أخبار عاجلة
الرئيسية / عاجل / ام المعارك بدأت بتأميم النفط … صلاح المختار

ام المعارك بدأت بتأميم النفط … صلاح المختار

ام المعارك بدأت بتأميم النفط

صلاح المختار

اليوم 1-6  هو ذكرى تأميم النفط في عام 1972 عندما اعلن الرفيق القائد احمد حسن البكر رحمه الله قرار البعث الخالد،وليس افضل في هذه المناسبة من ربطها بالاحداث الاخطار التي اعقبته وكانت بسببه كي نستخلص الدروس التي تزيد قوتنا وصمودنا في معركة كسر العظم بيننا وبين ثلاثي الشر اسرائيل الشرقية العدو الاشد خطر على العرب واسرائيل الغربية التي تليها في الخطر والراسمالية الامريكية ومن معها التي يبدو خطرها معتمدا على الخطرين الاول والثاني اكثر من اعتمادها على قوتها بكافة اشكالها ،وهو ما تؤكده تجربة احتلال العراق وما بعده، وفي هذه التركيبة تهندّس لنا كافة انواع الكوارث ونرى عمليات تضليل مدروسة للعرب، من هنا لابد من القاء نظرة على التأميم لنرى اهميته التاريخية وعواقبه لتحديد دوره في معاركنا:

1-قبل كل شيء من الضروري تذكر اهم طبائع اي نظام نهب فذلك هو المفتاح الوحيد لفهم ما يجري بصورة صحيحة، فالاستعمار هو السيطرة العسكرية بهدف نهب البلد المحتل وهذا ينطبق على الاستعمار الكلاسيكي البريطاني والفرنسي مثلا، اما امريكا فهيي دولة امبريالية وهي بنفس الوقت دولة جاليات وليست دولة امة، ولهذا فانها اعتمدت على تصدير راس المال كوسيلة للسيطرة واستخدمت القوة العسكرية لازالة العقبات من طريق احتكار شركاتها النهب.

2-تأميم النفط في اطار ما تقدم هو عملية تجريد القوى الاستعمارية التقليدية والامبريالية في ان واحد مما اغتصبته من ثروات واحتكرته من عقود واطلاق يد الامة في اختيار من تتعامل معه على اسس الندية والمصلحة الوطنية وليس الخضوع لمستعمر ولا لامبريالي، فتحرير الثروات الوطنية يبدأ من السيطرة على الموارد الوطنية ومنع اي قوة اجنبية من تملكها والتحكم بها، وهو ما فعله التأميم حيث سيطر العراق على موارد النفط وقام بتوقيع عقود مع دول متعددة لم يكن مسموحا له بتوقيع عقد معها مثل الاتحاد السوفيتي.

3-وبما ان الاستعمار والامبريالية كلاهما يقومان على نهب الثروات فان حرمانهما من النهب بقوة الارادة الوطنية المتجلية في تأميم مصادر الثروات الوطنية يدفع القوى الاستعمارية لشن كافة انواع الحروب ضد من امم لانه العدو الاخطر لها لاجل اجباره على التراجع واعادة سيطرتها على الموارد الوطنية.ومن بين وسائل الحرب ضد من امم تقديم الاغراءات الى جانب الضغط الاقتصادي والتأمر المخابراتي والحملات الاعلامية وصولا للحرب العسكرية،والاغراءات التي قدمت للعراق  لوحت او صرحت بانه ان تراجع فسوف يصبح (ملك الملوك) او (السيد الاقليمي) ، وهو ما قدمته امريكا في عهد رونالد ريجان في الثمانينات للنظام الوطني في العراق كي (يتراجع عن تأميم النفط وعن موقفه القومي من القضية الفلسطينية ويهتم فقط بالعراق وعندها سوف تقدم امريكا والغرب كافة انواع الدعم له ليكون المركز الاكثر قوة وازدهارا في المنطقة) ،وتلك الوعود قدمت والحرب الايرانية ضد العراق في ذورتها ومن نقل تلك الرسالة الامريكية كان دونالد رامزفيلد والذي اصبح فيما بعد وزيرا للحرب وكان وراء غزو العراق، فنقل الرسالة عندما زار العراق وقابل الشهيد صدام حسين وعرضها عليه، والتي اكدت بان تراجع العراق عن تأميم النفط وتخليه عن القضية الفلسطينية هما بطاقة الدخول لنادي ملوك العالم الكبار ، ورفضها الرئيس صدام بحزم تام ، ثم نقلها مبعوث البابا في التسعينيات ورفضها العراق بنفس الحزم رغم ثقل الحصار وقتها وضغوطه الهائلة ،ونقلها ثالثا امين الجميل الرئيس اللبناني السابق ورفضها العراق، ونقلها رابعا مبعوث الاردن في التسعينيات ايضا ورفضها العراق، رغم انه كان يعاني من اقسى حصار في التاريخ حتى الان.

وكانت ثنائية التخلي عن التأميم وعن دعم القضية الفلسطينية هما العمودان الاساسيان في عروض امريكا والغرب والصهيونية للعراق في العهد الوطني وكانت هي الشكل الاوضح والرسمي لسياسة الجزرة اي الاغراء مقابل العصا وهي التهديد بالحرب بكافة اشكالها . لقد رفض العراق كل تلك الاغراءات لان قيادته الوطنية  عرفت مسبقا ان تخليها عن التاميم وعن اعتبار قضية فلسطين قضية العراق القومية والوطنية في ان واحد هي ردة شاملة تقضي على الطابع الوطني للنظام وللحزب ،فاستقلال العراق وسيادته وعروبته قواعد ايمان لايمكن التخلي عنها فرفض العراق الاغراءات والتهديات وتمسك بالهوية التحررية وهي تعني اولا وقبل كل شيء حرية القرار الوطني وخدمته لمصالح الشعب والامة .

