“يا له من مجرم أوهن نفسية الأمة !” هكذا علق أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق، زياد زنبوعة، على قرار نقله بسبب محاضرة ألقاها عام 2017، بتهمة “المساس بهيبة الدولة” و”إضعاف الشعور الوطني”.
وأصدر القرار “مجلس التأديب لأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة دمشق”، منذ الشهر الماضي وتسلمه الاستاذ زنبوعة ونشره حديثا.
ويرد في حيثيات القرار الجامعي: “ومن حيث أنه ثابت في الأوراق المبرزة بالملف بأن المحال الدكتور زياد زنبوعة ألقى محاضرة في غرفة تجارة دمشق بتاريخ 17/1/2017 بعنوان “الطبقة الوسطى من وجهة نظر اقتصادية وتداعيات الأزمة” تطرق فيها باستهزاء إلى ما تقوم به الدولة في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي خلال الأزمة التي تمر بها البلاد”.
ويضيف القرار: “ومن حيث أن ما أسند للمحال من شأنه المساس بهيبة الدولة وإضعاف الشعور الوطني للمواطنين ويبعث فيهم روح الانهزام ويشكل بالتالي إخلالا بواجباته الوظيفية، مما يستوجب مساءلته مسلكيا عن تلك المخالفة المسلكية”.
ويروي الدكتور زنبوعة بعض التفاصيل حول القضية المستمرة منذ أربع سنوات وصدر فيها حكم بـ “النقل التأديبي” الشهر الماضي واستلمه حديثا، ويتساءل: “لماذا يُعاقب أستاذ جامعي في دولة المؤسسات والقانون؟ ولماذا يُحال إلى مجلس تأديب مسلكي بعد ثلاثة عقود أفنى فيها عمره في خدمة وطنه وجامعته وطلابه؟ مع أن سلوكه وملفه الوظيفي أنصع وأطهر من كل من يتجرأ أن يومي إليه ولو بغمزة شذرة”.
وبنوع من التهكم يعدد زنبوعة ما يسميها “فاحشة” ارتكبها وسببت الهجوم عليه، وهي أنه شارك في ندوة في غرفة تجارة دمشق نظمتها ثلاث جهات رسمية: كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، وغرفة تجارة دمشق، وجمعية العلوم الاقتصادية.
ويضيف أن تلك الجهات دعته للتحدث حول حال الطبقة الوسطى في البلد، ويقول إنه لبى الدعوة وشرح “الواقع المعاش”، وحذر “من تلاشي الطبقة الوسطى، ومن أن ثلاثة أرباع الشعب السوري صار تحت خط الفقر، ولا بد من التصدي لذلك كأولوية على غيرها. فالفقر هو أخصب تربة لإنبات المجرمين وكل شرور الأرض”، كما يقول زنبوعة.
ويضيف إلى “الفواحش”، أنه “حذر من نشوء أمراء الحرب وتفشي ظاهرة النهب والسلب والتعفيش” ومن “جيوش المرتزقة”.
ويقول إنه “اليوم وبعد أربع سنوات، يعودون ويكررون العقوبة ذاتها التي فرضوها بحقي منذ أربع سنوات ولنفس فواحشي السابقة المرتكبة حينها”.
المحاضرة .. التهمة
يذكر أن المحاضرة التي ألقاها زنبوعة أثارت ردود فعل داخل القاعة إذ اعترض أحد المسؤولين الحاضرين على ما ورد في كلام زنبوعة عن تدهور الطبقة الوسطى التي قال إنها تتعرض للتشوه “بملء فراغ تلك الطبقة من قبل فئات مجتمعية أخرى غريبة عنها وصعود انتهازيي الأزمات والحرب والمحتكرين وصعود مرتزقة الحرب والمتاجرين بدماء المواطنين ولقمة عيشهم”.
وأشار زنبوعة في تلك المحاضرة إلى أن “عملية إفقار الطبقة الوسطى تترافق مع تزايد منافع شريحة الطفيليين وأمراء الحرب المستفيدين من الأوضاع الراهنة”.
ويحمل زنبوعة شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة سان بطرسبورغ، وهو من مواليد دمشق عام 1964.