أصبحت حماية حقوق الأقليات في سوريا مطلبا دوليا بعد سيطرة الفصائل المعارضة وسقوط نظام بشار الأسد.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في تصريحات السبت إن دبلوماسيين كبارا من الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي ودول عربية اتفقوا على أن الحكومة الجديدة في سوريا يجب عليها احترام حقوق الأقليات.
تصريحات بلينكن جاءت في أعقاب محادثات استضافتها الأردن، والتي أكد البيان المشترك الصادر عنها على حكومة شاملة تمثل فئات الشعب وتحترم حقوق الأقليات ولا توفر “قاعدة للجماعات الإرهابية”.
وتقود فصائل المعارضة السورية المسلحة، هيئة تحرير الشام والتي كانت تعرف باسم جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، والتي فرض عقوبات دولية عليها، ووضعتها واشنطن في قوائم الإرهاب.
أبرز الطوائف والأقليات التي تعيش في سوريا
وتعيش في سوريا العديد من الأقليات الإثنية والطوائف الدينية على غرار طوائف مسيحية واسماعيلية والطوائف الشيعية، والأكراد والأرمن، والشركس، والأشوريون، وغيرهم.
ووفقا لـ”تقديرات” أميركية رسمية تعود إلى عام 2023 يبلغ عدد سكان سوريا حوالي 24مليون نسمة، بينما نزح أكثر من نصف سكان البلاد مقارنة مع عددهم قبل الحرب، مشيرة إلى أن استمرار النزوح أدى إلى عدم يقين في تقديرات التحليلات الديموغرافية.
وبلغ عدد المسجلين السوريين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في البلدان المجاورة أقل من ستة ملايين لاجئ، ناهيك عن تسجيل نزوح 6.8 مليون شخص في الداخل السوري.
وتشير التقديرات إلى أن 74 في المئة من سكان سوريا هم من المسلمين السنة، وعرقيا “عرب وأكراد وشركس وشيشان، وبعض التركمان، وفقا لتقديرات الحكومة الأميركية.
أما المجموعات المسلمة الأخرى، تضم العلويين والإسماعيليين والشيعة، تشكل مجتمعة 13 في المئة من السكان، بحسب التقديرات الأميركية.
وترجح تقديرات أخرى أن الشيعة، ويتركز العلويون منهم في اللاذقية، يشكلون نحو عشر سكان البلاد الذين بلغ عددهم 23 مليون نسمة قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2011، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وبشأن مكان تواجدهم، يتوزع المسلمون السنة في جميع أنحاء سوريا، بينما يقطن غالبية المسلمين الشيعة في المناطق الريفية، لا سيما في محافظتي إدلب وحلب، أما الشيعة “الاثني عشرية” يعيشون في دمشق وحلب وحمص وما حولها.
ويتواجد أعلى تركيز للمسلمين الإسماعيليين في مدينة السلمية، بمحافظة حماة.
ويشكل الدروز 3 في المئة من إجمالي السكان.
ويقطن الكثير من الدروز منطقة جبل العرب “جبل الدروز” في محافظة السويداء، الواقعة في جنوب البلد، حيث يشكلون غالبية السكان المحليين هناك.
وتشير تقديرات الحكومة الأميركية إلى أن حوالي 10 في المئة من السكان مسيحيين، منوهة إلى وجود تقارير تشير إلى أن العدد أقل من ذلك بكثير ولا يتجاوز الـ 2.5 في المئة.
ومن بين 2.2 مليون مسيحي عاشوا في سوريا قبل الحرب، يقدر أن ما يقرب من ثلثهم فقط، أي حوالي 579 ألف شخصا لم يغادروا البلاد.
وينتمي المسيحيون في سوريا إلى الكنائس الأرثوذكسية المستقلة، أو إلى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، أو إلى كنيسة المشرق الآشورية وغيرها من الكنائس النسطورية المستقلة المنتسبة إليها.
ولا يزال معظمهم يقطنون مدن دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والمناطق المحيطة بها، أو في محافظة الحسكة.
وكان هناك مئات الآلاف من اللاجئين المسيحيين العراقيين قبل اندلاع الحرب، انتقل معظمهم إلى دول مجاورة أو عادوا إلى العراق.
وقبل الحرب كان هناك عدد قليل من السكان اليهود في حلب ودمشق، ويستشهد تقرير نشره موقع السفارة الأميركية الإلكتروني في سوريا بتقرير لصحيفة “جويش كرونيكل” يعود إلى يونيو 2021 بأنه لا يعرف بوجود يهود ما زالوا يعيشون في سوريا.
وكان هناك سكان إيزيديون في سوريا بلغ عددهم حوالي 80 ألف شخصا قبل الحرب الأهلية، وتوزعوا في مدن الحسكة وقراها وحلب وريفها وكذلك عفرين.
وعاش الإيزيديون سابقا في حلب، لكنهم الآن في مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يقودها الأكراد.
و”قسد” التي تسيطر على بعض أكبر حقول النفط في سوريا، هي الفصيل الرئيسي في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش الإرهابي. وتقودها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعة تعدها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض قتالا ضد الدولة التركية لمدة 40 عاما وتحظره أنقرة.
بعدما عانى الأكراد خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طيلة عقود، حرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عدد كبير منهم، استطاعوا خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية، بعدما شكلوا رأس حربة في قتال تنظيم داعش.
تاريخ استهدف الأقليات في سوريا
ومنذ عام 2011 وحتى مطلع 2023 وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال أو إخفاء لما لا يقل عن 156ألف مواطن سوري معظمهم تم إخفاؤهم من قبل نظام بشار الأسد وبقوا في عداد المفقودين.
وكشف تقرير دولي بشأن الحرية الدينية في سوريا صادر في 2021 أن الاستهداف والتهميش لم ينال من الأقليات فقط في سوريا، بل حتى من الأغلبية، إذ رغم وجود أكثرية سنية إلا أن “الأقلية العلوية استمرت في الاحتفاظ بمكانة سياسية رفيعة لا تتناسب مع أعدادها، ولا سيما في المناصب القيادية في الجيش والأجهزة الأمنية”.
وبحسب دراسة أجراها مركز كارنيغي للشرق الأوسط في مارس من 2021 أن “العلويين يشغلون كافة المناصب الأربعين العليا في القوات المسلحة”.
وواصل النظام السوري خلال السنوات الماضية وبدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، في ارتكاب انتهاكات وإساءات عشوائية لحقوق الإنسان ضد المدنيين، ومعاقبة من تتصورهم من المعارضين، وأغلبهم، كما تعكس التركيبة السكانية للبلاد، من المسلمين السنة.