4- اصبح العراق معرض مباشرة لكافة انواع الحرب وخصوصا المخابراتية وهي الاخطر ومحورها الاساس هو الخداع والتضليل من خلال ارتداء عقالك وغترتك وعباءتك العربية واتقان غناء البدو لكن تحت كل ذلك يقبع الجاسوس لورنس العرب،كي ينفذ بهدوء وهو بيننا المخطط وهذه المرة ليس البريطاني ف(فلورنسات) الحاضر اكثر تعددية في الواجبات منه وهم ومنذ التأميم وحتى الان يبدون كأنهم جزء من النضال العربي بل يزايدون على القوى الوطنية والقومية والاشتراكية في الشعارات والصراخ وهو ما رأيناه في تجربة حافظ اسد الذي ارتد هو ومن معه في 23 شباط من عام 1966  وابقى اسم الحزب ولكنه افرغه من محتواه كله وجعله مجرد اسم بلا مضمون اجتماعي او قومي وسخره اساسا لتدمير البعث وشيطنته وبأسمه وليس بأسم العدو الصهيوني ولا الامبريالية ولا الاستعمار !

5-ان اسقاط النظام الوطني كان ذروة الصراع بين البعث وبين امريكا والاسرائيليتين الغربية والشرقية فالبعث المتمسك بمبادئه وفي مقدمتها تسخير الثروة الوطنية من اجل بناء العراق والامة كلها ونقلهما الى مصاف عالم متقدم قوي ومتنور، وهذا لايمكن ان يتم الا بأبقاء الثروة الوطنية بيد ابناء العراق والامة، ورغم التأمر عليه بقي صامدا قويا بعد الغزو بمقاومته المسلحة وبنضاله الشعبي الشامل وبتحصنه ضد كل انواع الاغراء والاحتواء وبتحمله لكافة انواع العذاب الجسدي ،مقابل ذلك نجد ان امريكا والاسرائيليتين الشرقية والغربية تستخدم كافة انواع التأمر ضدنا الى ان اوصلونا للخراب الحالي ،ولكننا صمدنا وعمقنا جذورنا الكفاحية وواصلنا مسار التحرر الوطني الاقتصادي بلا هوادة ولا تراجع لانه اساس التحرر السياسي وبدونه يصبح الاخير عبارة عن خداع ، لاننا عرفنا بان ما يحصل لنا من سحق وتدمير انما هو وسائل ضغط للتخلي عن هويتنا القومية وانهاء بعثنا الخالد بجعله اسم بلا مضمون كما فعل حافظ اسد في سوريا .

6-في ذكرى التأميم نرى الفرق بين عراق كان مرفها حد زوال الفقر كله والامية كلها وكان تقدمه مذهلا للاصدقاء قبل الاعداء، وكان عراقا حرا قويا محترما كانت تسود فيه مظاهر التقدم والاستقرار والمساواة ، وكل ذلك تم نتيجة التمسك التام بالارادة الوطنية العراقية والتي جعلته قوة اقلمية عظمى هزمت مخازن الشر في شرقنا، دون التفريط بعراقيتنا ومع التمسك بعروبتنا واهم واجباتها هو التمسك بالقضية الفلسطينية وكافة قضايا الامة العربية التحررية من الاحواز حتى سبتة ومليلية، والرفض التام للتنازل عنها ومقاومة كافة اشكال التطبيع والاستسلام، وتلك هي ابرز الاثباتات التي تميز النظم والحركات الوطنية وتمنحها سمة تاريخية وتبعد عنها الشكوك والشبهات، بينما الردة عن التأميم كان هو التراجع عن الخيار الوطني.

ليس ثمة معيار حاسم لتحديد الوطني وتمييزه عن العميل اقوى من طرد غزاة ثرواتنا ومنعهم من التحكم بها فكل المعايير الاخرى تحتمل الاجتهاد الا معيار السيطرة على الثروات الوطنية فهو الضربة القاسية جدا لدول الهيمنة والنهب ، وما ان ترى تراجعا عن الامساك بالثروة الوطنية حتى تبدأ برؤية النهاب وهو يجلس في القصر الجمهوري او الملكي يصدر الاوامر ويقرر تهديم قيم الامة واخلاقها وليس سياساتها فقط ، ونظرة لواقعنا العربي تؤكد ذلك فقد فرضت حتى قوانين تحمي الشذوذ الجنسي وتحلل المحرمات الدينية والاجتماعية، وكل ذلك يجري تحت تسمية حكومة الوطن ! الوطني هو من يمسك بالثروات الوطنية بيديه ويسخرها لخدمة شعبه ،ثم يبني وطنا يخلو من الفقر والامية والاستغلال ويتحقق فيه التقدم العلمي والتكنولوجي، اما المرتد او العميل فهو يكشف فورا بمساعدته الاجنبي على الاستيلاء على ثروات البلد ويحرم الشعب منها،تلك هي معايير الحسم والتي لاتوجد معايير اصدق منها ، وهي تسقط كل الشعارات وكل تلفيقات المخابرات الموضوعة لاجل الخداع وامرار الخطط التخريبية .وتكفي المقارنة بين العراق القوي والمتقدم والعراق الحالي لندرك كم كان التأميم مصدر خير وبركة للعراقيين كلهم .

لنجعل من دروس التأميم محركا جبارا لنا ونحن نعيش عصر الكوارث غير المسبوقة ولنسمي الاشياء باسماءها الحقيقة بدون لف اودوران، واهم واجباتنا التمسك التام بعقيدة البعث التي كانت مصدر كل الصواب والخير والتقدم .

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *