بقلم : ناجي حرج،
المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة GICJ
مع تفاقم الأوضاع الصحيّة جراء تفشي جائحة كورونا (COVID19) حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ومقرّها جنيف/سويسرا) من بوادر كارثة إنسانيّة مدمّرة في عدد من بلدان الشرق الوسط خاصةً تلك التي تجتاحها نزاعات مثل العراق وسورّية واليمن وتتفاقم فيها الإصابات بفايروس كورنا المُستَجدّ.
جاء ذلك في التصريح الذي ادلى به (الخميس 16 نيسان/أبريل 2020) السيد فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والشرق الأوسط، واكدّ فيه “انّ هذه البلدان المنكوبة بسبب النزاعات تحتاج إلى دعمٍ عاجل لكبح انتشار جائحة كوفيد-19، والتأهب لعواقب يُحتمل أن تكون مدمرة”. وحذّر السيد كاربوني من بوادر اضطراب اجتماعي- اقتصادي يلوح في الأفق خاصة مع انقطاع سبل كسب العيش وارتفاع الأسعار بتوقف الاعمال والنشاطات التجارية لذوي المهن والحرف الصغيرة، يضاف له دمار البنية التحتية.
ومع توسع سياسات الإغلاق في مختلف دول العالم، كإجراءٍ أساسي لمنع او التقليل من إنتشار الوباء، فقد رأى الصليب الأحمر الدولي ان تحوّل العمل عبر الإنترنيت لن يحلّ كلّ المشاكل خاصّة لاصحاب الحرف والمشاريع الصغيرة والباعة المتجولّون، حيث سيفقد، بمرورالزمن، الكثير من هؤلاء زبائنهم وستتفاقم بشدّة مستويات الفقر والجوع وسوء التغذية والأمراض المزمنة والضغط النفسي المرتبطة بالمشاكل الاقتصادية.
وتوقّع بأن الاحتياجات الإنسانية ستتفاقم، وستظهر احتياجات جديدة ما لم يضع المجتمع الدولي التوابع الاجتماعية-الاقتصادية في الاعتبار في آليات الاستجابة. وطالب السلطات وجهات الاستجابة المحلية أن تُحشّد الدعم اللازم الآن لضمان حماية حياة الناس وسبل كسب عيشهم وأمنهم الغذائي لاحقاً.
وطبقاً للبيان فأن بعثات الصليب الأحمر الدولي تقدّم ، بالتعاون مع منظمّات الهلال الأحمر، في كلّ من العراق وسورّية وفلسطين، مساعدات للفئات الأشدّ ضعفاً في المنطقة، ولتعزيز الجهود لمنع انتشار الفيروس. ويضيف “في اليمن، أصبح دعمنا المنقذ ً للأرواح للمستشفيات والعيادات ومراكز الغسيل الكلوي يتضمّن حالياً مساعدة هذه المرافق في استعداداتها الرامية إلى الوقاية من كوفيد-19، وفي سورّية والعراق، نساعد السجون في وضع تدابيرها لمنع العدوى”.
وبدا واضحاً قلق اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر الدولي الشديد من الصعوبات التي ستواجه عمله على نطاق أوسع، إذ لا بدّ من أن تستمر خدماته المتعلّقة بالمياه والصرف الصحي، وتوفير الطاقة، وتوزيع المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية، ومبادرات المشاريع الصغيرة وأن تزيد متى أمكن ذلك، على النحو الذي يضمن تعزيز الدعم المقدّم إلى الأنظمة الهشة وتلبية الاحتياجات الأساسية التي قد تتوارى في الظل بسبب الجائحة.
ويسعى الصليب الأحمر انّ تستمرّ أنشطته المتمثّلة في نقل المياه بالشاحنات إلى المخيمات ومراكز إيواء النازحين وأماكن الاحتجاز من أجل ضمان حصول الناس على المياه النظيفة للاغتسال والتنظيف.
ويُذكر انّ ثلاثة من العمليات الإنسانية الخمس الكُبرى للصليب الأحمر تُنفذ في الشرق الأسط. ففي سورّية واليمن والعراق هنالك بحدود 40 مليون شخص بحاجة إلى مساعداتٍ إنسانية. كما يتولّى تقديم الدعم لخدمات المياه والصرف فيها، إضافةً إلى الأردن وغزّة والضفة الغربية ولبنان. كما قدّم مساعدات غذائية إلى مليوني شخص في منطقة الشرق الأوسط في عام 2019. “لقد غيّرنا طريقة عملنا من أجل الحفاظ على سلامة موظفينا والناس الذين نقدّم لهم المساعدة، عبر مراعاة التباعد الجسدي في أثناء عمليات التوزيع، وارتداء معدّات الحماية، وتغيير طريقة إيصال مساعدات بعينها والتحويلات النقدية على سبيل المثال” حسب بيان السيد كاربوني.
ومن هنا، يُفترض ان تتظافر حكومات المنطقة من اجل تمكين بعثات الصليب الأحمر الدولي للقيام بمهامّها ومنها زيادة الدعم الذي يتطلّب تقديمه خلال الأشهر المقبلة في أرجاء المنطقة، ولا سيّما إلى الفئات التي قد تكون تضرّرت بشكلٍ خاص مثل العمالة ذات الدخل المنخفض، والأسر التي تعولها نساء، والمزارعين، وذوي الإعاقة، وبما يحول او يخفّف من حدوث الكارثة التي تُحذّر منها اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر الدولي.