فبعد هجمات 16 مايو التي هزت الدار البيضاء عام 2003، وهجمات مقهى أركانة عام 2011 في مراكش، خاض المغرب سباقا مع الزمن لمحاربة التطرف ودحره من جذوره الفكرية وعلى الميدان.
وتمثلت بوادر ذلك في عام 2015، حيث دشن الملك محمد السادس معهدا يحمل اسمه، لتخريج الأئمة المرشدين والمرشدات بالرباط، وهي مؤسسة تشكل وجها جديدا لإستراتيجية المغرب في صد مختلف أشكال التطرف الديني والإيديولوجي.
أئمة لمحاربة التطرف والتشدد
تنظيم الحقل الديني وتحديثه وفق الهوية المغربية وميزات الإسلام المعتدل، يتمثل بحسب مراقبين في معهد محمد السادس للأئمة المرشدين والمرشدات، وهي جزء من خطة شاملة اعتمدها المغرب لتأهيل حقله الديني وتجديده، خطة شاملة ومتعددة الأبعاد يشكل تأهيل القيم الديني (الإمام) أحد أركانها الأساسية، باعتباره الساهر على سير مرافق المسجد وأداء دوره الديني والعلمي.
واعتبر باحثون هذا التوجه إستراتيجيا، بل منهم من قال إنه يدخل في إطار الدبلوماسية الدينية للمغرب.
وبلغ عدد الطلبة المسجلين بالمعهد عامي 2014 و2015، نحو 697 طالبا، بينهم 250 طالبا مغربيا، و447 أجنبيا أغلبهم من الدول الأفريقية، مثل مالي وغينيا كوناكري، وكوت ديفوار، وتونس، فضلا عن 23 طالبا فرنسيا.
وقال الباحث والخبير في شؤون الجماعات المتطرفة إدريس الكنبوري، إن المغرب مر بتحديات قبل إقرار هده الخطة الجديدة لإعادة تأهيل الحقل الديني، وكان سبب ذلك ما عرفته البلاد من هجمات وتفجيرات عام 2003 بالدار البيضاء.
وأضاف الكنبوري لـ”سكاي نيوز عربية”، أن المغرب يطرح خطة لتكوين الأئمة في مكان تواجدهم في أوروبا وأفريقيا، مما سيجعل مهمتهم كسفراء للإسلام المعتدل أكثر فاعلية من حيث ظروفها وسياقها وأثرها في محاربة التطرف، وتأطير الأجيال المغتربة هناك وتحسين صورة الإسلام لدى الأغلبية لديهم.
ويضيف الخبير في الجماعات المتطرفة، أن المغرب يقدم نفسه وتجربته كحل لكل نزعات التطرف والإرهاب التي تجتاح أوروبا ودولا غربية، بعد أن تسببت في خوف من المسلمين وجعلت أصابع الاتهام مصوبة تجاه المهاجرين من أصول عربية ومسلمة.
وتأكدت التخوفات بعد الهجمات الأخيرة التي شهدتها فرنسا عام 2015 وبرشلونة قبل أسابيع، التي ثبت ضلوع مهاجرين مغاربة فيها.
وعمل المغرب على تقديم خبرته لبعض الحكومات الأوروبية، وهو ما دفعه إلى زيادة أعداد الأئمة الذين يرسلهم كل سنة إلى البلدان الأوروبية للتأطير الديني للجالية.