمال التى تشعر بالمسئولية تجاه مجتمعها. فى حين يتهمها منتقدوها بأنها »ساعية شرهة للشهرة« تحرص على استعراض ملابسها الفاخرة ومجوهراتها فى كل مناسبة، وتستغل ثروة زوجها الثالث لتحدى رغبة الغالبية العظمى من البريطانيين الذين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد.وتجدر هنا الاشارة إلى أن ميللر قد اعترفت فى أحد تصريحاتها الصحفية بأنها انفقت أكثر من 200 الف جنيه استرلينى على الدعوى القضائية ضد الحكومة.

وفى اطار التشكيك فى مصداقية ميللر أشارت صحيفة »ديلى ميل«، فى تحقيق على صفحتين تحت عنوان »حقيقة جينا ميللر«،إلى أن موقع شركة ميللر يشير إلى أنها حاصلة على ثلاث درجات علمية فى التسويق وادارة الموارد البشرية والقانون فى حين أنها لم تستكمل دراستها فى كلية الحقوق.

وعما شهدته من حملات إساءة وتشويه سواء من جانب وسائل الاعلام أو كثير من المواطنين عبر البريد الالكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى، قالت ميللر: «ما تعلمته خلال الشهور الأخيرة هو أن أى امرأة ناجحة أو تمارس العمل العام تصبح تلقائيا هدفا للإساءة ويتم انتقاد كل ما تفعل وهو ما لا ينطبق على الرجال ولهذا تختار الكثيرات الابتعاد عن العمل العام».

وأضافت ميللر، فى كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي، أنه بعد عاصفة الاساءة والكراهية التى تلقتها عبر الانترنت والخطابات (ووصلت إلى حد التجريح بأنها »ليست من البشر بل هى حيوانة بدائية وأنها كامرأة ملونة ليس لديها الحق فى أن تعبر عن رأيها »بل و التهديد بالقتل والاغتصاب الجماعي) شعرت بأنها لم تعد تعرف بريطانيا وأنها لأول مرة تشعر بالغربة وأنه غير مرحب بها فى البلد الذى عاشت به أكثر من 80 ٪ من حياتها.

ورغم اعترافها بصدمتها أمام طوفان الكراهية والعنصرية والتشويه، فإنما لا تزال تحث المواطنين على التعبير عن ارائهم وعدم الرضوخ لتهديدات المتطرفين.

وسواء كانت جينا ميللر « رأسمالية ذات ضمير حى يؤمن بمبادئ ثلاثة :الربح والناس والكوكب«كما تصف نفسها أو «سيدة انتهازية تسعى للشهرة« كما يصفها منتقدوها فالواقع يشير إلى أنها سيدة ترفض التراجع أو الاستسلام وأنه لم يعد لديها ما تفقده بعد أن نهشت وسائل الاعلام ومواقع التواصل على مدى الشهور الماضية كل ما يتعلق بحياتها من مؤهلات وسمعة وماض وحتى أفراد أسرتها، واذا كان السياسيون البريطانيون يؤكدون أن سفينة الخروج قد أبحرت فستعمل ميللر على أن تكون هناك »سترات نجاة«على متنها، على حد وصفها، بمعنى أن تكون مفاوضات الخروج على أعلى درجة من الشفافية وأن يتم وضع كل وجهات النظر فى الاعتبار.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *