شهدت المملكة المتحدة خلال الأيام الماضية حالة استنفار أمني غير مسبوقة بعد الإعلان عن إحباط مخطط إرهابي واسع النطاق تم تدبيره من قبل عناصر مرتبطة بأجهزة النظام الإيراني. العملية التي وصفت بأنها من أكبر عمليات مكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة، أسفرت عن اعتقال سبعة إيرانيين في سلسلة مداهمات منسقة شملت عدة مدن بريطانية، بينها لندن ومانشستر وروتشديل وستوكبورت وسويندون. وأكدت الشرطة أن خمسة من المعتقلين يخضعون لتحقيقات مكثفة بتهمة التحضير لهجوم إرهابي يستهدف موقعًا حساسًا داخل البلاد.
تفاصيل العملية كشفت عن مستوى عالٍ من الجدية والخطورة: في إحدى المداهمات، استخدمت القوات الخاصة القوة النارية لاقتحام منزل أحد المشتبه بهم، وسط حالة من الذعر بين السكان المحليين الذين شاهدوا انفجار الباب واعتقال أحد الأشخاص شبه عارٍ. شهود عيان تحدثوا عن موكب سيارات سوداء وقوات مسلحة بأعداد كبيرة، في مشهد يعكس حجم التهديد الذي كان يواجه البلاد.
تهديد منظم يستهدف المعارضين والنشطاء
التحقيقات الأولية تشير إلى أن هذه الخلية ليست معزولة، بل جزء من سلسلة مؤامرات يجري التخطيط لها ضد معارضين إيرانيين مقيمين في بريطانيا، بينهم نشطاء وكتاب وصحفيون. المخططات تتنوع بين الاغتيال، التخريب، والاعتداءات المباشرة، ما يثير مخاوف من موجة عمليات انتقامية قد تطال الجاليات المعارضة للنظام الإيراني في أوروبا.
أجهزة الأمن البريطانية أكدت أنها نجحت منذ عام 2022 في إحباط ما لا يقل عن عشرين مخططًا إرهابيًا مشابهًا، ما يعكس إصرار النظام الإيراني على استخدام العنف والتصفية كأداة لتوسيع نفوذه وكتم الأصوات المعارضة في الخارج. التقييمات الأمنية تشير إلى أن هذه العمليات يجري تنسيقها غالبًا من قبل عناصر مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وبتوجيه مباشر من دوائر القرار العليا في طهران.
استنفار سياسي ودعوات لتشديد الإجراءات
مع تصاعد التهديدات، أطلقت شخصيات سياسية ونواب بريطانيون دعوات لإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وتجميد جميع أشكال التنسيق غير المباشر مع النظام الإيراني. وزيرة الداخلية أكدت أن البلاد في حالة تأهب دائم، وأن الأجهزة الأمنية تطور باستمرار آليات المواجهة والتعامل مع التهديدات الوطنية.
هذه التطورات تأتي في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، ما يجعل الساحة الأوروبية هدفًا محتملًا لعمليات انتقامية أو رسائل سياسية من قبل النظام الإيراني. الخبراء يحذرون من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المواجهة بين طهران والعواصم الأوروبية، خاصة إذا استمرت محاولات استهداف المعارضين والنشطاء على الأراضي الأوروبية.
في المحصلة، تؤكد هذه الأحداث أن التهديدات العابرة للحدود لم تعد نظرية، بل واقع ملموس يتطلب استجابة أمنية وسياسية حازمة. كما تعكس حجم التحدي الذي يمثله النظام الإيراني ليس فقط لجيرانه الإقليميين، بل أيضًا للأمن الأوروبي والدولي عمومًا.