ھل یسقط دیناصور عملاق بسھام صیادین ھواة .. كلا بالطبع، أم بأفخاخ لا تصلح إلا لصید الأرانب وما
شابھ من المخلوقات الصغیرة الضعیفة … لا بالطبع … إذن كیف یصرع الدیناصور …؟
منذ القدم لا یتوقف ھذا الصراع، الدیناصور الشریف لیس انعكاس لضوء وظل قوة أجنبیة، ولا صدى
لصوت نشاز، ولھذا فقط طال عمره ومشروعھ، ولكن الصیادون لا یكفون عن محاولاتھم، وأخیرا أھتدوا
لفكرة نجاحھا یتطلب الصبر، فأشتروا منھ كمیة كبیرة، وباشروا مھمتھم القذرة .. الدیناصور الشریف
یمكن أن یصرع، یقتل / تأتي نھایتھ وبأسباب وأسالیب متعددة … فإذا كان من المستبعد أن یقتل بسھم
ً یطلق من قوس، فالدیناصور ینتزعھ من جلده بسھولة دون أن یخلف إلا جرحا طفیفا، یعالجھ الدیناصور
أو ً ً بیسر، وحتى بوسائل بدائیة، وفي النھایة یخلف ندبة یستبعد أن تمثل إعاقة لھ، إلا إذا كان سھما مسموما
.. وقد تمثل إعاقة بدرجة ً إذا ما أحدث جرحا غائرا بھ شیئ من العمق، فآنذاك تكون الندبة لیست بسیطة
ما … ما ھي ھذه الدرجة ..؟ ھذا السؤال المھم …!
الدیناصور حین یكون فتي سریع الحركة، دقیق الملاحظة والانتباه، لا تصعب علیھ القفزات إن أضطر
لھا، أو حتى للسباحة لمسافات متوسطة وطویلة، وھو في سنین شبابھ لا یحتاج للكثیر من المعارف،
وقد یخترع خلالھا الحلول ً فشبابھ وفتوتھ تعوضان سائر مستلزمات النضال والبقاء بطلا في المیدان
للمعضلات حین تواجھھ .. كما أنھ لا یحتاج للتمارین الریاضیة للإبقاء على قابلیاتھ تلك .. وقد تكفیھ
المطالعة البسیطة یجتاز بھا المصاعب. علاج الجروح تبدو بسیطة، فقوة بدنھ والتغذیة الممتازة تجعل من
معالجة جراحھ أمرا غیر معقدا ً ً.
یحتاج بالتأكید لعنایة ً ولكن مع تقدم السن، وكثرة المعارك التي تلحق بھ جراحا وبعضھا غیر بسیط، س
طبیة دقیقة، وإلى مساعدة أبناء القبیلة من الدیناصورات الفتیة، ولكن الدیناصور إذا أھمل تربیة ورعایة
أبناؤه، فقد یفرون إلى الغابات ویعیشون مع البلابل بل وبعضھم یتعلم التغرید والشدو … وما عادوا
یتذكرون أسلوب معالجة الجروح .. أحد الدیناصورات الخنفشاریة (الله لا یعطیھ العافیة) نصح الدیناصور
ً الكبیر أن یبعد ھؤلاء الدیناصورات التي قد تثیر المتاعب .. ” لا نحتاجھم مولاي ” مبسطا الحیاة في
الأدغال المخیفة المحیطة بھم بأنھا قضیة سھلة ولا تحتاج إلا لمن یتقن طقطقة وفرقعة الأصابع، وإطلاق
الصفیر، وإبداء قدر من السفاھة وقلة الحیاء، فھذه ضروریة في ھذا العصر .. مولانا ھذا زمن وحضارة
ً أستبعد الدیسكو ..ورفع الساق الیسرى عالیا ما أستطاع ذلك خلال الدبكة الضروریة. وھز الخصر، وفعلا
الموظفون الإداریون من یتسم بالقوة من الدیناصورات، وبعضھم نعرض للإھانة علنا في ساحة البلدیة ..
..! وأستبقي كل من یحسن الدبك والھبك، وأكل النبك وفرقعة الأصابع .. والضرب ً وعدد منھم مات كمدا
على الدنبك ..! وھناك من آثر الصبر والصمت واحتمال كل شیئ من أجل الولاء القدیم المتجذر
للعشیرة .. ومنھم الفقیر إلى الله كاتب ھذه السطور ..!
بمرور الأیام تفاقم العجز، وھذه ً الدیناصور اھمل العلاج، وفي البدایة لم یبدو ذلك أمرا خطیرا، ولكن
قاعدة عمل وحسابات الحیاة، وعدا ھذا یبدو الدیناصور متعافیا، وقد انتفخت أوداجھ، وصار لھ كرش
” كرشون ” ً وھو یعتقد جازما أنھا من علامات الصحة والعافیة … ولكنھ لا ً صغیرون، یطلق علیھ تحببا
یدرك أنھ أصبح ثقیل الحركة، وفي البدایة لم تمثل ھذه مشكلة ، إذ یجلبون لھ ما یتنقل بھ من عربات فخمة
ولكن فیما بعد أعتاد على لعبة قبیحة وھو أن یحملھ دیناصور شاب قوي، بكل فخر واعتزاز فأصبحت
لھ للترفیع إلى الدرجات العلیا .. ولم تعد المزایا الأخرى ً میزة الدیناصور الممتاز أن یكون حمالا، تؤھ
مھمة، فكثر عدد الحمالون …!
أكتشف الدیناصور أنھ أخطأ حین عالج الجرح في قدمھ، لأنھ یركب العربات ویحملھ الدیناصورات الجدد،
في البراري یعالج ً وبدلا من أن یستخدم مضاد للألتھابات، وضع حفنة من رماد وصفھا لھ دجال ھائم
ي مشیتھ .. ولكن تكائر الإصابات على مر ً الجھلة والمفلسین .. وھكذا صار الدیناصور یعرج قلیلا ف
السنین، مع توفر حیوانات سخیفة في الجوار، صحیح ھي تافھة لا قیمة لھا، ولكنھا تصبح مؤذیة إذا أتفقت
مع ضباع المنطقة، وبحكم تعدد الإصابات تكثر الالتھابات … ومن جھة أخرى یعتقد الدیناصور الأعظم
أنھ عبقري في مھمة قیادة سفینة عملاقة .. وھو الذي لم یجرب قیادة حتى شختورة صغیرة ..
لما بدأت أخطاء الدیناصور تكثر، حدث أن نصحھ صدیق صدوق بأن ینتبھ لحالھ، وإلا الكارثة ستحدث،
فلطمھ عظیم الدیناصورات على فمھ ضربة أفقدتھ ثلاثة من أسنانھ الأمامیة .. بحیث صار یلفظ السین
شین … ولكن الدیناصور الأكبر مع ذلك أستبقاه لیضحك علیھ حین یأمره : قل سلام فیلفظھا ذاك ” شلام ”
فیضحك الدیناصور حتى یستلقي على قفاه… الدیناصور أعتبرھا مسألة عادیة لا أھمیة لھا .. ولكي یریح
رأسھ من ثرثرة من یغمزون من طرف قناتھ .. رفس جمیع الدیناصورات على مؤخراتھم، وشتمھم ً قائلا
” تعتبرون أنفسكم عباقرة ..” ا ً نتظروا قسما لأجعلكم تھترأون في بیوتكم ..”.
ً قلنا بعض الدیناصورات مات ھما، وأخرون لبسوا الدشادیش وراحوا یھتمون بالحدیقة المنزلیة، وأشتروا
ً لفضیع ثانیا ً الأنابیب المطاطیة وراحوا یسقون الحدیقة فرحین مستبشرین بالسلامة أولا وبالاكتشاف ا
والحمد على ھذا الحال وكل حال، وبالشكر تدوم النعم. وإذ اكتشفوا أن بدراھم بسیطة یستطیعون
أنھم تعلموا زراعة ً و یوفرون شراء الطماطة والباذنجان، والخیار … وتأسفوا لأن ھذا العمر ضاع ھدرا،
ً الحدیقة مؤخرا، وتبین لھم أن الدیناصور الكبیر
ً وقولا
، فھو بھذا یوفر مبالغ كبیرة للاقتصاد ً عبقري فعلا
الوطني …
ذات یوم أصیب الدیناصور برجة في الدماغ، إذ ارتطدم رأسھ بجذع شجرة قویة، أثر ضرطة قویة من
دیناصور سخیف قلیل تربیة وتھذیب، معروف في المنطقة بقلة أدبھ … وأكتشف أنھ لم یبق من یعالجھ من
الصدمة، فجمیع الذین بقوا حمالین لا خبرة لھم بالعلم والفھم ….
تذكر الدیناصور مسرحیة كان قد شاھدھا، أن مدینة فر سكانھا للمھاجر من ظلم طاغیة أذاقھم المر العلقم،
وأودعوا مفاتیح بیوتھم لدى عجوز ائتمنوھا علیھا، وصار الملك الجبار یصرخ یرید الخدم والحشم
والمرافقین والجمھور، فلا یسمع غیر الصدى، وھتف بعلو صوتھ : أین الھتافة واللكامة والذي یطقون
الأصبع ویدبكون، فقیل لھم لم یبقى منھم أحد ….سوى العجوز حافظة المفاتیح ..
مالعمل …؟
سؤال فضیع .. مثیر للمتاعب ..