في تطوّر يُعدّ نقطة تحوّل مفصلية في علاقة النظام الإيراني بحزب الله، كشفت مصادر مطلعة على كواليس الحزب أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي نقل رسالة مباشرة وصادمة إلى قيادة حزب الله، مفادها أن المرحلة تغيّرت بشكل جذري، وأن الوصاية الإيرانية تدخل طور التراجع والانكفاء.
وفقاً لما تسرّب من الاجتماع، قال عراقجي بوضوح: “المرحلة تغيّرت، الحصار خانق، والتكليف الشرعي الآن هو الحفاظ على الذات لا المجابهة”. أما المفاجأة الأبرز، فكانت حين ألمح إلى إمكانية نزع سلاح الحزب، مؤكداً أن “السلاح يمكن استعادته… الأهم أن يبقى الحزب”. كلمات فُهمت كـ تخلٍ سياسي ضمني عن أولوية التسلّح والمواجهة، وانتهى الاجتماع بـ”صمت بارد”، وصفه أحد المشاركين بأنه أشبه بـ”صفعة من الحليف الأقرب”.
سقوط مشروع التمدّد الإيراني
تأتي هذه الرسالة في سياق تحوّل استراتيجي يشهده الشرق الأوسط، حيث تفقد طهران نفوذها تدريجياً في العراق وسوريا ولبنان واليمن. لم تعد قادرة على تمويل ميليشيات أو تغذية صراعات بعد أن أثقلتها العقوبات والانهيار الاقتصادي الداخلي.
وفي لبنان، الذي طالما عانى من سلاح الحزب وسطوة قراره السياسي، تُعدّ هذه الرسالة بداية نهاية مرحلة، وبداية عودة محتملة لمفهوم الدولة وسيادتها. فحين تُقرّ طهران بنفسها بأن زمن “المجابهة” قد ولّى، فذلك اعتراف مباشر بأن ما بُني على القهر والسلاح ينهار أمام ضغط الواقع.
خسوف ولاية الفقيه… وبزوغ فجر التغيير
مراقبون يرون أن خطاب عراقجي ليس مجرد موقف ظرفي، بل إعلان رسمي عن تراجع مشروع ولاية الفقيه خارج حدود إيران. وهو ما يضع حزب الله أمام أزمة هوية ووظيفة. فمَن كان يعتبر نفسه “رأس حربة المحور”، يُطلب منه الآن التراجع والبقاء بأي ثمن، حتى لو كان الثمن التخلي عن السلاح.
لكن هذا التحوّل لا يعني فقط نهاية مرحلة لحزب الله، بل يشكّل فرصة تاريخية لشعوب المنطقة كي تتحرر من سطوة النظام الإيراني ومخططاته.
طريق الخلاص يبدأ من قلب إيران
الرسالة الواضحة اليوم أن لا خلاص حقيقياً للبنان ولا استقرار دائماً في المنطقة، ما دام نظام ولاية الفقيه قائماً في طهران. هو المصدر الرئيسي للسلاح، والميليشيات، والانقسامات، والخراب. لذلك، فإن دعم نضال الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة المطالبة بإسقاط النظام هو الطريق الوحيد لتحرير المنطقة من دوامة العنف والهيمنة الطائفية.
تحرير طهران هو بوابة تحرير بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق. والتغيير الذي بدأ في كواليس حزب الله لن يتوقف، لأن الشعوب لم تعد تقبل العيش تحت عباءة الملالي.