أما ونحن في مرحلة استكمال عناصر القوة للجمهورية الجديدة لتأخذ مكانها بين دول العالم المتقدم كلاعب رئيسي يلقى الاحترام والتشجيع من باقي الدول ، حبذا مع استكمال عناصر القوة الاقتصادية والتي أهمها بناء القدرة التنافسية للصناعات المصرية. لاسيما بعد أن استقر منذ زمن رأى الخبراء والمحللين من أن السوق الأوروبي بمختلف دوله هو السوق الأمثل للتوجه التصديري للمنتجات المصرية يليه السوق الأفريقي وإن كان الأخير يحتاج حجماً لا بأس به من الإعداد والدراسات وتبادل الخبرات مع القوى الاقتصادية لتلك الدول الأفريقية كل على حده .
وفى الحديث عن السوق الأوروبية كمتلقي أمثل للصادرات المصرية ، فقد وقع الاختيار على هذا السوق لأنه الأقرب جغرافياً ، والأكثر استيعاباً من ناحية الحجم للمنتجات المصرية ، كما أن المواصفات الفنية موحدة على سائر دول الاتحاد الأوروبي الممثلة فى 27 دولة بعدد أعضائه الحالي آخذاً فى الزيادة تباعاً .
وقد حقق هذا السوق الأوروبي نجاحاً ملحوظاً متنامياً فى مجال المنتجات الغذائية من حاصلات زراعية وخضراوات وفواكه ، إلا أن القدرة الإنتاجية لهذه المنتجات تبقى محدودة فى مصر بما يمكن وصفه بأنها بطيئة التنامي على المستوى الأفقي والرأسي بحيث لم تحقق الطموحات بمعدلاتها الكبيرة رغم مزاياها المرتبطة بالمناخ ، حيث أن منتجاتنا تسبق من حيث التوقيت والنضج المنتجات الأوروبية إلا أن دول جنوب أوروبا مثل اليونان وتركيا وأسبانيا تنافسنا في هذه الميزة ، كما أن الزيادة السكانية فى مصر ترفع من الطلب المحلى على حساب الفائض التصديري .
يبقى المجال أمامنا واسعاً وممتداً في مجال الصناعات الهندسية سواء الكاملة أو نصف المصنعة أو مكوناتها.
ويعلم المتخصصون في الصناعات الهندسية أن نجاحها يرتبط إرتباطاً وثيقاً بعاملين أساسيين أولهما : مطابقة المواصفات الأوروبية المشتركة وثانيهما : توفير خدمات ما بعد البيع لتلك الصناعات الهندسية طبقاً للمفاهيم الأوروبية المطبقة والمتعامل بها حالياً فى الدول الأوروبية .
وفى مجال المواصفات القياسية يرى العديد من رجال الصناعة ونحن منهم أن ارتباط التحديث المستمر والمنهجي للمواصفات القياسية المصرية يجب أن يرتبط بعجلة التطوير والتحديث بالمواصفات الأوروبية بحيث تقترب لمرحلة التزامن معها بل قل ألا نتأخر عن مواكبة التحديث الطارئ على المواصفات الأوروبية بأكثر من 6 شهور .
وقد مررنا بمراحل حاول البعض ربط منظومة تحديث المواصفات بتلك الآسيوية أو الهندية أو حتى الأمريكية ،واستغرق منا الأمر زمناً طويلاً إلى أن استقر الرأي على أن المواصفات الأوروبية في حالة استيفائها فإنها تكون مقبولة بدول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة بالإضافة لدول في نطاق أوروبا الشرقية لم تدخل بعد في الاتحاد الأوروبي وعددها لا يستهان به .
ومن ثم فقد حسم الأمر في ضرورة ربط مواكبة تحديث المواصفات القياسية المصرية للسلع الهندسية استرشاداً بالمواصفات الأوروبية الموحدة كمرجع رئيسي رغم أن هناك بعض الأصوات الخافتة قد تعارض ذلك ولكن كما يقولون “هايفهم على مهله فى ضوء ما تقدم”.
أما في مجال توفير خدمات ما بعد البيع للمنتجات المصرية الهندسية المصدرة لدول الاتحاد الأوروبي فهو أمر لا يقل أهمية عن جودة المنتج ذاتها والتنافسية من الناحية الفنية والسعرية ، ذلك أن السوق الأوروبي والألماني على وجه الخصوص معتاد على خدمات عالية الأداء مصاحبة لوجود السلع الهندسية مطروحة في الأسواق من ناحية استيفاء فترة الضمان بما يحقق الرضاء الكامل للمستهلك وتوفير شبكة من خدمات الصيانة والإصلاح على إمتداد الرقعة الجغرافية التي يشملها السوق بما يصل إلى حد استبدال السلعة بأخرى جديدة إذا تكرر نفس العيب خلال فترة زمنية وهو أمر له أعباءه المالية والتمويلية التي لا يستهان بها .
ولعل هذا الأمر يقودنا إلى مجال مدى كفاية حوافز دعم الصادرات والتي تقع في حدود 10%من حجم الصادرات فيما يخص السلع الهندسية التي يقع عليها عبئاً اضافياً لا يقع على السلع سريعة الاستهلاك مثل المأكولات والمشروبات ومنتجاتنا من الفواكه والخضراوات.
ولعل الحديث في رفع قيمة دعم صادرات المنتجات الهندسية يكون له مجال آخر للتباحث فيه بين اتحاد الصناعات المصرية ووزارة المالية ، هذا المطلب العادل والمنطقي لعله يلقى أذناً صاغية يدفع بصادراتنا من السلع الهندسية إلى آفاق جديدة تكون دافعاً لتلك الصناعات لتتطور مسجلة لمصر قبولاً فى الأسواق الأوروبية ، فيها خير تلك الصناعات للانتقال للعالمية آخذة بأسباب التطور التي ننشدها لها محققة لمصر قبولاً متنامياً في الأسواق الأوروبية كمصدر منافس لما هو متداول بها من سلع هندسية .
والجدير بالذكر أن اتحاد الصناعات المصرية قد نجح مؤخراً فى توقيع اتفاقية تآخى مع اتحاد الصناعات الألماني في حضور سفراء من الجانبين يتضمن فى أهم ملامحه إحداث توافق بين المواصفات القياسية المصرية ونظيرتها الألمانية ضمن المواصفات القياسية الأوروبية الموحدة وهو الأمر الذي قطعنا فيه شوطاً كبيراً فيما يخص المواصفات الملزمة .
وطبقاً لبيانات غرفة الصناعات الهندسية فان الأرقام المحققة تصديرياً يمثل الشريحة العليا من صادراتنا الغير تقليدية باستثناء البترول والغاز والقطن وهو الأمر الذي يبشر بالخير كل الخير فى حدوث انطلاقة لحجم تلك الصادرات إذا ما تخففت من بعض أعبائها التي لا دخل لها بها وذلك فى ضوء نسبة زيادة فى قيمة حوافز التصدير التي تخصص للصناعات الهندسية .
بقلـم
دكتور مهندس/نـادر ريـاض
رجـل صنـاعة
ورئيس مجلس الأعمال المصري الألماني