بقلم : عادل صدام السويدي
تكتسب القضية العربية الأحوازية يوماً بعد يوم المزيد من الأنصار والمتحمسين والمؤمنين بالوقوف معها، وخصوصا في القرن الواحد والعشرين. ولم يكن السبب الكامن في صعود الحركة الوطنية الأحوازية ونشاطاتها، السياسية والوطنية المتعددة فقط، بل تراجُعْ المشروع الصفوي الفارسي وبروز شيخوخته الواضحة ونفاد طاقته التفتيتية، فكل فردٍ ومفكرٍ وحزبٍ وجهةٍ أكاديميةٍ ترى وتتلمس مستوى هذا التراجُع الايراني والتقهقر في مختلف الساحات، في الداخل وفي الخارج، الأمر الذي يشير الى حالة سياسية استراتيجية كانت ـ واليوم برزت بشكل أكبرـ تؤشر لمرحلة الأزمة السياسية العامة التي لا تقبل الحلول الترقيعية ولا العلاج الجزئي لها.
وقد يُعد تراجع المشاريع التفريسية “الطائفية” في الساحات العربية هي من أهم ملامح أزمة الإحتلال الايراني، خارجيا، كما هو الشأن لحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن وبروز الاقتتال الداخلي فيما بينها، والخلايا الطائفية في الخليج العربي وامتشاق السلاح لدى المنظمات التابعة لايران في العراق ولجوءها الى الاقتتال والإغتيال والاعتقال والتهديد، رغم تدخل ايران المكشوف في الشؤون العراقية بشكل واضح وفج، لذلك فإنها ـ اي ايران ـ تصرخ من أوجاعها وتحاول العربدة والمزايدة بكلامها وافعالها الخائبة.
المدخل الاستراتيجي الأحوازي الجديد المتمثل في يوم السبت العظيم المؤرخ 22 ايلول/سبتمبر 2018
إن تصاعد الحركة الكفاحية الأحوازية بشكل غير مسبوق والتخطيط الدقيق لفتح ثغرة استراتيجية كبرى في منظومة الأمن الدفاعي والعسكري الايراني وذلك من خلال العملية البطولية التي برزت بالهجوم المباغت والدقيق للمقاومين الأحوازيين التي جرت احداثها يوم السبت الموافق 22 سبتمبر/ايلول 2018، انعكست بشكل واسع وهائل على المزاج الجماهيري الأحوازي والميل الموضوعي للعنف الثوري، مما أفزع وأرعب الإحتلال وأعوانه، وهو ما أدى سريعا، على المستوى الوطني، وعلى المستوى القومي العربي، برفع المعنويات العالية عند العموم حول قدرة هذا المارد العروبي الأحوازي الجسور، وهو ما جعل سلطات الاحتلال تعيش حالة من الصدمة والتخبط.
وسعياً منها على أن لا يتسع هذا المزاج الجماهيري المشحون بالمعنويات العالية، أقدمت على عدة افعال فوضوية سريعة بهدف تبديل تلك الأجواء المضادة لها، الى أجواء رعب وارهاب مضادة للمزاج الوطني الأحوازي الذي استوعب بسرعة فائقة المعنى الاستراتيجي بتلك الضربة وتأثيرها السلبي الكبير على معنويات آلاف القادة والجنود التابعين للحرس الثوري الايراني الذي ضُرٍبَ بالصميم بمقتل، الأمر الذي جعلهم يلوذون كالفئران في مخابيء مجاري الصرف الصحي كما جاء بالصوت والصورة ومن قلب الحدث ليفضح تلك المؤسسة العسكرية الايرانية التي لطالما ارعبت الكثير من الدول الإقليمية بافعالها الارهابية.
التداعيات الهستيرية الايرانية..
فشل يعقبه فشل
وبعد العمل البطولي الذي جرت احداثه بتاريخ 22 سبتمبر، وهو ما يعنينا هنا في لوحة الصراع التي تقودها الحركة الوطنية والجماهيرية الأحوازية المبدئية ضد المحتل الفارسي الطائفي الغاصب، بدأت ردود الفعل الهزيلة والضعيفة عند صانع القرار الايراني تبان هشاشته من خلال ردود الغضب والارباك في شكل وفعل والناطقين باسم الجهاز الامني الايراني كتداعيات ملحقة بذلك الفعل الاسترتيجي المحمود ليوم السبت العظيم.
