بقلم: هنادي السعيد
من منا لم يسمع بتحديات الشباب الفلسطيني و بطولاتهم على جميع الأصعدة فرغم الظروف المعقدة و التحديات التي يواجهها يحاول شباب فلسطين أن يتأقلم مع معاناته و يتعايش معها فهو صاحب الأفكار الإبداعية التي يسعى من خلالها للتغير و النهوض في الواقع الفلسطيني فالشاب الفلسطيني يدرك أنه قادر على تفعيل دوره و إشراكه في العمل داخل الوطن و خارجه ليبرهن على حضوره بقوة بما يملكه من طاقات بشرية و فكرية و هذا ما حاول أن يثبته الشابان علاء شحادة و صابر شريم من مخيم جنين بوقوفهم على خشبة مسارح هولندا و نقل معناتهم وواقعهم من خلال التمثيل حيث درسا فن المسرح في مسرح الحرية بجنين بالرغم من عدم تقبل الأهل و البيئة المحيطة بهم لدراسة هذا النوع من الفن الراقي إلا أن موهبتهم و حبهم للتمثيل من الصغر فرض عليهم تحدي الأهل و البيئة ليعبروا عن موهبتهم و أفكارهم من خلال فن المسرح حيث أهلتهم موهبتهم لاختيارهم من قبل السيدة كاتريا فان بوردن Katrien) van Beurden)الممثلة و المدير الفني و مؤسس فندق مسرح كوريج (Theatre Hotel Courage) حيث تجول بعروضها على مستوى العالم كما ولعبت دور البطولة في أفلام عدة لتفوز بسباق الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في فرنسا . و من خلال تجوالها حول العالم لتدريب وتدريس الممثلين ومن خلال رحلتها إلى مدينة جنين في فلسطين تم إختيار علاء و صابر للانضمام إلى فريقها المؤلف من عدة ممثلين من مختلف أنحاء العالم حيث تقوم فكرة مسرح فندق كوريج إذا كان العالم فندقاً ما هو موقفكم من هذا الفندق فهي تؤمن بفكرة العولمة لتنفذها من خلال فنها ليجمع مسرحها قصص من جميع أنحاء العالم فكل ممثل يرتدي قناع ليروي من خلاله قصص عن بلده في مسرح الأقنعة مستوحى من المسرح الإيطالي الذي اشتهر به . كما ويجمع مسرح فندق كوريج الكوميديا و التراجيديا في آن واحد لينسجم الحضور بالضحك و الضجيج و الأصوات الصاخبة و فجأة يتحول المسرح إلى التراجيديا حيث يعم السكون و المشاهد الحزينة لدرجة التأثير على الحضور بالبكاء ليتحول هذا المسرح بعروضه الممتعة على جميع مسارح المدن الهولندية كما و تجول عروضه المشافي و السجون و مراكز اللجوء لتقديم البسمة والترفيه لهذه الفئة من المجتمع .فصابر و علاء يحاولان إيصال رسالتهم إلى العالم عن طريق تقديم عروضهم ليثبتوا للعالم بأن فلسطين لها هويتها الثقافية و الفنية محاولين تغير النظرة السلبية للعالم عن الشعب الفلسطيني و مبرهنين لهم بأنه شعب فيه الفنان و المتعلم و المثقف فعندما يعتلي علاء خشبة المسرح و يتكلم عن نفسه و بلده و هموم شعبه و معاناته و يقدمها بشكلها الكوميدي مع زملائه الممثلين من جميع أنحاء العالم فهو يحاول إيصال رسالة انسجام ثقافة بلده مع ثقافات العالم وعندما سئل علاء عن تقديمه لهذا النوع من العروض و الذي ينتقد من خلاله الحاكم العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص و تمسكه بكرسي الحكم وممارسة الديكتاتورية علل ذلك بأنه عندما يمارس عليك الإضطهاد والقمع و التخويف و الإحتلال من جميع الجهات وعلى جميع الأصعدة فانت تلقائياَ سوف تتحول إلى دكتاتور لتمارس الشيء ذاته على الآخرين فشعب علاء معذور عندما يمارس بعضاً من أنواع العنف الذي تولد لديه من ممارست الإحتلال لشتى أنواع القهر و العنف .و عن مدى تقبل الجمهور و ردود أفعاله لما يعرضه علاء أجاب بأنه يخلق الفضول لدى الجمهور للتعرف عليه شخصياً و يثار بهم الحماس لزيارة فلسطين و مشاهدتهم لرؤية الواقع و معاناة هذا الشعب مقنعاً إياهم بحقيقة شعبه القابع تحت الإحتلال بعيداً عن الإعلام المضلل و المغاير لأرض الواقع معتبراً بأن كل فلسطيني يتوجب عليه الدفاع عن قضيته من خلال موقعه و منبره فهو يقدم الكوميديا لقناعته بأن الشعب المضغوط و الممارس عليه شتى أنواع الإحتلال بحاجة للكوميديا للتنفيس عن همومه و مشاكلهو زرع البسمة على وجهه فهو يؤمن بأن الكوميديا تتولد من رحم الألم و المعاناة و يأمل علاء من خلال نظرته المستقبلية بتأسيس مسرح الأقنعة في فلسطين متأملاَ بزرع البسمة على وجوه شعبه المتألم و المحتل .علاء هو نموذج من الشباب الفلسطيني المولود من رحم المعاناة و القهر خارج إلى العالم لإيصال رسالته مؤمناً بزوال الاحتلال بيوم من الأيام طالما هناك شباب من وطنه يتحدى و يسعى لتحقيك مستقبل وطنه