يعتبر طبق الفول المدمس من معالم الشارع المصري منذ القدم، فلقد اشتهرت مصر بزراعة الفول البلدي منذ عهد قدماء المصريين وحتي اليوم، و يعد من أهم المحاصيل الغذائية الرئيسية، حيث يعتمد عليه معظم سكان مصر نظراً لارتفاع قيمته الغذائية و رخص سعره.
وبعد متابعة دامت اكثر من شهرا وجدت أن عمال عربة الفول لا يأكلون مما يصنعون، ويشترون طعامًا من الخارج، الأمر الذى أثار دهشتى، حقيقة لم يكن أمامى سوى مراقبة هؤلاء الأشخاص لمعرفة السبب، الذى يمنعهم من تناول الفول، الذى يصنعونه، وأيضًا كشف اللغز
لحظات قليلة وبعدها توجهت إلى أحدالقائمين على عربة الفول، وسألته عن طريقة عمل الفول فقال لي الفول المنزلي غير الفول التجاري من حيث الطريقة و التسوية و من خلال كلامى مع العامليين علي عربة الفول المجاورة لمنزلي اخبرنى ان نذهب سويا الي المخزن لكي اتعرف منه علي المقادير و الطريقة علي ارض الواقع
فذهبنا إلى المخزن، حيث وضع الصنايعى القدر، وبها كمية من الماء على النار، ثم أتى بجوال فول ووضعه مباشرة فى القدرة، وبعدها بدقائق مد يده فوق الرف الصغير، وأمسك بعلبة تحوى مادة بيضاء، وأضاف منها 5 ملاعق كبيرة إلى القدر، ثم أغلق فوهة القدر جيدا، وتركها على النار، وبعدها وضع كمية من الفول المدشوش مع كمية من الأرز فى إناء به ماء، وتركه لمدة ساعة كى يتخمر، وبعد مرور نصف الساعة توجه إلى قدر الفول الموجودة على النار حاملًا فى يده كبشة طويلة، وقام بغرف عدد من حبات الفول، ثم وضع حبة فول تحت إصبعه، وضغط عليها فوجدها قد استوت.
على الفور وضع خلطة المدشوش والأرز ، وبدأ فى التقليب لمدة عشر دقائق، ثم أطفأ النار، فى الوقت نفسه أجلس أنا فى مدخل المخزن، أراقب تحركات العامل الذي وثق بى وأنا أفكر فى المادة البيضاء، التى وضعها على الفول، وشعرت أن هناك أمرًا غريبًا فى الموضوع، خصوصًا أن القدر التى تحمل بداخلها ما يقرب من عشرين كيلو فول استوت فى أقل من ساعة.
وعندما سألت العامل عن تلك المادة البيضاء على الفول دون أن أعرف ماهيتها أو مصدرها، وعندما سألته عن اسمها ووظيفتها قال إنها بودرة بيضة تعمل على تسوية الفول بطريقة سريعة جدا، فتوقعت أنها مادة خطيرةقد تصيب عدد كبير من العمال الفقراء.
وفى أثناء عملى تعرفت على صاحب مستوقد لتسوية قدر الفول .
المستوقد، مكان قديم للغاية يقع بنطقة تسمي باب البحر فى رمسيس، هناك تجد عددًا كبيرًا من أسطوانات البوتاجاز الكبيرة، وعلى الجانبين يوجد حامل معدنى ضخم مئة عين نارية تشبه البوتاجاز المنزلى، لكنها كبيرة للغاية، كما توجد كميات كبيرة من العلب البلاستيكية بها ألوان صناعية مثل الكركم ومواد أخرى تضاف إلى الفول.
بعدها وضع القدرى على النار، وبعد خمس دقائق، جاء عامل المستوقد، وفى يده علبة بيضاء، وأضاف كميات كبيرة داخل كل قدر، وقتها عرفت أنها المادة البيضاء، التى أبحث عنها، ولما سألته عنها قال: دى يا سيدى اسمها بودرة بيضة، بتتباع عند العطار أو فى شركات الكيماويات، ووظيفتها تسوية الفول بشكل سريع بسبب ارتفاع سعر أسطوانة الغاز والإقبال الشديد على المستوقد من قبل أصحاب عربات الفول ، مؤكدا أن معظم بائعى الفول يستخدمون تلك المادة فى عملية التسوية، نظرا لقدرتها الكبيرة على تسوية الفول فى وقت قصير جدا.
الفنكوش القاتل
لكى أتأكد من انتشار هذه المادة ذهبت لأكثر من فى 3 مناطق مختلفة مابين القاهرة و الجيزة و القليوبية، وتكلمت مع قرابة الـ12 عربة للفول، لذا اكتشفت أن هذه المادة منتشرة بكثرة فى مستوقدات الفول، وكل منطقة تطلق عليها اسمًا مختلفًا، هناك من يسميها إديتا أو البودرة البيضة ، وغيرهم ممن يطلقون عليها الفنكوش ، وعدد قليل جدا يطلقون عليها كربوناتو .
وفى محافظتى القاهرة والجيزة تجلب هذه المادة من شركات إنتاج الكيماويات، أما باقى المحافظات فيتم جلبها من محلات العطارة الكبرى، والأخيرة تشتريها من شركات إنتاج الكيماويات أيضًا. وبالفعل توجهت إلى مركز بيع منتجات شركة النصر لصناعة الكيماويات بميدان العباسية، ولم أجد أى صعوبة فى شراء عبوة إديتا ، وكذا لم يسألنى مسؤول المبيعات عن سبب الاستخدام، وكان سعر العبوة 65 جنيها.
فهى مادة الإديتا هى مادة لها عدة اسعمالات.لكن في المجال الطبي (المخبر) فهي تستعمل كمضاد للتجلط الدموي.مما يسمح بالقيام بتحليل كل عناصر الدم (الخلايا) بصورة جيدة مثال على دلك تحليل NFS
الذي يعطي التركيبة العددية و النسبية لخلايا الدم (الحمراء البيضاء و الصفائح)،
لأن المادة توقف نشاط إنزيمات الكبد، وتؤدى إلى ارتفاع نسبة الكرياتين واليوريا فى الدم، مما يسبب الفشل الكلوى، مضيفًا أنه بعد عمل قطاعات استلوجية للكبد والكلى والرئتين والبنكرياس والخصيتين، وجدنا أنها أثرت سلبًا على كل القطاعات
وهي تعد كارثة صحية تهدد حياة اكثر من 90 مليون مواطن مصرى.