أولاً: منذ تصاعد الحملة العالمية، الاقتصادية والسياسية والأمنية، ضد ايران الملالي الارهابية والتي تقودها الولايات المتحدة الامريكية ورئيسها الجديد دونالد ترامب، أدى ذلك الى امور عديدة بدت شاخصة ومزلزلة للنظام وبنية الدولة الايرانية، وربما كانت من اوائل الأمور التي ماتزال ترهق النظام وبنيته الامنية، هو الاستهداف الامريكي للاقتصاد الايراني، والانهيار السريع والمتلاحق للعملة الايرانية (التومان)، فقد شهدت العملة تراجعات غير مسبوقة، ثم تلتها الاحتجاجات الشعبية في مدن فارسية مهمة، ليس اولها شيراز وطهران وتبريز، بل إمتدت للمناطق التابعة للشعوب غير الفارسية في بلوشستان والأحواز وكردستان، فكانت المعالجات الأمنية والمطاردة والاعتقال والسجون ضد الجماهير الغاضبة على النظام وافعاله الارهابية من ضمن الأفعال المتوقعة في حسابات تلك الجماهير.
ثانياً: وكانت ثاني تلك التداعيات، برزت عبر الاعتقالات الواسعة التي انطلقت باتجاه عموم المناطق والقرى الاحوازية منذ اليوم الاول للعملية البطولية في يوم السبت، فاتجهت اولا لأسر المقاومين الشهداء لتتسع الى الاصدقاء ثم الى الشباب العربي المعروف بمناوئتهم للاحتلال بمواقفهم المعروفة مجتمعيا.
ثالثاً: ثم كانت ردة الفعل الايرانية المرتبكة عبر اطلاق 7 صواريخ ايرانية من مدينة كرمانشاه باتجاه دير الزور السورية، رداً مرتبكاً على هجوم ابطال الأحواز على حرسهم الثوري، فقد أطلقت ايران 7 صواريخ تحت اسماء “قيام 1″ و”ذو الفقار” باتجاه الأراضي السورية فجر الاثنين الموافق الأول من أكتوبر العام 2018، اي بعد 9 ايام من عملية الأحواز، إلا أن اثنان من الصواريخ سقطا في كرمانشاه نفسها بعد لحظات من انطلاقهما من منصاتها، الأمر الذي أكد صحة الفعل الأحوازي المقاوم في (22 سبتمبر ايلول) الذي اراد ايصال الرسالة للعالم أجمع في (كشف الثغرة الاستراتيجية في منظومة السلاح والقدرة العسكرية لما يسمى بالحرس الثوري الايراني)، ونستطيع أن نقول بكل قدرة واعتزاز وأن نعتبر ذلك فضيحة جديدة تضرب القدرات العسكرية للحرس الثوري.
رابعاً: وتوثيقا لتداعيات ذلك الفعل الاستراتيجي الاحوازي، فقد جرى عمل امني ايراني فاشل يوم الثلاثاء الموافق 30 اكتوبر 2018 على الصعيد الاوروبي، وما تزال تداعياته تتفاعل وتتسع على الصعيد الوطني والاقليمي والعالمي وبشكل لم يسبقه مثيل، وكانت من نتائجه الهامة على الصعيد الوطني الأحوازي هو ابراز القضية الوطنية الأحوازية على مستوى الإهتمام العالمي ولأول مرة بهذا الشكل غير المتوقع، وكانت له تبعات منذ استهداف أحد القيادات الأحوازية المعروفة وهو قائد حركة النضال العربي لتحرير الأحواز ومؤسسها الشهيد (أحمد مولى) الذي تم استهدافه برصاص الجهاز الأمني الايراني في يوم الأربعاء الموافق 08/ 11 / 2017 في العام السابق، وتبعتها تحركات امنية سرية لما يسمى بالحرس الثوري الايراني عبر سفاراتهم في اوروبا وفي العالم، وكان هذا الجهاز السري (ساواما) يقوم برصد تحركات أغلب القوى القياداية والمؤثرة بالساحة الأحوازية من الأحوازيين، وخصوصا رصد قيادات احدى أهم المنظمات الأحوازية الفاعلة، وهي حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، وبعد تصفية قائد الحركة ورئيسها (احمد مولى) عبر توجيه ثلاث رصاصات على رأسه أمام منزله وفي وضح النهار بهولندا، بدأت اعمال السفارات الايرانية وفرعها الأمني التصفوي يسير بدون هوادة لتصفية الاخرين في الحركة، وكان المسعى الثاني قد تم بعد اسابيع واشهر قليلة من حادثة هولندا، وكان المستهدف الثاني هو ابن عم الشهيد احمد مولى، ولكن هذه المرة في الدانمارك عبر استهداف المناضل عادل صدام النيسي، وتم احباط العميلة الفاشلة لأسباب تتعلق بوعي الجهاز الامني الدانماركي المسبق بهذه الشخصية الأحوازية المطلوبة لايران، وشخصيات اخرى في الدانمارك وهولندا تحديداً.
الاستنتاج :
اذن يمكننا الاستخلاص بما يتعلق بقضيتنا الوطنية الأحوازية أن أزمة الإحتلال الايراني العامة تجري اليوم ـ وبالتوازي ـ لصالح مجتمعنا العربي الأحوازي وفي صالح قضيتنا العربية الأحوازية من الناحية السياسية الستراتيجية، وحتى على الصعيد الإعلامي على وجه الخصوص، وبهذا الشكل غير المتوقع اقليميا وعالميا، وليس غريباً كذلك أن يستعِرْ الأعداء من بروز قضيتنا العربية الأحوازية حتى على يد بعض ممثلي الشعوب غير الفارسية المحتلة اراضيها من الكيان الايراني مثل ابطال جيش العدل البلوشي الذي اختطف 14 عنصراً قياديا وجنودا تابعين لما يسمى بالحرس الثوري منذ تاريخ 16 اكتوبر 2018 في عمل بطولي اخر يستهدف الامن العسكري الايراني بالصميم، مما يعني أن هذا النظام وكيانه الامني والعسكري باتا مكشوفين وستتكرر عمليات استهدافه السهلة على يد الأبطال المقاومين في الأحواز وبلوشستان وكردستان وغيرهم.
اننا على ثقة تامة ومؤكدة على أن شعبنا وقواه المقاومة ومعهما جماهير امتنا العربية وشرفاء العالم أجمع سيتصدون لكل محاولات النيل من تطلعاتنا الوطنية والعروبية والقانونية لنيل الحرية والاستقلال السياسي الناجز، ولن يستطيع هذا الاحتلال الفاشي والطائفي للنيل من حقوق شعبنا على كل المستويات، وسيواصل ابناء وبنات شعبنا كفاحهم الوطني الشامل ضد هذا العدو الايراني الارهابي، ولا خيار امام شعبنا وطلائعه الثورية إلّا خيار التصدي والصمود والمواجهة واستمرار النضال، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإننا نطالب هيئة الأمم المتحدة، والإتحاد الاوروبي، وكل المنظمات الانسانية لتقف صفاً واحداً ضد العدوانية الايرانية المتمثلة ب:
الارهاب الايراني الذي يسعى لزعزعة الدول الإقليمية واوروبا ودول أخرى في العالم، ونناشد الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الحقوقية فيها بمطاردة الارهاب الايراني وادواته المسعورة، وذلك عبر طرد عناصر الارهاب والشر الايرانية التي تتخذ من ستار (الدبلوماسية) وسائل لأخفاء أعمالها الارهابية فيجب مطاردتهم وغلق سفاراتهم. كما نناشد محكمة العدل الدولية في لاهاي الهولندية، بإتخاذ إجراءاتها الردعية ضد الدولة الفارسية الإرهابية، خاصة أن المحكمة مسؤولة ـ ماديا ومعنويا ـ عن كل ضحايا النضال الانساني من اجل العدالة، ومنهم المناضل الشهيد احمد مولى الذي استشهد برصاص الارهاب الايراني بالقرب من محكمتكم، والادلة الملموسة بين ايدي الشرطة والجهاز الأمني الهولندي، وأن كل الإدعاءات الايرانية حول عدم ارتكابها للارهاب وقتل المناوئين والمقاومين لها انما هي محاولات موبوءة للتغطية على جرائمهم بدعم الارهابيين في كل العالم.