بقلم : ناجي حرج
جنان ماذي الشحماني (ام جنّات/ 49 عاما) مسعفة عراقية، وصفها ناشطون عراقيون وهم يشيّعون جثمانها اليوم (الخميس 23/1/2020) في البصرة (جنوب العراق) بأنّها كانت بمثابة الأم الحنون لكلّ متظاهرٍ ثائرٍ ضدّ الظلم والاضطهاد. فقد كانت تُسعف كلّ متظاهر يتعرّض لأذى من القوات الامنية او الميليشيات، كما تقوم بكثيرٍ من الأعمال الخيرية والإنسانيّة.
ام جنّات، قُتلت بهجوم شنّه مسلّحون (مجهولون) يستخدمون سيارة رباعية الدفع وسط مدينة البصرة، ونتج عن الهجوم أيضا إصابة ثمانية أشخاص آخرين – بينهم ناشطة اخرى- بجروح بالغة.
ام جنّات، ناشطه مدنية خصّصت معظم حياتها لرعاية الايتام وتعليم الأرامل مهنة الخياطة والحلاقة والطبخ والاعمال اليدوية. وهي مسؤولة عن عدّة عوائل من الارامل والمهجّرين، وتساعد ما يقرب من ٥٠٠ يتيم… كما تقوم بطبخ وتوزّع الطعام على المتظاهرين.
قيادة شرطة البصرة، المسؤولة عن حماية المواطنين قالت في بيانٍ لها “إن اغتيال امّ جنّات، هو عملٌ جنائي ولا يرتبط بالتظاهرات حيث ان مسرح الجريمة (بعيد) عن مكان ساحة الاعتصام او التظاهرات”.
ونحن نقول لقيادة شرطة البصرة ان إغتيال ام جنّات جاء مشابهاً لاغتيالات اخرى راح ضحيتها عشراتٍ الناشطين سبقوها الى هذا المصير…ولا تختلف بشيء عنها…!
فبماذا تختلف عمليّة اغتيال ام جنّات عن اغتيال الناشط حيدر اللامي يوم الجمعة 29/11/2019، من قبل مسلّحين (مجهولين) وسط محافظة ميسان؟
وبماذا تختلف عن عمليّة اغتيال الناشط المدني، فاهم أبو علي الطائي، من قبل مجموعة مسلّحين (مجهولين) أطلقوا عليه الرصاص من أسلحة كاتمة للصوت أمام فندق الأنصار في البارودي في مدينة كربلاء الأحد، 8 /12/2019؟
كذلك هل اختلفت عن عملية اغتيال الناشط علي اللامي ليل الثلاثاء 10/12/2019، بثلاث رصاصاتٍ اطلقها مسلّحون (مجهولون) على رأسه، في حيّ الشعب ببغداد، بعد عودته من المظاهرات في ساحة التحرير.
امّ انّها اختلفت عن عملية اغتيال الناشط علي الخفاجي الذي تعرّض لإطلاق الرصاص من مسلّحين (مجهولين) بالقرب من سوق الخضار وسط الناصرية، في يوم الإثنين 30/12/2019؟.
بربّكم افتونا، يا قيادة شرطة البصرة، بأيّ شيء تختلف عمليّة اغتيال ام جنّات عن عمليّتي الإغتيال اللتين جريتا في بغداد يوم الأحد 15/12/2019، باستهداف الناشط حقي اسماعيل العزّاوي، الذي اغتيل على يدّ مسلحين (مجهولين) عندما كان يستقلّ دراجته في منطقة الشعب شمالي العاصمة بغداد، والناشط محمد جاسم الدجيلي الذي اغتيل من قبل (مجهولين) ايضاً، في منطقة شارع فلسطين شرق العاصمة بغداد خلال عودته الى منزله، والعمليتان جريتا بعيداً عن ساحات التظاهر؟
وما هي أوجه الاختلاف عن عمليّة اغتيال الناشط محمد العصمي، وسط مدينة الناصرية، بمحافظة ذي قار يوم الجمعة 20/12/2029، حيث أن مسلحين (مجهولين) يستقلّون سيارة مدنية اغتالوه بأسلحة كاتمة للصوت، ولاذوا بالفرار الى جهة مجهولة ايضاً.
او انّها تختلف عن عمليّة اغتيال الناشط ثائر الطيب، في الديوانية جنوب العراق، يوم الثلاثاء 24/12/2019؟
ويا تُرى هل اختلفت بشيء عن عمليّة اغتيال الصحفي احمد عبدالصمد وزميله المصور صفاء غالي، وهما يستقلاّن سيارة خارج ساحة التظاهر في البصرة، إذ أطلق (مجهولون) النار عليهم يوم الجمعة 10/1/2020!
وبماذا تختلف عن اغتيال الناشط أحمد سعدون المرشدي على يد مسلّحين (مجهولين) أطلقوا عليه النار بالقرب من منزله في حي المهندسين وسط الحلّة يوم الخميس 16/1/2020؟
يا شرطة البصرة، انّ هذه العمليات كلّها تتشابه، فكلّها تستهدف المتظاهرين (خارج) ساحات التظاهر من اجل ضمان تنفيذ الجريمة كاملةً. وكثير من هذه العمليات يجري في وضح النهار، او في ساعات الليل الأولى. وفي كل الأحوال فأنتم، وغيركم من الأجهزة الأمنيّة في العراق، تعلمون جيداً منّ هم القتلة، وانّ من يقوم بها ليسوا (مجهولين) بل معلومين لكم وللسلطة جيداً. انّها الميليشيات، التي ترفع شعارات الموت لأمريكا والموت لإسرائيل؟ انّها هي من تستهدف المتظاهرين السلميين في بغداد والنجف والبصرة والناصرية وكلّ اماكن التظاهر. وهي تستخدم الأسلوب والوسائل ذاتها، وبإمكانكم الوصول إلى الفاعلين لو كنتم فعلاً معنيين بحماية المواطنين. إنّها الميليشيات التي تتهم المتظاهرين بانّهم عملاء لإسرائيل ولأميركا لمجرد انّهم أرادوا استعادة الوطن الذي سلبته، اساساً، اميركا وقدّمته هديةً لإيران!!
ان كلّ من يسكت عن هذه الجرائم، ولا يلاحق مرتكبيها، هو بلا شكّ شريكٌ بها ويتحملّ المسؤوليّة عنها، فهي عمليات قتلٍ تتم مع سبق الإصرارٍ والترصدّ.
مهما طال الزمن، ستظلّ دماء هؤلاء الابرياء تلاحقكم وتفضح عاركم ومستوى اجرامكم الذي فاق كل الحدود!