بقلم / سليمان سالم .
قصة واقعية من ذاكرة احد الاصدقاء بعد الاحتلال ( نحن لانقص القصص لينام الاطفال بل ليستيقظ الرجال ) .
في سنة ٢٠٠٣ اول ايّام الاحتلال الغاشم ذهبت لشارع الكفاح لاشتري قرميد لسطح بيتي فدخلت على محل فوجدت رجل في نهاية الخمسينات وقور ومرتب فطلبت منه كمية وحسب القياسات ،
قال لي استريح حتى العمال يجهزوا لك الطلبية ، الرجل كان محترم جدا من اسلوبه وسالني هل أفطرت أجبته : نعم ، قال : إذن أطلب لك الشاي ،
ودار بيننا حديث فسالني من اين حضرتك وما عملك ومن هذا الحديث ، ثم سالني ما رأيك بالمستقبل ،
قلت له : والله منتظرين تشكيل الحكومة وان شاء الله الامور تبشر بخير ، قال سأحكي لك قصة ماتخطر على بالك ، واستطرد قائلا اني عميد بالجيش وبعد مادخل الامريكان قعدت بالبيت حالي حال الناس ، فجائني اقربائي من جماعة بدر وقالوا لي : لماذا لاتأتي معنا وانت ضابط وانت محسوب علينا الخ ،
أجبته : صحيح اني ضابط لكن خدمتي كلها بالمطابع العسكريه وما تستفيدون مني ، قال : بالعكس نسلمك قسم الاعلام ، فذهبت ثاني يوم حسب الموعد واستقبلوني الجماعة ورحبوا بي وخصصوا لي غرفة مكتب ، وباعتباري ضابط وضعت على المكتب العلم العراقي وعلى الحائط خارطة العراق ،
وبعد يوم حدث ارباك وحركة غير طبيعية في الدائرة ، فسألت عن الخبر ، فقالوا جاء الحاج هادي العامري ، وبدأ يتفقد الوضع ودخل مكتبي وقبل ان أسلّم عليه صرخ كالمجنون وقال ماهذا ، فأجبته هذا علم العراق ، فأخذ العلم ورماه على الارض وفيه عبارة الله اكبر ، ثم دفعني وهجم على خارطة العراق ومزقها وبدأ يرعد ويصيح ، سفلة متى صار العراق دولة ، العراق جزء من الجمهورية الاسلامية الايرانية واستمر بالشتائم ، وعندما خرج قلت لقريبي ، مثل ماجئت بي اخرجني من هذه الورطة ، فقال لي : لا مشكلة اذهب لبيتك ولن يتعرض لك احد .
وتنهد قائلا : اخي هؤلاء جاءوا لطمس هوية وعروبة العراق واذلال شعبه ويريدون جعل العراق ولاية ايرانية ، بصراحة ماعلقت على كلامه وكنت مستمع فقط ،
ولكن سنوات الاحتلال اثبتت صحة ماقاله وأكثر من ذلك .