بذور العقل
تتكون شخصية الانسان وتتم برمجة عقله من عدة مصادر أهمها الوالدين ودور العبادة والمدرسة والأصدقاء و البيئة المحيطة به ووسائل الأعلام , لذلك تلعب وسائل الأعلام دورا هاما وأساسيا فى التربية وتكوين الشخصية , وحسب قانون الكون : حسب نوع البذور تكون الثمار الناتجة ” نجد أن عقل الانسان يعمل بنفس القانون , فعندما تكون بذور العقل ايجابية و كلها حب وعطاء وتسامح و شكر و تقبل الاخر واحترام الكبير , تتنج لنا شخصية ايجابية سلوكياتها من نفس البذور تفيد المجتمع و تنشر كل ما هو خير لما حولها , و يصبح مجتمعنا بناء , ان اهتمام الشعوب المتقدمة بعلوم التنمية البشرية وتفعيلها وتطبيقها له أثرا كبيرا على تقدمها ورقيها .
فى مراحل العمر الأولى يقوم الولد والبنت بتقليد كل مايرونه امامهم , و من هنا يلعب الاعلام دورا بارزا وخطيرا فى تربية الطفل , فبدون وعى يحاول الطفل ” من سن 7 الى سن 14 ” تقليد كل مايراه على الشاشة , و تبدأ بذورا جديدة فى النمو , بذورا يبذرها الاعلام , و حسب نوع البذور تكون السلوكيات , لذلك تقع على الوالدين مسؤلية كبيرة فى مراقبة كل ما يراه الطفل على الشاشة , مع الأسف نجد الأن بعض برامج ” المقالب ” و بعض المسلسلات التى تبذر بذور الضحك على منظر شخص مرعوب , عدم احترام الأخر , الاستهزاء بمشاعر الناس , العنف و البلطجة , الشتيمة وقت الغضب , و غيره من البذور السامة والامثلة المخجلة , والتى نجنى الان ثمارها : عنف وتحرش وسرقة و جرائم قتل , واحيانا داخل الاسرة الواحدة , جرائم لم يعرفها مجتمعنا من قبل , و يرجع كل ذلك للبذور السامة التى تبثها هذه البرامج و الافلام الهدامة , قطعا توجد اعمال فنية محترمة تبذور بذور الخير والفضيلة و الاخلاق , انما مع الاسف قليلة , و لا يسلط عليها الضوء .
على الأب والأم دورا هاما فى مراقبة الاولاد فيما يتابعونه على الشاشة , و على الدولة دورا خطيرا ايضا , نطالب المشرع بسن قوانين تجرم كل من يقوم بالعمل فى هذه البرامج التى تقوم بتلويث العقول ببذور سامة للمجتمع , أن تلويث العقل أشد خطورة من تلويث الطعام الذى يعاقب عليه القانون , و على المشتركين فى مثل هذه الاعمال
دورا , ليسأل كل واحد منه نفسه ” ما هى الرسالة التى أقدمها من خلال هذا العمل ؟ ” ماهى الرسالة من ترويع الناس وتخويفهم ؟ اذا كانت الاجابة تقديم كوميديا , فلنقل لهم رحم الله عمالقة الكوميديا من نجيب الريجانى الى مدبولى الى فؤاد المهندس الذين قدموا لنا مثلا عليا ومبادئ من خلال اعمالهم , و ما زال يحمل نفس الرسالة البعض من الفنانين اصحاب الرسالة التنويرية مثل الفنان محمد صبحى ,
انتبهوا ايها السادة , بذوركم التى تنشرونها من خلال الاعلام و تزرعونها فى عقول الناس تتنج مجتمعا من نفس النوع , اتقوا الله وابذروا بذور الحب والتسامح و الشهامة والفضيلة والولاء للوطن والاهل واحترام الوالدين وكبار السن و تقبل الاخر المختلف عنى , ليعود لنا مجتمعنا بكل اصالته . اننا بمراقبتنا لاولادنا فيما يرونه على الشاشة و بشجبنا ومقاطعتنا تماما لهذه الاعمال الفنية الهادمة , وبتشجيعنا لكل الاعمال الفنية التى تهدف للخير نبنى جيلا جديدا لمجتمعنا , ويكون يومنا حلو وبنعمة ربنا بكرة أحلى .
د . ميلاد فايز موسى
مؤسس المركز الهولندى للتنمية البشرية بهولندا
[email protected]