تشهد محكمة مدينة ماسا كارارا بإيطاليا، منذ أسابيع قليلة، محاكمة عشرات رجال الكربينييري carabinieri، الفرقة الأمنية التابعة للجيش الإيطالي، وذلك بعدما وجهت لهم اتهامات بارتكاب أخطاء وتجاوزات خطيرة أثناء ممارستهم لعملهم.
وانطلقت التحقيقات القضائية حول الممارسات الغير القانونية التي تحدث داخل الثكنات التابعة لهذه الفرقة الأمنية بمدينة “أولاّ Aulla”، بإقليم ماسا كارارا، منذ أكثر من سنة، وذلك بعد توالي الشكايات خاصة من المهاجرين المغاربة، والذين يشتكون من معاملة قاسية، غير قانونية وتتنافى مع مبادئ حقوق الانسان.
وتحدث عدد من المهاجرين، الذين سجلوا شكاويهم، ضد المسؤولين الأمنيين، عن تعرضهم لشتى أنواع التعذيب والتنكيل داخل مقر الأمن، ونقلت نساء تم القبض عليهن أيضاً شهادات صادمة عن تعرضهن للاعتداءات الجنسية وللاغتصاب والمساومة من أجل إطلاق سراحهن.
ودفع توالي الشكاوى أمام القضاء إلى اتخاذ مجموعة من التدابير، لكشف حقيقة التجاوزات التي تحدث داخل الثكنة الأمنية لفرقة الكربينييري بمدينة “أولاّ”.
وبأمر من محكمة مدينة “ماسا كارارا”، وضعت الشرطة ميكروفونات خلسةً داخل السيارات التي يستعملها الأمنيون في دورياتهم، ثم داخل مقرات الأمن، وذلك لتسجيل تدخلاتهم والحوارات التي تجري بينهم وبين الأشخاص الذين يجري القبض عليهم.
وتوجت التحقيقات بالقبض على أربعة عناصر أمنية شهر يونيو الماضي، وذلك بعد العودة إلى التسجيلات التي كشفت عن فظاعات تجري داخل أسوار مقر الأمن موضوع التحقيق. كما تم توجيه التهمة لثلاثون رجل أمن آخر على علاقة بنفس القضية منهم مسؤولون من مختلف الرتب الأمنية.
وظلت التسجيلات الصوتية التي تدين رجال الكربينييري سرية وبيد القضاء، لكن أحد القنوات التلفزية تمكنت من كشف فحوى بعضها.
ونشر برنامج تلفزي بعنوان “بياتسا بوليتا (الساحة النظيفة)”، تحقيقاً بثته قناة “لا 7” ليلة أمس الخميس، تسجيلات صادمة لأفراد الأمن وهم يتحدثون عن المغاربة ويصفونهم بأقدح النعوت.
وتمكن الفريق الذي أنجز البرنامج من الوصول إلى اثنين من رجال الكربينييري الذين وجهت لهم تهم تتعلق بالشطط في استعمال السلطة والتعذيب، وعند محاورة أحدهما واجه الصحفية بوصف المغاربة بكونهم “كذابين منذ ولادتهم”، وبأن ما يجري في عروقهم هو “السم” وليس “الدم”. وأكد الأمني ذاته أن التعامل بصرامة معهم ليس وليد اليوم، بل أنه مسألة عادية في كل مقرات الأمن.
وتمكن طاقم البرنامج من الحصول، حصرياً، على تسجيل صوتي لما جرى عند القبض على أحد المهاجرين المغاربة المتهمين بالتجارة في المخدرات، وأثبت التسجيل صحة الشكايات التي رفعها مغاربة بهذا الخصوص وأبرز الانتهاكات الخطيرة التي يتعرضون لها.
وفي التسجيل يصرخ رجل الأمن طالباً من المغربي كشف المكان الذي يخبىء فيه ميزان (يفترض أنه يستعمل لوزن المخدرات)، لكن الضحية ينفي الأمر فيلجأ الأمني إلى صعقه بالكهرباء، وتسمع الصعقة حتى من التسجيل، ثم يشرع المواطن المغربي في الصراخ.
ويواصل الأمنيون التنكيل به وتهديده ووصفه بنعوت عنصرية وقدحية، في خرق سافرٍ لحقوق الانسان.
وكشف التحقيق أيضاً تعليقات فيسبوكية عنصرية وخطيرة لعناصر أمنية متابعة في هذه القضية تؤكد أنهم ينتهكون القانون ويعتدون بشكل غير قانوني على الأشخاص المقبوض عليهم.
