جلستُ بعض الوقت لمتابعةِ الأخبار عبر برامج التواصل الاجتماعي ، وأخذت عيناي تتجولان بين الأخبار حتى صُدمت بخبر مأساوي نتج عنه حصد أرواح كل ما كانت تحمله على عاتقها هو التضرع والوقوف بين يدي خالقها . لم نعد نستطيع أن نعبر عن انفعالاتنا وما يدور بداخلنا وقت قراءتها إلا أن نقف بين يدى الله ونخلص الدعاء لشهداء ومصاب مسجد قرية الروضة التي تبعد 50 كيلو مترا غرب مدينة العريش و50 كيلو مترا شمال مدينة بئر العبد، بشمال سيناء. وبعد دقائق من قراءة الخبر علمت بأن صديق لي لم أراه منذ ما يقارب خمسة وعشرون عام، وهو أحد مصاب هذه العملية الإرهابية التي وقع ضحيتها الكثيرين من أبناء مصر. أحمد عبد الحليم أبو العزم ، صديق الطفولة التي كبر واشتد عوده في قرية شيوه الشرقية بمركز أجا محافظة الدقهلية ، والذى خرج من قريته باحثاً عن رزقه حتى وصل إلى أن يكون مدير مكتب بالبريد المصري .
ولديه زوجة وثلاث أطفال ، محمد الذى يبلغ من العمر ثلاثة عشر عام ، بسنت إحدى عشر عام ، يوسف طفل في الروضة. أصيب أبو العزم بثلاث أعيرة نارية منها اثنان في الظهر والثالثة في كتفه ، مما أدى إلى سقوطه وتم نقله إلى المستشفى لتلقى العلاج هو والكثير من الضحايا.
إنَّ جرائم الإرهاب التي لم يسلم منها حتى الضعفاء، لا تتوقف على تفجيرات المؤسسات كما كان في السابق كي تُطيح بدولة أو بنظامٍ ، إنما أصبحت جرائمهم تتجاوز الرحمة حتى في دور العبادة.
الإرهاب الذى يحاول كل يوم وكل دقيقة أن يتمكن من جسد الأمة ويشوه صورة الإسلام ، أثبت اليوم للعالم كله بأن الإسلام برئ من هؤلاء الخونة الذين لا دين لهم. لم يكن هناك أصعب من أن يصطحب الأب ولده لأداء فريضة الصلاة ويعود ليصلى عليه ، أو أم تفقد ثلاث أبناء لها في وقت واحد ، أي شعور وأي قلوب تحتمل كل هذا الكم من الحزن وما كمية الصبر التي يحتاجونها لتحمل هذه المأساة.
لم يكن هناك رحمة حتى بالأطفال الأبرياء ، إلى أي دين تنتمون إليه ؟ لا دين لكم. إن الإرهاب لا يستهدف المصلين فقط إنما يستهدف مصر التي تواجه الارهاب منذ العقود السابقة من أجل أن يعيش العالم في سلام ، وهى الآن وحدها تدفع ضريبة تصديها لهم ، لذلك لابد وأن يقف العالم بجانب مصر في مواجهة الإرهاب بالفعل وليس مجرد شعارات نقرئها عبر الجرائد ونسمعها عبر الإذاعات. إنَّ مصر دائما وأبداً ، ستظل منصة السلام والأمان رغم أنف كل الحاقدين.
مساعد رئيس الهيئة القومية للبريد نيابة عن رئيس الهيئة. رئيس النقابة العامة ومدير عام منطقة بريد شمال سيناء اثناء زيارة أحمد عبد الحليم أبو العزم مدير مكتب البريد المصري ببير العبد
أحمد عبد الحليم أبو العزم قبل الحادث
