أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / العراق: عندما يتولى القاتل التحقيق في مقتل ضحيته!

العراق: عندما يتولى القاتل التحقيق في مقتل ضحيته!

ناجي حرج

 

قالت لجنة التحقيق التي شكّلها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ان مقتل المتظاهرين جاء نتيجة “الاستخدام المُفرط للقوة”. وهذا التوصيف لم يعد كافياً لتبيان الإطار القانوني الملائم لما تعرّض له عدد غفير من المتظاهرين من عمليات “القتل العمد”، التي قام بها قنّاصة رئيس الوزراء والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الشغب. مثل هذه الجرائم لا يجوز ان تكون عقوبتها اعفاء ضبّاط (معظمهم اقترب من سنّ التقاعد) من مناصبهم او احالة عدد من الضباط صغار الرتب والمراتب والجنود او المنتسبين الأمنيين الى القضاء الذي بات مسيّساً تهيمن عليه الاحزاب وميليشياتها!

ومع ان التقرير قد اعترف أن ما يقارب من 70 في المئة من القتلى قضوا بالرصاص الحيّ “في الرأس والصدر”، وهو اعتراف يؤكدّ، دون لبس، هذه الجرائم لكنّه اخطأ في تحديد المسؤوليّن عنها حيث اوصى عوضاً عن ذلك بإعفاء عدد من القادة العسكريين والأمنيين من على رأس عددٍ من الاجهزة التي شاركت بالقمع.

لا بدّ ان نتساءل كيف تدّخل قادة كل هذه الأجهزة في عمليّات القمع دون اوامر من جهات اعلى؟ فكل سياقات الانتهاكات التي جرت تؤكدّ ان الاوامر بالقتل بدأت من رئيس الوزراء، ثمّ فالح الفيّاض رئيس الحشد الشعبي ـ الذي خرج علناً في مؤتمر صحفي يصف المتظاهرين بالخارجين عن القانون وتوعدهم بالويل والثبور فتكثّفت في اليوم التالي عمليّات القتل والقنص من اسطح البنايات ـ ويليه نائبه ابو مهدي المهندس ثم مسؤول امن الحشد الشعبي حسين فالح او كما يلقب (أبو زينب اللامي)، الذين اشرفا على عمليّات القتل اشرافاً مباشراً، ثم يأتي دور القادة الآخرين.

نحن امام جريمة ضدّ الإنسانيّة، جريمة يجب ان يُعاقب عليها رئيس الحكومة والقادة الرئيسيين المذكورين اعلاه، لكنّ عبد المهدي يحاول نقل المسؤوليّة عنّه وعنهم فاختار عدداً من القادة ليكونوا كبش الفداء مقابل ان يحافظ على كرسييه وان يحافظ قادة الحشد الرئيسيين على مواقعهم وتسلّطهم على مقدّرات البلاد وشؤون الناس.

لقد كان ذلك واضحاً منذ ان أُعلن عن تأسيس اللجنة التحقيقيّة، فقد ظهر، عندما اجتمع بهم رئيس الوزراء، ان كل هؤلاء المتهمين بالقتل هم اعضاء باللجنة (الصور ادناه) وهم من حدّد مساراتها، امّا وجود الأشخاص الآخرين بها فلم يكن سوى ذرّاً للرماد في العيون وتصوير الأمر وكأن الحكومة قد اتخذت الاجراءات اللازمة.

هكذا تكون النتائج عندما يكون الخصم هو الحكم وعندما يكون القاتل هو المسؤول عن التحقيق في اسباب مقتل ضحاياه!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *