أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / اذا صدقنا امريكا 2

اذا صدقنا امريكا 2

بقلم: صلاح المختار

9-هل اخذت امريكا تحاور اطراف في المقاومة والقوى الوطنية من اجل الوصول الى حل سلمي بالاتفاق مع المقاومة؟ الجواب: كلا وهذا السؤال اطرحه لان كثير من الذين تعبوا اخذوا يظنون ان الاتصالات التي جرت بين الامريكيين وفصائل في المقاومة العراقية مؤشر لرغبة امريكا في الوصول الى حل مرض للطرفين،ولهذا فان الضرورة تقتضي توضيح هذا الامر بدقة .لقد انتظرت امريكا تراجع عمليات المقاومة نتيجة جرائم داعش ضدها،وما ارتكبته هي من جرائم اخرى ضد المقاومة كي تستأنف الاتصال مع المقاومة ولم يكن الهدف هو الاتفاق معها على الوصول لحل وسط بل كان هدفها الرئيس هو تخدير الوطنيين والمقاومين بزرع امال كاذبة لديهم بوجود فرصة للحل السلمي ل(لازمة) العراقية وان امريكا تريده حقا ،وهو جزء من اساليب ما يسمى سرقة الوقت،وكذلك لكشف قوة المقاومة العراقية والحركة الوطنية والى اين وصلت ومن هم قادتها من مختلف المستويات او من يستطيع الوصول اليهم، ولذلك طلبت امريكا في احد اللقاءات اثبات ان الطرف الذي التقى بها يملك فعلا مقاومين في الساحة عن طريق القيام بعمليات محددة تخبر بها امريكا مسبقا! وهو هدف مخابراتي مهم، وهذه الدوافع هي افشلت التفاوض عمدا.
10-لماذا سمحت امريكا واسرائيل الشرقية بتصفير موارد العراق وافقاره من خلال نهب موارد النفط وغيرها بتعمد توزير اللصوص وانصاف الاميين وزراء او مسؤولين كبار في الحكومة ؟ الجواب :لان المطلوب هو ايصال العراق لمستوى الكارثة الاقتصادية التي تعيق اي عمل منظم لاستعادة حيويته حتى بعد ان ينتهي الغزو الامريكي والايراني،وهو التمهيد المخطط لربط العراق باتفاقيات ظالمة من العقود الطويلة الاجل التي تدخل العراق بعد تحريره في مشاكل قانونية معقدة لاتحل الا بعد مرور عقود على الاغلب، وتوريطه بالتزامات مالية وقروض من المؤسسات الدولية تضعه لعدة عقود تحت سيطرتها التامة واذا رفض يواجه بالحصار والعقوبات وربما الحروب لاجباره على التقيد بالتزاماته وتسديد القروض.
11-لماذا قتلت امريكا بفرق الموت التابعة لها، او دعمت قيام الاسرائيليتين الغربية والشرقية بتصفية العلماء والخبراء والاطباء العراقيين؟ الجواب: لان هؤلاء هم بناة الدولة وخدماتها لذلك فتصفيتهم هدف مركزي يضمن وجود عراق يفتقر لابسط مقومات الحياة، ولايمكن انقاذه الا اذا تدخلت قوة خارجية متقدمة لاعادة اعماره بنفسها،واحتكار الشركات الامريكية اعادة بناءه ليصبح تابعا لها لعدة عقود.
12-لماذا قامت امريكا بعد الغزو بأنشاء اكثر من 300 حزب وكتلة وتنظيم ومولتها ودعمتها اعلاميا وسياسيا وامنيا؟ الجواب:لانها كانت تريد تشتيت الناس ومنعهم من الانخراط في تنظيم وطني واحد او موحد جامع لكافة الوطنيين الرافضين للاحتلال، وهذه الشروط متوفرة اساسا في القوى التي تشكلت وناضلت قبل الاحتلال،ولهذا فهي مضطهدة بقسوة ويعرض من ينتمي اليها او يدعمها لمخاطر كبيرة هو وعائلته،فتكون تلك الاحزاب الصغيرة وسيلة لاقناع الناس بان المتاح هو هذه الكتل التنظيمية وعليهم الابتعاد عن القوى الكبيرة القادرة على تحرير العراق، وهكذا تستولي على كتل جماهيرية بدل بقاءها تحت مظلة القوى الكبرى كما خططت امريكا، وبهذه الطريقة تعرقل اكمال هدف تحشيد الجماهير خلف حركة وطنية جبارة.
13-لماذا نشرت امريكا واسرائيل الشرقية واسرائيل الغربية الشذوذ الجنسي واباحة الجنس وزواج المتعة وقامت باحتضان كل الساقطين اخلاقيا الذين عملوا كمعارضة او متعاونين مع الاحتلال وفرضتهم قادة ومسؤولين؟ الجواب:لان المطلوب التعجيل بتفكيك منظومة القيم العليا وهي الرابط الاهم في اللحمة الوطنية والاجتماعية وبدون تفكيكها لايمكن تقسيم العراق ولا تغيير هويته الوطنية والقومية، وتعمد تجويع الشعب يجبر اوساطا منه على التحلل الاخلاقي وهو اهم شروط الدولة الفاشلة.
14-لماذا دعمت امريكا هجرة اكثر من سبعة ملايين ايراني وافغاني وباكستاني وكردي (غير عراقي) وغيرهم الى العراق ومنحوا الجنسية العراقية؟ الجواب:لان تغيير هوية العراق الوطنية وانتماءه القومي يتم عبر توطين ملايين الاجانب والغرباء ومنحهم الجنسية العراقية واكمال ذلك بدعم نزعات الانفصال لدى الاقليات القومية والطائفية والدينية .وكل هذه الاهداف تؤدي الى اختلال سكاني خطير يزيد من عدد الاقليات ويقلل من الاغلبية العربية الحاسمة ( 85% عرب)، ولهذا تم احراق كل وثائق الجنسية العراقية وملكية الاراضي والعقارات وغيرها لمنع اكتشاف الغرباء الذين جنّسوا وملكّوا العقارات والاراضي بعد الغزو .
15-لماذا اقنعت امريكا دول خليجية بتمويل حكومات العبادي وعبدالمهدي ثم (الكاظمي) رغم انها حكومات اما ايرانية او مسيطر عليها من قبل اسرائيل الشرقية؟ الجواب: لان سرقة موارد العراق المنظمة جففت اغلب موارده ،والاموال التي تدفعها دول الخليج للحكومات في بغداد كان هدفها تمكين تلك الحكومات من مواصلة عملية تفكيك العراق وصولا الى تقسيمه، مثلما المطلوب زيادة ايهام العراقيين والعرب بان انقاذ العراق من الغزو الايراني ممكن عبر دعم تلك الحكومات رغم ان امريكا ومخابراتها تعرف بدقة ان تلك الحكومات غير قادرة على التخلص من الاسر الايراني .
16-لماذا سمحت امريكا لاسرائيل الشرقية بالسيطرة الشاملة على العراق ومنع اضعافها او انتصار المقاومة عليها؟الجواب:لان امريكا ارادت تحقيق ثلاثة اهداف اضافة لاهداف اخرى، اولها اكمال تدمير الكادر البشري العراقي الخبير والميليشيات الايرانية مؤهلة لذلك، وثانيها تجنيد ذلك الكادر الفني للعمل معها او افساده اخلاقيا.وثالثها رمي مسؤولية تلك الكوارث التي حلت بالعراق على اسرائيل الشرقية وميليشياتها ولكن بعد ان تكمل دورها التدميري فتعاد لما بين السكتين داخل العراق واقليميا.
17-هل كان بامكان تركيا واسرائيل الشرقية تحقيق التمدد الاقليمي وكل مكاسبهما الاخرى على حساب العرب لو كان العراق القوي موجودا؟ الجواب :كلا،فوجود عراق قوي كان عامل ردع للنزعات التوسعية لدول الاقليم الثلاثة تركيا والاسرائيليتين الغربية والشرقية وهذه الدول تعرف وعبر تجارب تاريخية ومعاصرة بان العراق القوي هو الاكثر قدرة على منعها من التمدد الاقليمي على حسابه وحساب بقية الاقطار العربية،وكان انهاء العراق القوي شرطا مسبقا يمهد للتوسع القومي الايراني والتركي والصهيوني في الوطن العربي وغيره،كما يسمح بتساقط الانظمة العربية في احضان تلك الاطراف وامريكا طبعا،وهذا التوسع وطبقا للوثائق والادلة الميدانية مصلحة ستراتيجية امريكية وصهيونية مشتركة لانه يؤدي الى انحسار دور العرب وتفتيتهم وتحييد قدراتهم او تسخيرها لخدمة مخططات واهداف ستراتيجية للغرب والصهيونية.
ومن بين اهم الادلة الحاسمة التي تؤكد ذلك هو ان التدخلات او الغزو الذي قامت به القوى الاقليمة للعراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا لم تواجهه امريكا ولا الغرب ولا الامم المتحدة الا بأجراءات شكلية ، ولو تذكرنا كيف ان امريكا قادت اكثر من 40 دولة وتصدت للعراق عسكريا عندما دخل الكويت لاخراجه منها لادركنا ان التوسع الاقليمي التركي والايراني والصهيوني والعدوان الاثيوبي ورغم انه اخطر بكثير من دخول العراق الى الكويت هو جزء اساس من خطة صهيونية وغربية تخدم مصالحهما الستراتيجية.
18-هل كان تدمير المفاعل النووي العراقي وابادة مئات العلماء والخبراء العراقيين تمهيدا لصعود المشروع النووي الايراني؟الجواب:نعم مكررة،فتدمير المشروع النووي العراقي مقابل حماية الغرب والصهيونية للمشروع النووي العسكري الايراني لحين اكتماله تقريبا،وهو ما اعترفت به امريكا واسرائيل الغربية بعد تصفية العالم الايراني محسن فخري زادة، هو احد اهم مظاهر دعم الغرب والصهيونية له من اجل تحقيق هدفين جوهريين:اولهما استخدام تقدم المشروع الايراني لابتزاز دول الخليج العربي ماديا وسلبها ما تبقى لها من سيادة ومال واخضاعها كليا لامريكا واسرائيل الغربية، وثانيهما اعداد اسرائيل الشرقية علميا وتكنولوجيا لمرحلة ما بعد تصفية نظام الملالي سلما او حربا، واقامة نظام موال للغرب علنا فيها وعندها تكون مؤهلة كدولة متقدمة تكنولوجيا وعلميا دون السماح لها بامتلاك سلاح نووي .تذكروا ان اسرائيل الشرقية هي احد اضلاع مثلث النظام الشرق اوسطي الجديد او الموسع اضافة لتركيا واسرائيل الغربية وبزعامة امريكا . وتحييد العراق شرط مسبق للهيمنة التركية والايرانية والاسرائيلية الغربية على الاقليم كله .
19-هل ازمة امريكا البنيوية والتي وصلت مرحلة وقوفها على حافة الانهيار الكامل لها صلة بضرورة تعزيز قبضتها على العراق بعد اكمال تدميره بواسطة نظام الملالي؟ الجواب : نعم فارتفاع سقف الدين العام فوق 21 تريليون دولار وهو رقم مرعب وخيالي جعل امريكا تأكل وتستمر في الوجود وتحارب بالدين، ولو ان الصين وروسيا ودول اخرى تخلت عن التعامل بالدولار فانهما ستوجهان ضربة مهلكة لامريكا تعجل بتفكيكيها واستقلال الولايات الجاهزة للانفصال منذ ازمة عام 2008 عندما اعلنت ولاية كاليفورنيا رغبتها بالاستقلال وتبعتها اكثر من عشر ولايات غنية تتحمل اعباء تمويل الولايات الفقيرة ، وأجّلت الازمة ولم تحل ،وجاءت ازمة كورونا لتكشف هشاشة امريكا وخطورة عطبها البنيوي وتجلى ذلك في سقوط بعض اعمدة الاستقرار الامريكي وهي النظام الانتخابي والنظام القضائي اللذان تعرضا لهزات قوية،وبنفس الوقت ظهر تحلل اقوى واهم اسلحة امريكا الداخلي والخارجي وهو الاعلام ، وهكذا رأينا امريكا تتصرف مثل دول العالم الثالث بالضبط ،كما قال ترامب،بل اخطر لانها دولة عالم اول وفيها نوع من الليبرالية لاتوجد في العالم الثالث وهي عامل تسريع في تفكيكها وتوسع الفجوة بين المستوطنين الامريكيين(البيض والهسبانك والسود)فتصاعدت الاصوات التي تحذر من انهيار الدولة حصول حرب اهلية، وتفجرت الحرب بين الاحتكارات الامريكية بقوة غير مسبوقة.
والعراق احد اهم مراكز تقرير من يتفوق عالميا فهو النقطة الجغرافية الوسط التي يستطيع من يسيطر عليها التغلب على منافسه،فاذا عززت امريكا سيطرتها على العراق واعادت اخضاع طهران لها فسوف يصبح التوسع الصيني والروسي اكثر صعوبة وباهض التكاليف، اما اذا انحاز العراق للصين وروسيا فانه سيمنحهما اسرع وارخص طرق التفوق على امريكا خصوصا اكمال طريق الحرير باقصر الخطوط واكثرها رخصا،لذلك فاحكام القبضة على العراق هدف سوبر ستراتيجي امريكي الان .
20- هل زادت انتفاضة تشرين من اصرار امريكا على تفكيك العراق؟ الجواب: نعم فانتفاضة تشرين وجهت ضربة قاضية لمخططات امريكا والاسرائيليتين الغربية والشرقية، بأسقاط المراهنة الثلاثية على اعتبار الجنوب تابعا للفرس واستخدامه كخزان لتقسيم العراق،الانتفاضة اعادت اثبات ان عروبة الجنوب هي الهوية الثابتة، فسقطت تلك المراهنة بضربة قاضية ،فنهض العراق مجددا واحدا عصيا على التفكيك، لذلك نرى الان ثلاثي الشر يعيد محاولاته بطرق اخرى وهذا يطيل مدة كوارث العراق دون ادنى شك.
الخلاصة الجوهرية : لايمكن ان نتوقع ممن قتل او تسبب في قتل اكثر من خمسة ملايين عراقي منذ عام 1980 وهو عام شن خميني الحرب على العراق والتي هندستها امريكا وبريطانيا بعد اوصلتا خميني للحكم من اجل سحق شعب العراق ودولته الوطنية، ثم اضيف البلدوزر الامريكي ليكمل المهمة بعد غزو العراق واحلال اكبر الكوارث فيه والتي مازالت تتعمق حتى الان وهي كوارث تتم كلها بقرار امريكي وبتنفيذ ايراني وغير ايراني. لقد سجل التاريخ انه لولا غزو امريكا للعراق وادخالها لاسرائيل الشرقية وميليشياتها اليه ومنحها فرص تدميره، ولولا اصرارها على تواصل خرابه البشري بعد اكمال خرابه المادي لما وصل العراق الى مرحلة الغرق في كوارث هائلة سحقت الشعب بصورة لم يقم بمثلها كل طغاة التاريخ الذين احتلوا العراق مثل هولاكو ، فكيف نتوقع ان كان لنا وعي ولو بسيط من امريكا زارعة الموت والخراب ان تقدم لنا الخير او تستجيب لنداءات الضمير وهو مفقود حتما في ذوات الغزاة لانهم اصلا لم يكونوا ليقدموا على الغزو وابادة الملايين لو كان لديهم ضمير انساني؟ لابد للاوهام ان تنتهي ولابد للواقعية ان تسود ونتيقن بان تحرير العراق لن يتم الا بقوة طلائع الشعب التي تعرف من هو العدو ومن هو الصديق،فلنبني قوتنا مجددا ولنقف موحدين من اجل هذا الهدف،ولنطهر صفوفنا بحزم وبلا اي تردد من الالغام التي تحاول شرذمة قوانا. النصر لنا مادمنا واثقون من قدرتنا على تحقيق النصر .

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *