قدرت مصادر كنسية فى شمال سيناء عدد الجرائم التى تعرض لها أقباط شمال سيناء منذ ثورة يناير وحتى الآن بما يزيد على 200 واقعة اعتداء ما بين خطف وقتل وتهجير وحرق الكنائس والممتلكات والأراضى، ويبدو أن هزائم الجماعات الإرهابية وانتصارات الجيش فى معارك جبل الحلال جعلت الإرهابيين يلقون بورقتهم الأخيرة ويلعبون بدم الأقباط.
ووصفت المصادر ما يحدث للأقباط فى سيناء بالكارثى، وقالت: «وصل بنا الحال لتغيير مواعيد الصلاة حتى يتسنى توفير قوات الأمن التى تحمى المصلين».
فى العريش 450 أسرة مسيحية، تقيم بالقرب من مسرى العائلة المقدسة التى قطعت شمال سيناء وهى فى رحلة دخولها مصر قبل 2017 عاماً.. فى شمال سيناء 5 كنائس تضم كنيسة العائلة المقدسة برفح، وكنيسة مارمينا الشهيد، بالمساعيد، وكنيسة العذراء مريم والملاك ميخائيل، بالعريش، وكنيسة مارجرجس، العريش، وخدمة كاهن عام فى إيبراشية سيناء الشمالية.
والتربص بكنائس سيناء ليس وليد اليوم ولكنه كان حاضراً بشكل أقل حدة،
فقبل اندلاع ثورة يناير 2011 وبالتحديد فى 7 يناير 2011 تم ضبط سيارة تحمل أطناناً من المتفجرات قبل تفجيرها فى محيط كنيسة العائلة المقدسة فى رفح.
وفى عام حكم الإخوان عاش أقباط شمال سيناء العذاب ألواناً، فتم تدمير كنيسة مارجرجس برفح وسرقة كل محتوياتها، ثم هدم أجزاء كبيرة من مبانيها، وأيضاً تم الاعتداء على كنيسة مارجرجس بوسط العريش.
وبعد ثورة 30 يونيه 2013، تعرضت كنائس شمال سيناء لدوامات لا تنتهى من الاعتداءات وصار الأقباط هدفاً رئيسياً للإرهابيين.. ومنذ ذلك الحين بدأ نهر الدم القبطى فى سيناء يجرى.. وكانت أول الدماء المراقة هى دماء الكاهن مينا عبود شاروبيم، كاهن كنيسة مارمينا والبابا كيرلس بالمساعيد الذى تم اغتياله بإطلاق الرصاص أمام الكنيسة، فمات على الفور.
ولم تمض 3 أيام فقط على هذه الحادثة تم خطف المواطن مجدى لمعى، وطلبوا فدية كبيرة لإطلاق سراحه، وقبل أن تدبر أسرته الفدية ذبحه الإرهابيون وفصلوا رأسه عن جسده، وألقوا جثمانه على الطريق.
وبعد «لمعى» جاء الدور على الشاب «هانى سمير» الذى أطلق عليه ملثمون كانوا يستقلون دراجة بخارية سيلاً من الرصاص من قبل أشخاص ملثمين كانوا يستقلون دراجة بخارية، فمزقوا جسده.
وتواصل جريان نهر الدم القبطى فى سيناء بخطف التاجر «مينا مترى»، وطلب الخاطفون فدية كبيرة لإطلاق سراحه فأسرعت أسرته بتدبير الفدية قبل أن يقتله خاطفوه.
ويبدو أن الإرهابيين استهوتهم عمليات الخطف، فهاجموا الدكتور وديع رمسيس، صاحب أحد المستشفيات الخاصة بالعريش، وأطلقوا الرصاص على سيارته فأصابوه فى ذراعه، ثم اقتادوه لمكان غير معلوم وطلبوا مليون ونصف المليون جنيه مقابل إطلاق سراحه وبعدها خطفوا «تاجر الأسمنت جمال شنودة من أمام محل عمله وطلبوا 10 ملايين جنيه مقابل عدم ذبحه وبالتفاوض تم تخفيض الفدية إلى 300 ألف جنيه فقط.
وكان طبيعياً والحال هكذا أن تفر عشرات الأسر القبطية من شمال سيناء، وبالفعل غادرت 150 أسرة قبطية سيناء وانتقلت إلى محافظات الوادى والدلتا رغم أن الأسر النازحة كانت تقارب ثلث عدد الأسر القبطية فى شمال سيناء، إلا أن الإرهاب واصل جرائمه، وقتله وخطفه للأقباط.
وحسب شهادة موثقة بالصوت والصورة روت «نبيلة فوزى»، إحدى المواطنات الهاربات مع الأسر المسيحية القادمة من العريش للإسماعيلية ما ذاقته وأسرتها على يد الإرهابيين، فقالت إنها فوجئت باثنين ملثمين يقتحمان منزلها وهما يحملان بنادق آلية، وفور فتح نجلها الباب قاما بقتله ودخلا مسرعين داخل المنزل فلقياها وقال لها أحدهما «إنت مسيحية فقالت لهما نعم.. فرد الإرهابى الآخر ومين معاك فى البيت؟.. فقالت زوجى فى الغرفة، وفى ذات اللحظة كان الزوج المسن قد خرج من غرفته ليستطلع ما يحدث فى منزله، وعلى الفور أطلقا النار عليه، فسقط صريعاً ثم سألاعن الذهب فى المنزل، فقالت لهما «نبيلة» لا يوجد سوى خاتم فى يدى وخلعته من يدى وأعطيته لهما، وبعد ذلك أشعلا النار فى المنزل على الجثتين وفرا فى سيارة كانت تنظرهما.
حملت الزوجة المكلومة جثة زوجها وابنها وخرجت من العريش متوجهة إلى الإسماعيلية لدفنهما والإقامة بالقرب من قبريهما.
وتزامن مع هذه الحادثة حوادث إرهابية مماثلة أودت بحياة 5 أقباط آخرين، وعلى الفور كان قرار 38 أسرة قبطية بمغادرة شمال سيناء والانتقال للإقامة فى الإسماعيلية حيث تستضيفهم الكنيسة الإنجيلية.
وأكدت الأسر النازحة أنها تلقت تهديداً بالقتل فيما لو استمرت فى الإقامة فى العريش.
ومن جانبه حذر النائب حسام رفاعى عضو مجلس النواب عن شمال سيناء من التعامل مع الأحداث الأخيرة فى شمال سيناء بمنظور طائفى، وقال لـ«الوفد»: «الإرهاب فى سيناء يستهدف كل المصريين فى سيناء سواء كانوا مسلمين أوأقباطاً، وكم حرقوا وقتلوا مصريين مسلمين وليس أقباطاً فقط».
وأضاف: «النظر لما يجرى فى سيناء بمنظور طائفى لا يصب إلا فى صالح الإرهابيين أنفسهم الذين يسعون منذ سنوات لنشر بذور الفتنة الطائفية، ولهذا يجب أن ننتبه لهذا المأزق الذى يحاولون دفعنا إليه، وعلينا أن ندرك أن الإرهاب يستهدف كل المصريين سيناويين كانوا من أبناء الوادى والدلتا، مسلمين كانوا أو مسيحيين، رجال أمن كانوا أو مدنيين، وهذه هى الحقيقة التى يجب أن نضعها نصب أعيننا».
وعن طرق مواجهة التمدد الإرهابى فى سيناء قال النائب رفاعى: «هناك إجراءات أمنية يجب اتخاذها فوراً، وقد قلت هذا الكلام فى البرلمان، فهناك تحفظات لدى على عدد من الإجراءات الأمنية التى تتم فى سيناء، ويجب فوراً تعديل تلك الإجراءات».
فما اعتبر اللواء محمد نور الدين -مساعد وزير الداخلية الأسبق- الحوادث الأخيرة التى ارتكبها الإرهابيون فى حق الأقباط فى سيناء بأنه لعب بالورقة الأخيرة.. وقال: «بعد عمليات دك جبل الحلال ومطاردة قوات الأمن المصرية الإرهابيين فى آخر معاقلهم، لم يجد الإرهابيون أمامهم سوى اللعب بالورقة الأخيرة، وهى ورقة الفتنة الطائفية، ولهذا كثفوا من عملياتهم ضد الأقباط فى سيناء على أمل إشعال فتنة طائفية فى مصر، وتفتيت وحدة الجبهة الداخلية».
وأضاف: «نفس المخطط حاول الإخوان الإرهابيون تنفيذه فى أغسطس 2013 عندما حرقوا عدداً كبيراً من الكنائس على أمل إشعال فتنة طائفية، ولكن الأقباط كانوا أكثر وطنية، وأكدوا على وطنيتهم وفوتوا على الإخوان الإرهابيين مخططهم الشيطانى، وهو نفس المخطط الذى ينفذه إرهابيو سيناء حالياً، والمتوقع ألا يبتلع الأقباط هذا المخطط، وأن يواجهوه كما فعلوا عندما حرق الإرهابيون كنائسهم فى 2013».