أخبار عاجلة
الرئيسية / منوعات / أيها العالم: إستمع لأصوات شباب العراق.. بمناسبة مرور عام على اندلاع ثورة أكتوبر في العراق

أيها العالم: إستمع لأصوات شباب العراق.. بمناسبة مرور عام على اندلاع ثورة أكتوبر في العراق

مركز جنيف الدولي للعدالة

جنيف- مضى عام على بدء الاحتجاجات التي عمّت مدن العراق منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر2019، ولا يزال الشعب العراقي يواصل نضاله من أجل التغيير الجذري وتحقيق العدالة. واليوم، جدّد المتظاهرون في عموم مدن العراق إصرارهم على مواصلة الاحتجاج لحين تحقيق مطالبهم.
ولم تكن هذه المظاهرات هي الأولى من نوعها في العراق، فقبل عام 2019، إندلعت إحتجاجات كثيرة تركزت مطالب المتظاهرين فيها على قضايا محدّدة. منها ما كان يتركّز٧ على الإفراج عن المعتقلين تعسفياً، تفشي التعذيب داخل السجون، حظر عقوبة الإعدام، وبأن تقدّم الحكومة معلومات لعائلات المختفين الذين تم اعتقالهم في السنوات السابقة. كما كان التهجير القسري، والفساد المستشري، ونقص الخدمات الأساسية وفرص العمل، وسوء الأحوال المعيشية، وغياب مساءلة المسؤولين الحكوميين عن الخدمات العامة السيئة واستغلالهم لثروة العراق، حافزًا لإحتجاجاتٍ ولمظاهراتٍ واسعة في جميع أنحاء البلاد.

لكنّ مظاهرات الأول من تشرين الأول/ أكتوبر2019، أحدثت تغييراً جوهرياً في المطالب. فقد أصبح من صميم هذه المطالب، تفكيك نظام الحكم الطائفي في العراق، والذي يقوم على التمييّز بحسب المحاصّصة العرقية والطائفيّة. وبدلاً من ذلك، طوّر المتظاهرون رؤية مختلفة للعراق بأن يكون وطناً للجميع، بغض النظر عن الخلفيّات العرقية أو الدينية أو الطائفيّة، والانتقال إلى نظامٍ سياسي ديمقراطي حقيقي ومستدام. وبما أن المتظاهرين يطالبون بتغييرٍ جذريٍ في النظام برمّته، إستمرت التظاهرات رغم تغيير رؤساء الوزراء والمسؤولين الحكوميين.
وارتفع سقف المطالب أيضاً إلى ضرورة خلوّ أيّ حكومة مستقبليّة من أيّ مسؤولٍ شارك في نظام الحكم المحاصصي منذ عام 2003 (وزراء، قادة ميليشيات، أعضاء مجلس نوّاب، محافظون، إلخ)، لأنّهم جميعاً متّهمون بإرتكاب إنتهاكاتٍ جسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها القتل والتعذيب وإدارة شبكات الفساد التي ادّت الى نهب ثروات العراق وموارده. والبعض منهم متّهم بإدارة شبكات المتاجرة بالبشر والمخدّرات، وهو ما يتطلّب إزاحتهم جميعاً عن السلطة ومحاسبتهم، وبعكس ذلك فأنّهم سيستمرّون في الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والفساد في العراق.

لقد شهد العالم أجمع كيف تعاملت أجهزة السلطة الرسمية وغير الرسمية في العراق مع تظاهرات إكتوبر عام 2019 وكيف مورست إنتهاكاتٍ جسيمة وعلنية لحقوق الإنسان بحقّ المتظاهرين السلميين، لكن هذه التظاهرات ورغم الخسائر البشرية الكبيرة التي تعرّض لها الشباب العراقي المُطالب بحقوقه القانونية والدستورية بالعيش الكريم، إستمرّت وأنتشرت لتشكل قوى ضاغطة تجاه أرباب الحكم المحاصصي في العراق .

وعلى الرغم من تفشي جائحة كورونا، فقد إستمرّت المظاهرات، وأثبت المتظاهرون أنّهم قادرون على مواجهة التحدّيات الكبرى لإنهم يؤمنون بعدالة قضيتهم وحتمية التغيير في بلدهم لصالح الحرّية والديمقراطية الحقة؛ لكنهم كانوا، ومازالوا بدرجة متقدّمة من الوعي حيث تمّ اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على التباعد الإجتماعي وإلتزام التعليمات الصحيّة للوقاية من فيروس كرونا ومنع إنتشاره.

ومنذ اللحظات الأولى لإندلاع التظاهرات العراقية في إكتوبر عام 2019، حرص مركز جنيف الدولي للعدالة، وهو منظمّة دوليّة غير حكوميّة، على توثيق الإنتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان ضدّ المتظاهرين السلميين، وإبلاغ الجهات الدوليّة المعنيّة بها، داعياً الى توفير الحماية لهم ومحاسبة مرتكبي الجرائم والتجاوزات بحقّهم. وعلى الرغم من بعض المواقف الإيجابية التي أعلنتها الأمم المتحدّة بهذا الصدد، إلاّ أن المركز يؤكدّ دائماً أنّ تراخي أجهزة الأمم المتحدّة عن العمل الجادّ لوقف الإنتهاكات في العراق هو الذي شجّع مرتكبي تلك الانتهاكات، ليس فقط على مواصلة الانتهاكات، بل وعلى تصعيدها أيضاً.
ولذلك، يكرّر المركز بإستمرار دعوته لإنشاء لجنة تحقيق دوليّة مستقلّة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وصولاً إلى محاسبة جميع الجناة وتحقيق العدالة للضحايا.
وبمناسبة مرور عام على إنطلاق ثورة شباب العراق، في الأول من إكتوبر/ تشرين الأول 2019، يطالب مركز جنيف الدولي للعدالة، المجتمع الدولي بالإنصات إلى أصوات جيل الشباب العراقي وأن يتفهم دعواتهم إلى التغيير. فكلّ ما يطالبون به هو مستقبلٍ أفضل يستطيعون أنّ يحقّقوا فيه أحلامهم وطموحاتهم التي سحقتها أحزاب السلطة الطائفيّة طوال 17 عامًا الماضيّة، وأن يتمتع بلدهم بالحرّية والسيادة والشفافية.

إن شباب العراق الذي نشأ خلال الفترة الممتدة من 2003م حتى الآن، دون تعليمٍ مناسب، ودون فرص عملٍ للخريجين منهم، ودون توفير الإحتياجات والخدمات الأساسيّة، بلّ دون أيّ أملٍ بالمستقبل، قدّ قدّم الكثير من التضحيّات، وقد آن الآوان أن يقف المجتمع الدولي إلى جانبه، ويدعم تطلّعاته من أجل حياة ومستقبل أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *