أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / عاش جمال عبد الناصر أيقونة الشعوب

عاش جمال عبد الناصر أيقونة الشعوب

بقلم الدكتور صلاح سلام 

 

مرت منذ أيام ذكرى  مولد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ذو الكاريزما الخاصة التي جعلت قلوب المصريين ومعظم العرب والافارقة يلتفون حوله حتى أصبح ايقونة الشعوب الظامئة إلى الحرية والاستقلال… وفي نفس الوقت تحتفل مصر بمرور خمسين عاما على بناء السد العالي والذي يمثل أهم انجازات عصر عبد الناصر والذي حمى مصر من الفيضانات المدمرة والتي كانت تزيح قرى كاملة من على سطح الأرض ناهيك أنه ظل لسنوات طويلة المصدر الرئيسي للطاقة.. والذي برزت أهميته بعد شروع إثيوبيا في بناء سد النهضة .. بما تم حجزه من مياه الأمطار والتي تكفي مصر لسنوات قادمة وكأنها رسالة الله إلى شعب مصر بأنه مهما تداعت عليك الأمم ستظل عين الله ترعاك..والحقيقة التي لا تقبل التأويل أن عبد الناصر يعيش في قلوب أجيال عاصرت نجاحاته واخفاقاته وتغنت بأحلامه على راس بستان الاشتراكية.. فقد استطاع الرجل أن يحفر اسمه في قلوب الملايين الذين وفر لهم لقمة عيش شريفة وفرصة عمل ومكان في الجامعات مجانا..عاش بينهم رافعا شعار لاثروة تورث بلا دفع حق الدولة ولا مناصب تورث ولا فقر يورث ايضا اراد ان يحقق العدالة الاجتماعية على قدر ما استطاع سواء بقوانين الإصلاح الزراعي لينهي عبودية الفلاح عند رجال الإقطاع والذين كانوا يمثلون أقل من نصف في المائة من الشعب..  أو باذابة الفوارق بين الطبقات ..الرجل الذي استطاع أن يصمد أمام الضغوط الغربية ليس بصدها فقط بل تدشين جبهة عدم الانحياز في إعلان باندونج ١٩٥٥ من تيتو وهو أحد زعماء شرق أوروبا ونهرو زعيم شبه القارة الهندية ويضم معظم دول العالم الثالث لينشئ جبهة ثالثة بين الاتحاد السوفيتي وصولجانه والولايات المتحدة وغطرستها. ..تصدى للعدوان الثلاثي بعد تأميم قناة السويس والذي شكك فيه المرجفون وقالوا أنه اخطأ في التأميم وكان يمكنه الانتظار عشر سنوات اخرى والحقيقة انها كانت فكرة تراود الملك نفسه ولكنه كان غير قادر على التنفيذ حتى السد العالي كان فكرة من ايام الملكية ولكن الاسرة الحاكمة لم تكن تملك حرية اتخاذ القرار  فمن يقرأ التاريخ بحكمة وانصاف سيجد ذلك في مذكرات المنصفين مثل”مذكرات د.مصطفى الحفناوي” ..ولا يستطيع أي جاحد مهما بلغ حنقه أن ينكر أن مصر بدأت معه ثورة صناعية عاشت عليها وبها مصر حتى أوائل عهد مبارك إلى أن برزت فكرة تصفية القطاع العام وتخريد المصانع وبيعها ذوي المال والنفوذ…ولكن في خضم كل هذه الانجازات في الزراعة والصناعة والتعليم والفن والسينما والمسرح وصدح أم كلثوم ياجمال يامثال الوطنية وكلمات صلاح جاهين وصورة كلنا كدة عايزين صورة لعبد الحليم  قولنا هنبنى وادى احنا بنينا السد العالى كلمات : احمد شفيق كامل الحان كمال الطويل  و عودة الروح لتوفيق الحكيم والفتى مهران ..وفي عز الحلم وبينما تزدهر الثورة الثقافية ويقدم محمود مرسي فيلم شئ من الخوف ويمنع من العرض حيث يحمل بعض النقد ويراه عبد الناصر ويسمح به بمقولته لو كنت عتريس فأنا استحق هذه النهاية..وما ان اشرأبت  اعناقنا بشعار ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد العبودية.. وكان كل من يعيش في عصره يعتبر ناصر ابيه او اخيه الاكبر فاينما وجد ترى الجماهير تزحف لاستقباله بوازع من  المحبة وقدسية الارتباط..إلى أن حانت لحظة المواجهة  والتي تم الشحن لها على الصعيد المعنوي والفني والتكتيكي وهي حرب يونية١٩٦٧ والتي جاءت على عكس ما توقع كل الشعب فبينما كنا نغني  يا ابوخالد ياحبيب الخطوة الجاية في تل أبيب..والراحل أحمد سعيد يملأ الدنيا اننا اسقطنا “كام “طائرة وأننا على مشارف تل أبيب..كنت أرى الطيران الإسرائيلي في سماء العريش ويستهدف القطار الذي كان يقل طلائع من بعض جنود الاحتياط ومن الدول الشقيقة والذي وصل الى محطة العريش ليصبح كومة من الحطام… واستيقظ العالم على هزيمة مفجعة.. وخرج عبد الناصر يعلن مسئوليته ويتنحى عن الحكم لزكريا محي الدين …ولكن هيهات فقد خرجت الجماهير من كل حدب وصوب تقف معه وتصرخ وتبكي في كل شوارع مصر وتزحف إلى منزله تطالبه باستكمال المشوار، وحكى لي سيادة الوزير محمد فايق وقد كان وقتها وزير الإرشاد القومي وقد كان شديد الشبه بزكريا محي الدين أنه كان يحاول الوصول الى الرئيس في منزله في منشية البكري وكانت الجماهير تحتشد وظنوا أنه زكريا محي الدين فاعتدوا عليه ومزقوا ملابسه ولولا الحرس انقذه من بين ايديهم ودخل للرئيس ليقول له شوف حضرتك الرئيس اللي تنازلت له على الحكم ماذا فعلت به الجماهير اظن ده اصدق رد منهم.. فابتسم الرئيس وقال حمدلله بسلامتك… وقيل وقتها وبالتحديد من جماعة الإخوان ان مظاهرات ٩ و١٠يونيو التي خرجت تطالب الرئيس بعدم التنحي كانت بايعاذ من الاتحاد الاشتراكي وهذا مؤكد كان هراء والدليل اننا كنا في العريش تحت القصف وقد تمكنت اسرائيل من المدينة تماما ومع ذلك خرج الرجال والنساء والشباب الى الشوارع يبكون واتذكر جيدا امي وهي تنتحب وكأن زوجها رحل اليوم وبرغم ان اخوتي من رجال القوات المسلحة ولم نطمئن عليهم بعد اهم احياء ام اموات الا انه كان عبد الناصر هو الأهم فهو الأب والابن والسند هكذا قالت…ويظل الرجل أمل الملايين فبرغم كلمات الأبنودي الحزينة في عدى النهار والمغربية جاية تتخفى ورا ضل الشجر وعشان نتوه في السكة شالت من ليالينا القمر..تأتي معركة رأس العش وشدوان ومعركة سلاح الجو بالمنصورة  وتدمير الرصيف والمدمرة ايلات وحرب الاستنزاف وبناء حائط الصواريخ وإسقاط أسراب الفانتوم وطلب اسرائيل وقف اطلاق النار بعد ان زادت خسائرها  في حرب الاستنزاف المجيدة والتي استمرت حوالي عامين وتقدم امريكا مبادرة روجرز للسلام لتنقذ  حليفتها ونقبلها ولكن…يعود العرب الى خلافاتهم والصراع الفلسطيني الأردني  وأيلول الأسود وبداية الشقاق العربي العربي ويقف البطل والزعيم لرأب الصدع  في قمة عربية انتهت بالاتفاق ووقف الدم ولكن يبدو ان روحه الطاهرة لم تعد تتحمل المزيد ففاضت الى بارئها في مساء نفس اليوم وبعد وداع اخر زعيم وهو امير الكويت.. تنعيه كل اذاعات العالم والعدو قبل الصديق وإذا كانت مقولة الإمام أحمد ابن حنبل في مواجهة أهل البدع”بيننا وبينكم الجنائز”كدليل على محبة الناس والتي هي من محبة الله سبحانه وتعالى فقد كانت ومازالت جنازة عبد الناصر هي اكبر جنازة في التاريخ…فسلام عليك يوم مولدك وفي ذكراك..وستظل في قلوب محبيك رغم انف الحاقدين..وكلمتي الاخيرة لأبناء هذا الجيل قد يختلفون كثيرا مع عبد الناصر وعصره وهذا أمر طبيعي فلا يمكن أن نحكم على الرجل وعصره وقد فات على وفاته نصف قرن بنفس معايير اليوم بما يحمل من ادوات ومفردات وتكنولوجيا  وعلوم  ومفاهيم مختلفة تماما فكل وقت وله أذان..  ببساطة لا يمكن أن يغني عبد المطلب  وعبد الوهاب في زمن تامر حسني وعمرو دياب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *